- بقلم عدنان الصباح
هذا عنوان قصيدة للشاعر الراحل محمود درويش تحدث فيها عن الامنيات لو اننا نريد ان نصير شعبا وكان القول يشبه اللعنة لشاعر يعلن اننا لا زلنا بحاجة للكثير لنصير شعبا ومعنى القول بوضوح اننا حتى الان ليس كذلك.
يقال ان الشعراء انبياء شعوبهم لانهم الاكثر تلمسا واحساسا وادراكا لما هو غير مرأي للعامة وقد يكون من الضروري اليوم ان نستعيد فعلا ما قاله محمود درويش ونعيد السعي لان يكون الحلم ممكن عبر وسيلة واحدة وهي تشريع الابواب والشبابيك لكل الريح ليعصف بالعفن الساكن في بيوتنا والذي اسميه " الرضا المفرط عن الذات " وهو ما يعيشه وعاشه العربي بشكل عام والفلسطيني بشكل ابرز.
يقول محمود درويش سنصير شعبا ان اردنا ... حين نعلم اننا لسنا ملائكة سنصير شعبا حين نتوقف نفخ الذات بالهواء الكاذب كالقرب والابواق حين نتوقف عن النعيق بتاريخنا الذي لا ننتمي اليه ومكانتنا التي لا يمكننا ان نلمسها ... سنصير شعبا حين نتوقف عن التغني بالماضي الميت والباسه ما ليس له ... سنصير شعبا حين ندرك ان الذين يجلسون على صدورنا لا تاريخ لهم وان الذين يهدونهم الخبز ليحرمونا اياه بلا ماضي وان ماضينا الذي نتغنى به لا يغني ولا يسمن من جوع.
سنصير شعبا حين لا نتغنى بفساد نتنياهو وهو يحاكم ولا بتسلط ترامب وهو يحاكم ... سنصير شعبا حين نتوقف عن تصيد اخطاء الآخرين المفضوحة علنا ونسكت عن جرائمنا التي نخفيها علنا ... سنصير شعبا حين نتوقف عن رؤية حضيضنا قمة وقمم الآخرين حضيض ونتوقف عن انتظار موت الآخرين لنحيا ولا نفعل في سبيل الحياة شيئا ... سنصير شعبا حين نتمكن من استخدام حضارات وانجازات الغير على انها حق بشري ولا نرفضها لأننا لا ندركها ولأننا نصر على دور النعامة حتى لا نرى فضيحتنا. سنصير شعبا حين ندرك ان الشعب هو مصدر السلطة وان السلطة دون الشعب لا حياة لها حين ندرك ان معنى كلمة مسئول هو من يُسأل لا من يَسأَل سنصير شعبا حين يخشى السلطان الشعب وليس العكس ... حين لا يكون الشعب شاهد زور في كل ما يعنيه لصالح من لا يعنيهم ... سنصير شعبا حين يصير القانون سيد السادة والعامة ... سنصير شعبا حين يصير الوطن خيمة واحدة والشعب قبيلة واحدة ... حين يتوقف السلطان عن احلامه الخرقاء ويتوقف الناس عن تنفيذها بها دون سؤال.
سنصير شعبا نعاقب المخطيء على اخطاءه ونكافئ المبدع على ابداعه وليس العكس ... سنصير شعبا حين يخجل الباطل من الحق وليس العكس ... حين يخجل من يلقي نفاياته في عرض الشارع وليس العكس ... حين يخجل البلطجي من أفعاله ولا يخجل الخلوق من اخلاقه. سنصير شعبا حين نسائل المنقسمين ولا نغني لهم وحين نعاقب الفاسدين ولا نتملقهم وحين نقترع لصالح الحق ولا نخشى بالحق احد حين لا نقبل بقسمة الوطن ولا بقسمة الفصيل ولا بقسمة الشعب ونقبل بحق كل من اراد ان يكون له راي وموقف وعقيدة ما دامت لا تغادر حقوق الوطن والشعب ووحدتهم واحلام الفقراء منهم لا غباءات الاغبياء سنصير شعبا حين لا نحرم احد من حرياته لا نصادر حقوق الناس في حياتهم.
سنصير شعبا حين نجدنا نقف وقفة واحدة ضد كل جريمة أيا كانت تطال حقوق الوطن والشعب جماعات وافراد وفئات ... حين لا يستطيع غبي ان يقتل ولا نراه ... ان يسرق ولا نراه ... حين لا ننقبل بالجريمة أيا كان نوعها وأيا كان مرتكبها وأيا كان سببها ... حين لا نغمض عيوننا عن جرائم الغني ونفتحها على مصراعيها على لقيمات الفقير ... حين نفضح عري افعال الغني ونستر عري جسد الفقير.
سنصير شعبا حين نقول لا لانتخابات بلا برامج وبلا توافق وبلا حقوق وبلا رؤيا سوى ان قادة القبائل ارادوا ذات يوم ان يقبلوا بقبليتهم كما هي وارادونا ان نناصرهم على تكريسها. سنصير شعبا حين نكون كما قال راحلنا محمود درويش " سنصير شعباً حين ينظر كاتبٌ نحو النجوم , ولا يقول: بلادنا أَعلى ...وأجملْ " سنصير شعبا حين يرى كتابنا ومثقفينا كل انجازات وحضارات البشر ولا يكتب كاذب يوما اننا أرقى أمم الأرض وافضل الشعوب.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت