نبض الحياة

آفاق التشظي الحزبي

بقلم: عمر حلمي الغول

عمر حلمي الغول
  • عمر حلمي الغول

منتصف ليلة الخميس الجمعة القادم تغلق الكنيست ابوابها امام اية قوائم جديدة للإنتخابات الكنيست ال24، بتعبير ادق لم يبق الكثير من الوقت أمام الكتل والقوى والاحزاب الصهيونية لبلورة قوائمها بشكل نهائي، ومازالت حالة التشظي قائمة، وهناك غيوم ملبدة تموج تحتها العديد من القوى، التي تؤرقها وتضغط عليها استطلاعات الرأي بعدم تمكنها من تجاوز نسبة الحسم، وعلى سبيل المثال أعلن امس الإثنين الأول من فبراير الحالي موشي يعلون إعتزاله العمل السياسي، والإنسحاب من دوامة المنافسة في الانتخابات الحالية، لإدراكه عدم تجاوز حزبه "تيلم" نسبة الحسم، والأمر ذاته قد يطال حزب "الإسرائيليون" بزعامة رون حولداي، الذي تأسس نهاية كانون اول 2020، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى انه قد لا يتجاوز نسبة الحسم، كما ان حزب العمل التاريخي وبعد تولي ميراف ميخائيلي يواجه ذات التحدي بعد إنسحاب كل من عمير بيريتس وايتسك شمولي منه، وكذلك تعيش ذات الازمة قوى اليمين الديني المتطرف كحزبي "الصهيونية الدينية" بزعامة بتسلئيل سموتيريتش و"عوتسميا يهوديت" بزعامة ايتمار بن غفير، ويضغط رئيس حكومة تسيير الاعمال لتوحيدهما لتجاوز نسبة الحسم مقابل وعود للبناء الإستعماري في عطاروت (قلنديا)، بالاضافة ل"غيشر" بزعامة اولي ابيكاسيس، و"تنوفا" بقيادة عوفر شيلاح، والحزب الإقتصادي الجديد" بقيادة يارون زليخا. والأمر ذاته ينطبق على القوى والأحزاب الفلسطينية في الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، التي تشهد ايضا حالة من التشظي والتفكك.
اللوحة الحزبية الصهيونية في حالة انسيابية عالية، وتعيش في دوامة التخبط والحسابات الضيقة والشخصية، والتي تحمل في طياتها ميوعة، وضبابية كثيفة في نتائج الإنتخابات القادمة في 23 آذار / مارس القدم (2021). ولا تشي بالكيفية التي ستكون عليها الكنيست ال24، ومن هي القوى المؤهلة لتشكيل الحكومة القادمة، رغم محافظة الليكود على المركز الأول، حيث تمنحه إستطلاعات الرأي ما بين 30 و27 مقعدا. لكنه لا يملك القوة الكافية لتشكيل الحكومة. لإن منافسيه حزب "ييش عاتيد" بزعامة لبيد، و"امل جديد"، بقيادة ساعر، و"يمينا" برئاسة بينت، و"يسرائيل بيتينو" بزعامة ليبرمان لن يسمحوا له بذلك.
ووفق الإستطلاعات فإن الليكود وحلفائه من اليمين المتطرف والمتدينيين ك"شاس" و"يهوديت هتوراة" لا يتجاوز ال48 مقعدا، وحتى لو انضم لهم حزب "يمينا" بزعامة بينت، فلن يتمكن من حصد 61 مقعدا في البرلمان. وكذلك القوى المنافسة له لا تملك القدرة على تشكيل الحكومة. رغم إستعداد لبيد التعاون مع القائمة المشتركة من الخارج، هذا إن بقيت القائمة المشتركة، التي تعصف بها رياح التفكك اكثر من عوامل البقاء. لإن القضايا الخلافية بين المكونات الأربعة كبيرة، وهو ما يشي بأن المشهد الإسرائيلي سيكون أكثر سوداوية من لحظة حل الكنيست ال23 قبل نهاية العام الماضي، وبالتالي من القراءة الواقعية والعلمية لمركبات اللوحة الإسرائيلية يمكن الإستنتاج، بأن الإنتخابات للكنيست ال25 ستكون قريبة، وقريبة جدا.
إذا اسرائيل الإستعمارية تتجه نحو الغرق أكثر فأكثر في دوامة ازمات مستعصية سياسية وإقتصادية وإجتماعية وصحية "كورونا" ودينية وبيئية وقانونية وحزبية، ولا يبدو انها قادرة على الخروج من نفق الأزمات إلا باحد السيناريوهات، منها أولا إخراج نتنياهو من دائرة الحكم إلى السجن، ومحاولة إستعادة الليكود وحدته بزعامة اليميني المتطرف جدعون ساعر، أو غيره من القيادات؛ ثانيا القبول بالشراكة الكاملة مع الأحزاب والقوى الفلسطينية في ال48، وهذا امر صعب ولا يستقيم مع مركبات الأحزاب والقوى الصهيونية من اقصاها إلى اقصاها؛ ثالثا الذهاب لحرب جديدة على إحدى الجبهات الشمالية او الجنوبية بهدف خلط الأوراق وتعويم نتنياهو مجددا. لاسيما وانه مازال يحظى حتى اللحظة بالتفوق على خصومه، رغم إقتراب كل من ساعر ولبيد من مكانته حسب استطلاعات الرأي.
مع ذلك لا خوض الحرب، ولا حتى إخراج نتنياهو من الحكم سينقذ اسرائيل من ازماتها العميقة. والسيناريو الممكن، هو الذهاب إلى خيار السلام على اساس حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وإسقاط القانون " الأساس للدولة اليهودية"، والمساواة للجماهير الفلسطينية العربية في داخل الداخل. غير ذلك ستبقى إسرائيل الإستعمارية غارقة في متاهة التآكل.
[email protected]
[email protected]

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت