أوصت دراسة بحثية مهمة حملت عنوان " القضية الفلسطينية في ظل الأزمات الإقليمية و المتغيرات الدولية 2010-2020" بضرورة، تفعيل لجنة صياغة الدستور الفلسطيني، وإعادة كتابته لمواكبة التطورات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية.
وأشار الباحث الفلسطيني الدكتور حسن دراوشة في دراسته التي نوقشت يوم السبت الموافق 23 يناير 2021 ، بجامعة " الحسن الثاني " في المغرب ، بحضور نخبة من اساتذة الجامعات والمختصين والسياسيين وسط أجواء من النقاش السياسي المعمق الى ان لجنة صياغة دستور دولة فلسطين تم تشكيلها من مجموعة من القانونيين والسياسيين بهدف صياغة مسودة دستور الدولة، حيث تم الانتهاء من وضع المسودة في شهر أيار عام 2016، إلا أن اللجنة ما زالت تجتمع من أجل العمل على صياغة دستور نهائي تشارك فيه مختلف مكونات الشعب الفلسطيني، قبل ان تتم المصادقة عليه.
وقدمت الدراسة البحثية معطيات مهمة تشير الى أن الشعب الفلسطيني فيه أكبر عددٍ من حملة شهادة الدكتوراه والماجستير في كافة التخصصات مقارنة بعدد السكان، وبالتالي فان التوصية تمثلت بضرورة التركيز على الجيل الشاب وإخراج قيادات من الصف الثاني إلى الصف الأول؛ لتغير الأفكار والمناهج النضالية، وتبني فكرة تدافع الأجيال؛ من أجل الوصول إلى أفكار بناءة.
كما أوصت الدراسة بضرورة إعادة فتح الحوار مع الشعوب العربية، والقيادات السياسية لتنبيه الشعوب من خطر التطبيع الإسرائيلي العربي، خاصة أن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ادعى في أكثر من مناسبة أن التطبيع العربي الإسرائيلي سيحقق الرخاء الاقتصادي لإسرائيل، وسيجني مليارات الدولارات لها.
وتطرقت الدراسة الى موقف دولة الامارات العربية المتحدة عقب تطبيعها مع إسرائيل تحت رعاية أمريكية، حيث قالت ان التطبيع أوقف خطة الضم الإسرائيلية، الأمر الذي اعتبرته القيادة الفلسطينية طعنة في الظهر، ومخالفة واضحة لمبادرة السلام العربية التي تقوم على مبدأ السلام بين إسرائيل والدول العربية مقابل الاعتراف بالحقوق العربية وعلى رأسها، إعطاء الفلسطينيين دولتهم على حدود عام 1967 والجولان المحتل، حيث وصفت القيادة الفلسطينية هذه الخطوة بالضربة القاتلة للشعب الفلسطيني.
وتطرقت الدراسة كذلك الى زيادة توجهات الشعب الإسرائيلي نحو اليمين المتطرف ، حيث أستعرض الباحث دراوشة الخطط الإسرائيلية لتصفية القضية الفلسطينية على الارض (..) مشيرا الى أن إسرائيل وإن أوقفت خطة الضم لاعتبارات عسكرية أو اقتصادية أو سياسية حالية ، إلا أنها بكل تأكيد سوف تستمر في خطتها المعتمدة على قاعدة مصادرة الكثير من الأراضي وتخفيف عدد السكان الفلسطينيين بكل الطرق ، سواء بتشجيع هجرة الشباب الفلسطيني ، بسبب انسداد الأفق السياسي ، أو البطالة ، أو عمليات القتل وهدم البيوت التي يمارسها الاحتلال والمستوطنين بشكل يومي.
ودعا معد الدراسة الى ضرورة إثارة هذا الملف إعلاميا وسياسيا لفضح ممارسات الاحتلال ومخططاته ضد الشعب الفلسطيني.
