تحاول الصناعة العراقية النهوض من جديد وحجز موقع لها داخل السوق العراقي، رغم كل التحديات والصعوبات التي تواجهها بسبب الازمات التي تمر بها، وتدمير وتهالك البنى التحتية لمصانعها ومعاملها.
واقامت وزارة الصناعة والمعادن العراقية معرضا تحت عنوان "صنع في العراق" يستمر لعدة ايام يهدف لتسليط الضوء على المنتجات المصنعة محليا وتشجيع الانتاج المحلي الذي يقوم بدوره بتوفير العملة الصعبة للبلاد خصوصا وأن العراق يمر في ظروف مالية واقتصادية صعبة بسبب انخفاض أسعار النفط العالمية وجائحة كورونا التي تسببت بشلل اقتصادي عالمي.
وكان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أكد يوم الخمس الماضي خلال افتتاحه للمعرض الذي أقيم على معرض بغداد الدولي عزم حكومته على إعادة الاعتبار للصناعة العراقية، قائلا "إن دعم وحماية الصناعة المحلية شغلت حيزا كبيرا في المنهاج الحكومي".
وأضاف "نعمل حاليا على تهيئة البنى التحتية الضرورية لخلق بيئة ملائمة لإحياء الصناعة العراقية من جديد، ونعول في هذا المسار على الطاقات الشبابية في بلدنا".
ودعا الكاظمي إلى بذل أقصى الجهود من أجل إعادة الاعتبار للصناعة العراقية، والعمل سوية على حمايتها.
ويؤكد وزير الصناعة والمعادن العراقي على أن شعار صنع للعراق الذي رفعه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في برنامجه الحكومي ، يهدف إلى إعادة الثقة بالمنتج العراقي وإعادة رسم السياسة الصناعية بشكل صحيح بسبب تعرض الصناعة ومصانعها ومعاملها للتدمير والأذى خلال العمليات الإرهابية التي تمت في كثير من المناطق.
إحياء الصناعة العراقية
وشدد وزير الصناعة والمعادن العراقي منهل عزيز على إصرار وزارته وبدعم من الحكومة وأعضاء البرلمان على إحياء الصناعة العراقية وإعادة ثقة المواطن العراقي بها.
وقال عزير لوكالة أنباء ((شينخوا)) خلال تجوله اليوم في المعرض " هناك تكاتف وتعاون من كل الوزارات لإحياء الصناعة العراقية، والكل متعاونة وهدفها إعادة ثقة المواطن بالمنتج العراقي وإحياء الصناعة العراقية التي كان لها باع كبير، وكانت تنافس في المنطقة اقليما".
وأضاف "بدأنا بوضع الخطط لإعادة إعمار المصانع، التي دمر بعضها بالكامل، لكن إعادة تأهيلها يحتاج إلى مبالغ طائلة جدا، وبسبب الوضع الاقتصادي الحالي تم اتخاذ قرار في وزارة الصناعة والمعادن للذهاب باتجاه الاستثمار، ونحن الأن نبحث عن مستثمرين حقيقيين قادرين على النهوض بهذه الصناعة وجلب خطوط انتاج حديثة ومتطورة وتشغيل أيدي عاملة عراقية لإعادة إحياء هذه المصانع".
وتابع "استطعنا خلال الحكومة الحالية رسم خطة حقيقية لإعادة إحياء المصانع العراقية، على ثلاث مراحل، قصيرة ومتوسطة وبعيدة، القصيرة مدتها سنة استطعنا من خلالها افتتاح وإعادة إحياء 12 مصنعا، ونحن ماضون لافتتاح خمسة أو ستة مصانع مقرر أن تنجز خلال فترة عام من عمر هذه الحكومة، أما الفترة المتوسطة فهي مرسومة بشكل دقيق للحكومات التي تلينا حكومتنا بعد الانتخابات".
وعن التحديات التي تواجه الصناعة العراقية أجاب عزيز "التحديات الحقيقية هي إغراق السوق بمنتجات رخصية الثمن لكنها قليلة الكفاءة بسبب عدم وجود رقابة كبيرة على المنافذ الحدودية، فضلا عن ارتفاع أسعار الوقود ، وارتفاع اسعار بعض المواد الأولية، وكذلك قلة الانتاج بسبب تقادم المعامل والمصانع".
ودعا إلى الاعتماد على القطاع الخاص وتشجيعه ودعمه وتشجيع المستثمرين، وخلق بيئة حقيقية جاذبة للاستثمار للنهوض بالصناعة العراقية.
وتضمن المعرض عرض منتجات قامت بإنتاجها شركات وزارة الصناعة، تنوعت بين الأجهزة الكهربائية والآلات الزراعية والمحولات الكهربائية والأجهزة المنزلية والصناعات البتروكيمياوية، والصناعات الغذائية والملابس والسجاد، والمعقمات والصابون وغيرها من الصناعات المحلية.
من جانبه قال عزيز ناظم عبد مدير عام التنمية الصناعية في وزارة الصناعة والمعادن "إن المديرية العامة للتنمية الصناعية تدعم القطاع الخاص في تأسيس مشاريعهم ومصانعهم، ولديها مبادرة لتشغيل الشباب أطلقت بتوجيه رئيس الوزراء، ودعم من وزير الصناعة والمعادن، وهذه المبادرة تتضمن قيام الخريجين بإنشاء معاملهم ومشاريعهم الصغيرة، ونقوم بتوفير الدعم الكامل وحتى القروض وبالتالي المساهمة في القضاء على البطالة بنسبة معينة".
وأضاف" أن الوزارة أعدت خطة واسعة لتطوير الصناعة العراقية تقوم على دعم الوزارات الأخرى من خلال شراء المنتجات التي تنتجها وزارة الصناعة، ودعم منتجات القطاع الخاص".
وأكد أن الصناعيين العراقيين استشعروا خلال هذه الفترة أنه بالإمكان إنتاج سلع محلية ذات مواصفات عالية والاستفادة من قانون حماية المنتج الوطني، الذي يمنع استيراد السلع التي بالإمكان صناعتها محليا، مبينا أن العديد من المعامل في القطاع الخاص والعام نجحت في توفير سلع محلية والاستغناء عن الاستيراد.
وتدهورت الصناعة العراقية بعد عام 2003 نتيجة الحرب، والعمليات الإرهابية والفساد وغياب الخطط العملية للنهوض بواقع هذه الصناعة التي كانت تنافس مثيلاتها في المنطقة.
الاستفادة من التجربة الصينية
يسعى العراق للاستفادة من التجربة الصينية الرائدة في الصناعة من أجل تطوير صناعته وإعادة عجلة الإنتاج العراقي إلى الدوران.
وقال وزيرالصناعة منهل عزيز " الصين بلد عظيم اعتمد على فكرة الصناعة الصغيرة والمتوسطة في نهضة صناعية كبيرة، ومن الضروري الاستفادة من هذه التجربة بكل إمكانياتها وبناء علاقة وطيدة مع الصين من أجل التعاون والعمل ونقل هذه التجربة للاستفادة منها في إعادة إحياء الصناعة العراقية".
وأضاف "أن الصين بدأت في المشاريع الصغيرة والمتوسطة وما زالت الحكومة تدعم هذه المشاريع، ونحن بأمس الحاجة لأن نقلد هذه التجربة ونجلبها إلى بلدنا لغرض إعادة إحياء الصناعة في العراق".
وتابع "من المهم جدا أن ننفتح على كل دول العالم وبالذات الصين، وهناك تعاون كبير مع الصين، لكن بالتأكيد التجربة الصينية تجربة كبيرة نحتاج أن نستفاد منها ونتعاون معها بكل الطرق لإعادة إحياء الصناعة العراقية".
وفي صورة أخرى من صور الاستفادة من التجربة الصينية، في العراق عرض في إحدى ساحات المعرض مدفع كبير للتعقيم استخدم لتعقيم البنايات الكبيرة ضد فيروس كوفيد-19، استطاعت كوادر عراقية من صناعته بعد أن شاهدوا صوره في الصين وهي تستخدمه للحد من انتشار جائحة كورونا.
وقال المهندس ناصر شعلان من الشركة العامة للصناعات الهيدروليكية "في بداية ظهور جائحة كورونا شاهدنا صورة هذا المدفع الذي استخدمته الصين لتعقيم المباني، فقررنا أن نعمل مثله في العراق ، وتمكنا من صناعته خلال سبعة أيام، وقمنا باستخدامه في بغداد وبقية المحافظات العراقية للحد من انتشار جائحة كورونا".
وخلص شعلان إلى القول "أن العراق يمتلك خبرات وكفاءات وإمكانيات كثيرة ، وهو يحتاج فقط للدعم والمساندة وفسح المجال أمام الخبرات والاطلاع على التجارب الناجحة لتطوير صناعته".