أوصى مؤتمرون، يوم الخميس، بإنشاء هيئة وطنية لتنظيم وإدارة التأمين الصحي الفلسطيني، لتضع وتنفذ الاستراتيجيات والإجراءات الكفيلة بتقديم خدمة الرعاية الصحية للمواطنين.
ودعوا خلال مؤتمر صحفي عقد في رام الله وغزة عبر نظام الفيديو كونفرنس، حول "دراسة نتائج وتوصيات التحقيق الوطني بشأن التأمين الصحي التي أطلقتها الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم"، إلى إحداث إصلاحات بنيوية في النظام الصحي، نتيجة عدم القدرة على تلبية كافة خدمات الرعاية الصحية بشكل متكامل وشامل.
وأشار المؤتمرون إلى قصور في أنظمة التمويل الحالية، وتشرذم وتعدد أنظمة التأمين، وارتفاع إجمالي إنفاق الأسر على الصحة، في ظل غياب إدارة عامة تعمل وفق إطار قانوني على تنظيم تقديم خدمة الرعاية الصحية لجميع الفئات.
وشددوا على ضرورة القيام بإجراءات عديدة للحد من الفجوات والإشكاليات التي برزت في التحقيق، ومن أبرزها، إعادة تنظيم الأطر التشريعية لنُظم التأمين الصحي، بحيث يتم إعداد قانون للتأمين الصحي يستند الى شمولية التغطية والخدمات، ويقترح آليات تمويل ميسورة التكلفة وعادلة، يساهم الأفراد والحكومة في تمويلها، وإنشاء إدارة قوية قادرة على إدارتها.
وقالت وزيرة الصحة مي كيلة، إن الوزارة تولي ملف التأمين الصحي أولوية كبيرة، وعمدت على مراجعة شاملة لنظام التأمين الصحي، وتم تشكيل لجنة من الحكومة الفلسطينية لمتابعة الموضوع، وعملت اللجنة حثيثاً على رفع نتائج هذه التوصيات للحكومة، وأدت أزمة كورونا إلى تعطيل تنفيذ هذه التوصيات، لكن الوزارة تسعى إلى توسيع خدماتها الصحية.
وأضافت، أن وزارة الصحة تؤكد سياستها التشاركية والحوارية لتطوير نظام التأمين الصحي، وتنظر الوزارة إلى رؤية شاملة للتأمين الصحي.
وتابعت كيلة: "لقد تم إصدار آلاف التأمينات الصحية التي استفاد منها المواطنون، إضافة الى التأمينات الخاصة التي استفاد منها المواطنون في قطاع غزة بسبب الحصار المفروض عليهم"، مؤكدة أن الحكومة تولي اهمية كبيرة للمناطق المهمشة، والعاطلين عن العمل، وأسر الشهداء، والحالات الاجتماعية، في حصولهم على تأمين مجاني لتثبيتهم على أرضهم.
بدوره، قال مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عمار الديك، إن المؤتمر يأتي كثمرة لعمل استمر على مدار سنتين، وعملت الهيئة بالشراكة مع مؤسسات أهلية ودولية ورسمية بهدف تحديد الإشكاليات والفجوات المتعلقة بالتأمين الصحي، بكافة أنواعه، ويعالج التحقيق الوطني على مستوى السياسات بما فيها الخطط القطاعية والخطط الوطنية وعلى مستوى المكلفين، وكيفية التعامل معها.
وبين أن التحقيق استند إلى معلومات كمية جمعتها الهيئة بالتعاون مع معهد الصحة العامة التابع لوزارة الصحة والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، والمنهج الكيفي من خلال جمع معلومات من مجموعات بؤرية عملت مع جميع فئات وشرائح المجتمع.
وأكد الدويك دور وزارة الصحة في الوصول إلى نظام صحي حكومي معدل ومطور بحيث يحقق العدالة والتغطية الصحية الشاملة بالشراكة مع الشركاء في قطاع غزة، وهو ما ينم عن انتماء وطني كبير.
من جهتها، أوضحت ممثلة منظمة الصحة العالمية رندة سلمان، أن التغطية الصحية الشاملة هي أن يحصل الجميع بلا استثناء على الخدمات الطبية، وقامت منظمة الصحة العالمية مع العديد من الشركاء بالمبادرات والإصلاحات شملت دراسات متعلقة بنظام التأمين الصحي، وتم مراجعة كافة السياسات المتعلقة بالتأمين الصحي.
وأضافت، أن تحقيق التغطية الصحية الشاملة هي أحد الأهداف التي تبنتها دول العالم عام 2015، لما تحققه من ركيزة للتنمية الاقتصادية طويل الامد، والقضاء على الفقر.
بدوره، أكد مفوض عام الهيئة عصام يونس، أن التحقيق يأتي في إطار دراسة المكونات الأساسية لخطة الهيئة الاستراتيجية للتأثير في التشريعات والسياسات والممارسات وفحص واقع الحق في الصحة عبر آلية التحقيق الوطني.
وبين أن الاختيار وقع على التأمين الصحي كموضوع للتحقيق، كونه يعد أساس الحصول على الخدمات الصحية وأحد ضمانات تمتع المواطن بحقه الأصيل في الصحة، بهدف وضع نتائج وتوصيات للوصول إلى منظومة للتأمين الصحي الشامل بما ينسجم مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان والتزامات دولة فلسطين كطرف موقع على الاتفاقيات ذات العلاقة.
وشدد يونس على ضرورة النظر في السياسات والممارسات المتبعة والقرارات الصادرة بهذا الخصوص ودور المكلفين بإنفاذ القانون وتقديم الخدمات.
وجرى في المؤتمر عقد جلسات نقاش تناولت، نتائج توجهات الفئات الاجتماعية المختلفة بخصوص التأمين الصحي، النساء، المسنين، ذوي الإعاقة، الشباب، العمال، والانقسام السياسي وأثره على تقديم الخدمة الصحية، وتشرذم أنظمة التأمين الصحي القائمة وسياساته التشريعية والمالية، وقدرة النظام الصحي على التعامل مع الأزمات والأوبئة، ونحو تأمين صحي شامل وعادل.