وطالبت الدراسة بضرورة الاتفاق بين فصائل العمل الوطني والإسلامي على أن السلطة الفلسطينية هي مشروع مؤقت، وأنها نتاج لاتفاق (أوسلو)، وأنها وجدت لمرحلة معينة، وأن المزاودات والمطالبة بأن السلطة مشروع مقاومة أو مشروع مساومة كله يصب في خانة الصراعات، ويجب الاعتراف سواء أكانت (أوسلو) نهجا صحيحاً أم غير صحيح، إلا أنها أًسست لمرحلة دولة، وضرورة إصلاحها والتطوير عليها، وطرح الأفكار والتداول السلمي لها بناء على متطلبات المرحلة، وليس رفض المشروع بشكل كامل، كما تفعل حركات (الجهاد الإسلامي) و(الجبهة الشعبية) أو الموافقة عليها بناء على (أوسلو)، كما حركة (فتح).
ورأى الباحث ضرورة التوافق على قرار السلم والحرب ، حيث ان ذلك يستدعى توافقا فلسطينيا لكافة مكونات العمل الوطني ، ولو بالحد الأدنى.
من جهته قال الدكتور مصطفي جفال عميد الأساتذة الفلسطينيين في المغرب ، إن انتهاء حكم الرئيس الامريكي دونالد ترامب ، مثل نصرا أوليا ومبدئيا للفلسطينيين ، كونه لم يأت رئيس أمريكي سابق من قبل ، يناصب العداء للشعب الفلسطيني بهذه الطريقة التي فعلها ترامب.
وأضاف :" صحيح أنه لم يكن للشعب الفلسطيني منهم اصدقاء ، ولكن في المقابل لم تكن هناك عداوة للشعب الفلسطيني من رئيس امريكي سابق بهذه الطريقة ، ولم يكن هناك تبني كامل للمشروع الصهيوني بهذا الشكل الذي تبناه ترامب".
وأشار جفال الى أنه يمكن للإدارة الامريكية الجديدة تبديل المواقف السلبية التي خلفها المجرم ترامب ، بحق الشعب الفلسطيني ، في قضايا عديدة ، كان أبرزها قضية الأونروا والقدس وحل الدولتين ، حيث منح ترامب كل شيء لإسرائيل.
وتابع :" المطلوب الان تراجع الادارة الامريكية الجديدة عن قرارات ادارة ترامب السابقة وهذا يتطلب ايضا منا كفلسطينيين جهد اكبر حتى نكون على قدر المسؤولية ، فالكرة الان في الملعب الفلسطيني ، وهذه المسؤولية تتطلب البدء الفوري والعاجل بتوحيد الشعب الفلسطيني".
وقال جفال :" لا بد من وجود مجلس تشريعي ومجلس وطني ولا بد من اشراك الكفاءات الفلسطينية في صنع القرار وتحمل المسؤولية والهم الوطني ، فالمسؤولية وصناعة القرار تحتاج لمختصين وكفاءات ، وهذا ما ذهب اليه الباحث بوضوح من خلال دراسته التي اوصت اللجنة بنشرها وهي دراسة متكاملة من كافة النواحي المنهجية والفكرية والبحثية".
وطالب عميد الأساتذة الفلسطينيين في المغرب بتجريم كل من يرفض العودة للوحدة الوطنية الفلسطينية (..) مضيفا ان المسالة لم تعد مسالة شخص او قائد او تنظيم ، فالشعب الفلسطيني كله الان معني بمصيره وبالتالي يجب محاسبة كل من يرفض العودة الصحيحة والحقيقية والفعلية للوحدة الوطنية الفلسطينية ، ويجب ان لا تكون الامور بمزاج هذا القائد او ذاك او هذا المسؤول او ذاك وعلى الجميع ان يتحملوا مسؤولياتهم وان يكون الجميع تحت رقابة الشعب الفلسطيني لكي يخرج من هذه الحالة المعقدة ، فالكرة في المعلب الفلسطيني لدرجة كبيرة .
وأكد على ضرورة استخلاص الدروس والعبر من الماضي الذي يشير للوضع المأساوي الذي نعيشه، ولكي تستخلص العبر علينا كفلسطينيين ان نتعلم من الاخطاء وحتى نتجاوزها علينا البدء الفوري والعاجل بالوحدة الوطنية.