- د. خالد معالي
انبرت شريحة من الشعب الفلسطيني للقول، بان ما يجري وما سيجري من تحركات سياسية أو مفاوضات أو انتخابات، هي باطلة كونها تجري تحت مظلة "اوسلو"، وليست مظلة المقاومة والتي بالمناسبة في غزة المحررة، ستجرى فيها انتخابات أسوة بالضفة، ويقولون ان الانتخابات سقفها الأعلى اتفاق "اوسلو"، في مغالطة صارخة للمنطق والعقل ومجريات الأمور والأحداث وهو ما سنوضحه هنا.
لو سألنا هؤلاء وقلنا لهم: ما هي خططكم العملية وليست النظرية، للتغير والنهوض بالواقع الفلسطيني المعقد، لسارعوا لطرح أمور نظرية والتي أي مواطن فلسطيني يعرفها ويسمعها ويقدر على طرحها، وباتت معروفه للجميع، فلا جديد فيها منذ عشرات السنين.
التفكر في دعاة الطروحات النظرية نرى ان غالبيتهم بارعون في التبرير وحفظ بضعة سطور مكررة لا جديد فيها، وقلة النزول على الواقع وتغييره، ودائما يكتفون بالقول دون عمل، لان البديل عن مظلة "اوسلو" هي مظلة المقاومة، وهم لا يستظلون بمظلة المقاومة كون الثمن باهظ وكبير لا يريدون دفعه او لا يقدرون، بسبب طبيعتهم ونفسياتهم وتكوينهم الفكري، وطروحاتهم التي هي غير علمية بتاتا من ناحية عملية.
ترى هل تم طرد الاحتلال من غزة وهدم 22 مستوطنة تحت مظلة "اوسلو" أم مظلة المقاومة، والتي تحت مظلة المقاومة افشلت ثلاث حروب عدوانية على غزة، فلو كانت تعيش غزة تحت مظلة "اوسلو " وتقبلت هذه المظلة، لما حرروا شبرا، ولما قدروا على قصف "تل ابيب"، ولما التف حولها الشعب الفلسطيني عام 2006 وحصدت ثلثي اصوات الشعب.
احتلال العقول أسوا من أي احتلال من أي نوع آخر، والانتخابات وان كان الاحتلال قد منعها فترة ما، وسمح بها بعد "اوسلو"، فهذا ليس منة، منه، ولا تفضلا، فقد سبق وجرت قبل "اوسلو" وستبقى تجرى حتى بعد طرد وكنس الاحتلال من الضفة، كما هي تجري بغزة دون وجود احتلال، بل تحت مظلة المقاومة وهي حق للشعب الفلسطيني كما هو حق له العيش فوق ارضه بالطريقة التي تناسبه.
مهما كانت القوة كبيرة فان لها حدود وضوابط لا تقدر على تخطيها، فلو ان "نتنياهو" علم ان ثمن انهاء المقاومة بغزة، ثمن قادر على دفعه لما تردد في ذلك لحظة، ولكن ايضا المقاومة بغزة ليست مطلقة في استخدام ما لديها اسلحة دون دراسة وتمحيص ومعرفة مدى رد الفعل المقابل، فكل حدث له رد فعل.
لو ان الشعب الفلسطيني كتف يديه، ولما تحرك ولما انتخب الافضل والاصلح، كما يريدون اصحاب مقولة مظلة "اوسلو"، لما تم تحرير غزة، ولما قدرت المقاومة على كشف عورة وضعف وهشاشة"اوسلو" ونجحت في افشاله كونه كان يحمل بالاصل بذور فشله من داخله.
الكلام سهل، والتنظير سهل، وطرح امور نظرية سهل، ومن يريد السلامه يبقى يطرح ويطرح كلاك بكلام، ولكن من يريد التغيير من واقع سيئ، الى واقع افضل عليه ان يشمر عن ذراعيه وينطلق ضمن خطط وبرامج قادرة على التغيير، وهو ما تجلى بنموذج غزة وجنوب لبنان، فالمقاومة قادرة وليست قاصرة في حال اجادة استخدامها.
البرامج القوية والعلمية، والخطط العملية، والقابلة للتحقق، هي من ستنتصر في النهاية، ولذلك رأينا ان "اوسلو" فشل وانتهى، وتسبب بضعف من قادوه وروجوا له، ومنطقيا تسبب بقوة من عارضوه وناهضوه من البداية، حيث ثبت صحة معارضتهم منذ البداية، لما هو فاشل ولا يلبي طموحات الشعب الفلسطيني بالتحرر، وسنرى قريبا كيف مظلة "اوسلو" سيخرج من هم تحتها ليستظلوا بمظلة المقاومة كونها الافضل والاجدر القادرة على التغيير.
سواء تم اجراء انتخابات ام لم تتم في الضفة الغربية وغزة، لاسباب عديدة اهمها قد يكون عدم قدرة فتح على تشكيل قائمة موحدة، فان المستقبل للمقاومة، ولمن يستظل بمظلة المقاومة، وليس مظلة "اوسلو" والتي هشمتها ومزقتها رياح عاتية، حيث انها منذ البداية لم تكن من النوع الذي يصمد أمام الموجات العاتية.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت