#نبض_الحياة

أميركا وإسرائيل والمصالح_الحيوية

بقلم: عمر حلمي الغول

عمر حلمي الغول
  •  #عمر حلمي الغول

قراءة المصالح الإستراتيجية لبلد ما، بغض النظر إن كان بلدا ووطنا اصيلا، نشأ وتطور بشكل طبيعي، وراكم هويته الشخصية والقومية عبر حقب التاريخ المختلفة، ام كان وطنا مفتعلا، ومصنعا بقرار، ولخدمة وظيفة سياسية إقتصادية ما، كما دولة المشروع الصهيوني تختلف محدداتها في اوساط النخب الحزبية والسياسية إرتباطا بخلفياتها. أضف إلى ان الدول الأدوات لا تملك تماما وبشكل سيادي التقرير في حدود مصالحها، لإن هناك طرفا أو أطرافا مقررة تستطيع التدخل في كل لحظة، وتملي رؤيتها على صناع القرار في البلد المعني. كما هو الحال بين إسرائيل واميركا، وحتى عندما تتطور مكانة الدولة الإستعمالية في نظر ذاتها، وفي تقدير الدول المختلفة.
ويذكر الجميع عندما إندفعت إدارة دونالد ترامب السابقة في ترجمة صفقة العار، وذهب نتنياهو بعيدا في التنفيذ للصفقة المشؤومة والمهزومة، وأعلن النية عن ضم المنطقة المصنفة ( C) التي تزيد مساحتها على 30% من مساحة الضفة الفلسطينية، لاحظنا مستويين في اميركا كان لهما موقفين من هذة المسألة، أولا الحزب الجمهوري تراجع قليلا بسبب التطورات الداخلية عشية الإنتخابات الرئاسية، ولتركيزه على المحاكمة، التي اقامها الحزب الديمقراطي لترامب؛ ثانيا الحزب الديمقراطي من خلال زعمائه المختلفين، المرشحين للرئاسة بمن فيهم بادين، ورئيسة مجلس النواب، بلوسي، إعتبروا ان سياسة الضم، تهدد الأمنين الأميركي والإسرائيلي، وطلبت من حكومة الفاسد بيبي التوقف عن السياسة الاستعمارية السطحية. وهو ما يشير إلى وجود تباين بين الأداة الوظيفية الإستعمارية (إسرائيل) وصاحب المشروع الكولونيالي، والذي دفع، ومازال يدفع فاتورة المشروع الصهيوني من دافع الضرائب الأميركي.
غلاة الصهيونية إفترضوا ان اللحظة السياسية باتت مناسبة لإستكمال إقامة "دولة إسرائيل الكاملة على أرض فلسطين التاريخية"، لإستكمال المرحلة الأولى، التي اسست دولة المشروع في عام النكبة 1948. بيد ان الإتجاه العام في بلد الحليف الإستراتيجي، وحامي حمى الدولة الصهيونية، إرتأى التوقف عند حدود حزيران / يونيو 1967. لإن المضي قدما في إلتهام ومصادرة وتهويد الأراضي الفلسطينية في الضفة والقدس العاصمة الفلسطينية الأبدية، يهدد مستقبل الدولة الصهيونية برمتها، لإنه سيسقط عنها صفة الدولة "اليهودية" مع وجود الملايين الفلسطينية، التي بدأت تتجاوز على الأرض عدد اليهود الصهاينة، وبالتالي ستضمحل شيئا فشيئا كدولة وظيفية، وستُعمد كدولة عنصرية فاشية، وهو ما يعرضها لإخطار داخلية وخارجية.
وهذا التحول النسبي في موقف الحزب الديمقراطي ليس من باب المِنّة، ولا حسن الأخلاق والكرم تجاه الشعب العربي الفلسطيني، انما نتاج قراءته الواقعية للتحولات الجارية على الأرض وفي الإقليم والعالم ككل. حيث لم تعد دول العالم تستسيغ الخطاب الصهيوني، وبات هناك نفور واضح، وتحول داخل اتباع الديانة اليهودية في دول العالم المختلفة، وخاصة في الولايات المتحدة الأميركية، التي صوت من جيل الشباب اليهود الأميركيين ما يزيد عن ال70% لصالح الحزب الديمقراطي، لإنهم لم يعودوا يشعروا بالإنتماء للدولة الصهيونية، ولانهم ايضا لا يستطيعون الدفاع عنها امام العالم نتاج إرتكابها جرائم حرب مفضوحة ومكشوفة ضد الأطفال والنساء والشيوخ وعامة الناس. كما ان هناك تيار واسع داخل إسرائيل وفي بلاد راعي البقر واوروبا لا يرى أي اثر حقيقي وإيجابي بالمعنى الدقيق للكلمة في عملية التطبيع الإستسلامية لعدد من الدول العربية، ولم تغير من طبيعة المعادلة على الأرض، لإن صاحب القول الفصل، هو الشعب العربي الفلسطيني وقيادة منظمة التحرير، وهناك عامل آخر أكثر حسما، يتمثل بتنامي قناعة داخل اوساط المجتمع الصهيوني عموما، والنخب القيادية والإعلامية والفكرية خصوصا، جوهرها عدم الرهان على مستقبل الدولة الصهيونية ذاتها.
الصراع بين وجهتي النظر سيتواصل على ارضية التكامل لا التنافر. لإن كليهما يريد بقاء وديمومة الدولة المشروع الصهيوني، ولكن لكل حسااباته، واهدافه من وراء هذا البقاء، الذي لم يكن يوما محل ثقة بالبقاء والعيش للعقد الثامن، وكون يقين القيادات الصهيونية من مختلف المشارب والتصنيفات الحزبية ضعيف جدا، او لنقل لا يقين عندهم، ويتعزز ذلك مع كل صباح عندما يستيقظوا ويشاهدوا ابناء الشعب الفلسطيني من اقصى فلسطين التاريخية إلى اقصاها يواصلون الحياة والعمل ومواصلة الأمل، رغم كل الحروب وجرائم الحرب، التي ارتكبت ضدهم، لكنهم صامدون وراسخون في الأرض، والوطن الفلسطيني الأم.
[email protected]
[email protected]

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت