- عمر حلمي الغول
مذ بدأت عملية التقارب النسبي بين حركتي فتح وحماس في تموز/ يوليو الماضي 2020 بلقاء كل من جبريل الرجوب وصالح العاروري، وما تلاه من لقاءات في استنبول والدوحة والقاهرة، ثم عُّمد بلقاء الامناء العامين مع الرئيس محمود عباس عبر تقنية الفيديو كونفرنس بين بيروت ورام الله في الثالث من ايليول / سبتمبر 2020، وبعد ذلك اصدار المرسوم الرئاسي باجراء الانتخابات بمستوياتها الثلاث مساء الجمعة الموافق 15/1/2021، الذي توج بلقاء القاهرة لجميع الفصائل ال14 برعاية الاشقاء في مصر 8 و9 شباط / فبراير الحالي، وتم التوافق فيه على اصدار مرسوم رئاسي بشأن الحريات العامة، وهو ما حصل في ال20 من شباط / فبراير الحالي، وتضمن من بين النقاط التسع نقطة تتعلق بالإفراج عن المعتقلين السياسيين في جناحي الوطن، وذلك لتوسيع وتعميق الثقة بين كافة الاطراف، ولتجسير الهوة بين جناحي الوطن.
لكن المشهد الفلسطيني مازال يعتريه ندوب سوداء، ولم تنتفِ المنغصات، ومنها لجوء حركة حماس قبل 4 ايام إلى محاكمة عدد من كوادر واعضاء حركة فتح، والحكم غيابيا على بعضهم المقيمين في رام الله باحكام جائرة. فضلا عن انها لم تفرج عن المعتقلين الفتحاويين جميعا، وابقت ما يزيد على ال30 معتقلا منهم في سجونها بذريعة، انهم "متهمين" بقضايا أمنية؟! مما يلقي بظلال سلبية على حرية الرأي والرأي الآخر والإنتماء التنظيمي، ويبقي العديد من العصي في دواليب عربة الإنتخابات، ويحول دون تنقية الأجواء الفلسطينية، ويضع علامة سؤال كبيرة على امكانية تحقق العملية الديمقراطية.
ولا اريد ان اتطرق هنا للعديد من الاخطاء وعمليات التحريض، التي يثيرها قادة وممثلو حركة حماس في الضفة والقطاع والشتات، وسأحصر النقاش في موضوع المعتقلين السياسيين، لإنه موضوع هام واساسي، ويعكس مدى التزام القوى المختلفة عموما وحركة حماس خصوصا بالمرسوم الرئاسي ذات الصلة، التي على ما يتضح من محاكماتها الصورية لكوادر ومنتسبي حركة فتح بشكل غير قانوني، ولا يستقيم مع النظام الاساسي، ويتناقض مع الروح الإيجابية لاجتماعات القاهرة الاخيرة، ويبقي الامور في دوامة المراوحة ومكانك عد، وينغص على الجماهير بعض تفائلها وإستبشارها بالامل في اعقاب الخطوات الكمية المتراكمة منذ قرابة الشهور الثمانية الماضية، وبالتالي كأن لسان حالها حتى اللحظة يراوح في مربع التعكير والتوتير في الساحة الفلسطينية.
رغم ما تقدم، والشعور بالغثيان من ارباكات وتعثر مسيرة الانتخابات، والعقبات المتوالدة في طريق جسر الهوة بين منظمة التحرير من جهة وحركة حماس من جهة اخرى، فإن الضرورة تفرض فتح قوس الامل، وتعميم الاجواء الايجابية قدر الإمكان في اوساط الشارع الفلسطيني، والعمل على تحجيم وتقزيم السلبيات والاخطاء، حتى لا يسقط البعض قراءاته الخاطئة لعملية المكاشفة، ويلي عنق الحقائق الماثلة للعيان. لكن دون إغماض العين عنها، حتى لا يلدغ الشعب وقواه ونخبه السياسية من ذات الجحر للمرة الالف. وايضا دون التغاضي او إسقاط الخلفيات العقائدية والسياسية المشكلة والناظمة لحركة الإخوان المسلمين عموما، وفرعها الفلسطيني.
وعليه ولتوسيع وتعميق الابعاد الايجابية على حركة حماس بمختلف تياراتها وفروعها العمل على الآتي: اولا في ظل عملية الانتخابات الجارية لهيئاتها القيادية راهنا، مطلوب التوافق بينها جميعا على رؤية مشتركة وداعمة لخيار اجراء الإنتخابات، وجسر الهوة بينها وبين قوى وفصائل منظمة التحرير عموما وحركة فتح خصوصا؛ ثانيا الغاء كل الاحكام ضد ابناء حركة فتح جملة وتفصيلا، والإفراج الفوري عن باقي المعتقلين السياسيين دون قيد او شرط؛ ثالثا الإلتزام بالنظام الاساسي والمرسوم الرئاسي المتعلق بالحريات بنقاطه التسع كاملة؛ رابعا الكف عن اية ممارسات او انتهاكات او تصريحات ذات الخلفية السلبية؛ خامسا اسقاط خيار الإمارة الانقلابية كليا، والشروع بالتعامل باعتبار محافظات الجنوب جزء لا يتجزء من النظام السياسي التعددي الديمقراطي، وعكس ذلك على الارض وخاصة في الجانب القانوني والضريبي والطبي والتعليمي وفي كل مجالات الحياة.
[email protected]
[email protected]
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت