- عمر حلمي الغول
مرة جديدة يعود قادة دولة الإستعمار الإسرائيلية لمواصلة لعبة الإستغماية الكاذبة المتعلقة بالإدعاء بوجود "آثار" لليهود في فلسطين، والتي نفاها كليا المختصون الإسرائيليون، والبريطانيون وغيرهم ممن حاولوا إيجاد أثر ما في الأرض الفلسطينية تحاكي ما جاء في العهد القديم "التوراة"، والتاريخ المزور الذي دونه المستعمرون الصهاينة. ولكن كل ابحثاهم وحفرياتهم منذ مطلع القرن العشرين وحتى يوم الدنيا الراهن لم يحالفها الحظ. ولهذا كتب شلومو ساند كتابه عن كذبة "إختراع الشعب اليهودي". فضلا عما كتبه كل من زيئف هيرتسوغ، وإسرائيل فنكلشتاين، ووليم فوكوسويل ألبرايت .. وغيرهم.
ومن إحدى إدعاءات واكاذيب القيادات الصهيونية المختلفة، ادعاء وزير البناء والإسكان الأسبق، اريئيل "إكتشاف مذبح يشع بن نون" على جبل عيبال في نابلس، وقام مع مجموعة من ما يسمى مدير عام سلطة الآثار، يرافقهم رئيس مجلس الإستيطان الإستعماري في الضفة بزيارة الموقع في نيسان / ابريل 2015، وتم تسييج المكان. وكان هذا الإفتراء تم على يد البرفيسور، آدم زرتل قبل 41 عاما.
مع ان ما يسمونه "مذبح يشع بن نون" لا يمت بصلة له لا من قريب او بعيد، وانما هو ووفق خبراء الآثار، يعود للعصر البرونزي المتأخر 1300 قبل الميلاد، وهو مذبح كنعاني، اقيم لتقديم القرابين لآلهتهم الكنعانية. فضلا عن ان تلك الحقبة من التاريخ تشير لعدم وجود ديانات توحيدية، بتعبير ادق لم تكن اليهودية وجدت آنذاك. وهذا ما يؤكده الكاهن، حسني السامري، احد كهنة الطائفة السامرية، وهي السلالة الحقيقية لبني إسرائيل، فقال " ان المعابد الحقيقية لبني إسرائيل موجودة على جبل جرزيم، وهو (جبل البركة) حسب بني إسرائيل، وليس له صلة باليهودية". واضاف أن " المعابد اليهودية مفتعلة في القدس، ومن المستحيل ان يكون هناك مذبح لبني إسرائيل على جبل عيبال. لإنه حسب التوراة يسمى جبل (اللعنة)، فكيف من الممكن ان يكون هناك مذبح على جبل اللعنة"؟
إذا ما هي خلفية الأمر؟ ولماذا الضجة المفتعلة حوله سابقا وراهنا؟ حيث هدد رئيس الوزراء الفاسد، نتنياهو يوم الجمعة الماضي 12/2/20-21 من تعرض للمذبح بعظائم الأمور، ونفس الشيء طلب الرئيس الإسرائيلي، ريفلين من وزير الحرب، غانتس ملاحقة الفلسطينيين، الذين شقوا طريقا بجانب المذبح مما أثر على الجدار الخارجي المحيط به، واضيف لهم باقي الجوقة الإستعمارية ومنهم النائب الفاشي سموتيريتش وبن غفير ورئيس واعضاء مجلس الإستيطان الإستعماري، الذين شنوا حملة مفتعلة ومفضوحة النوايا والخلفيات. وتلازم مع ذلك حملة اكاذيب لمجموعات استيطانية استعمارية في مستعمرة بيت إيل إفترت على اصحاب الأرض الحقيقيين، ابناء الشعب العربي الفلسطيني، بانهم "إستولوا" على اراض للمستعمرين؟!
كل هذة الأكاذيب، وعمليات التزوير الإستعمارية تهدف غلى الآتي: اولا إستمراء الكذب والتزوير لإيهام الذات والرأي العام الداخلي والعالمي، بأن لهم "حقوق" و"آثار"؛ ثانيا قلب الحقائق التاريخية رأسا على عقب؛ ثالثا مصادرة وتهويد الأراضي الفلسطينية بذريعة وجود "آثار" لليهود؛ رابعا تشويه صورة ابناء الشعب العربي الفلسطيني، وكأنهم لا يهتمون للأثار والموروث الحضاري. وهذة جميعها أكاذيب لا اسانيد لها في الواقع المعطي ولا في حقائق التاريخ. لإن القيادات الفلسطينية عموما وجهات الإختصاص خصوصا المعنية بالآثار تعمل جاهدة وبكل الوسائل، ورغم المعيقات والإنتهاكات الإسرائيلية على حماية كل إكتشاف أثري من اي حقبة تاريخية، لإن هذا جزء اصيل من موروث الشعب العربي الفلسطيني الحضاري والثقافي.
إذا على قادة دولة الإستعمار الصهيونية الكف عن الاعيبهم وإدعاءاتهم المزورة والمفضوحة اسرائيليا واوروبيا واميركيا وروسيا وعربيا، لانه لا يوجد للديانة اليهودية اية اثار في فلسطين، ولعبة مصادرة وتهويد وضم الأراضي الفلسطينية لم تعد تنطلي على احد، ولن يسمح الشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية وقواه ونخبه السياسية للصهاينة المستعمرين بمواصلة سياسة القضم التدريجي للارض الفلسطينية العربية، وستعمل من خلال الكفاح الشعبي والسياسي والديبلوماسي، وكل المنابر الإقليمية والدولية على تعرية اهداف المخطط الإستعماري الإسرائيلي، وتصفية كل البؤر والمستعمرات داخل حدود دولة فلسطين المحتلة.
[email protected]
[email protected]
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت