الغول: نسعى لتشكيل قطب يساري ديمقراطي يكسر حالة الاحتكار القائمة

كايد الغول

 أكد كايد الغول، عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية، أن الجبهة تُجري اتصالات مع أحزاب يسارية ومستقلين، من أجل تشكيل قطب يساري ديمقراطي ينافس في الانتخابات التشريعية حركتي "فتح" و"حماس"، ويكسر حالة الاحتكار القائمة بالحالة الفلسطينية، وخلق حالة من التوازن لإنهاء حالة الاستقطاب الحالية.

ولفت الغول في حوار شامل مع صحيفة "القدس" الفلسطينية إلى أن الحوارات تشمل الحراك الشعبي من المستقلين في الضفة الغربية، وهم من المحسوبين بالأساس على التيار اليساري الديمقراطي، مشيرًا إلى أن شكل مشاركة الجبهة في الانتخابات سيتحدد وفق ما ستصل إليه نتائج هذا الحوار، مع التأكيد على الخيار الأهم بخوضها ضمن قائمة تشمل قوى اليسار.

وبين أن الجبهة خلال حوارات القاهرة كانت تحاول أن تكون الانتخابات تتويجًا لمعالجة كل القضايا السياسية والتنظيمية والشراكة والبرنامج الوطني، مشيرًا إلى أن الجبهة لا ترى في الانتخابات بأنها ضمانة لإنهاء الانقسام.

وأشار إلى أن الجبهة كما العديد من الفصائل الاخرى، تسعى لترتيب البيت الفلسطيني، وإعادة بناء منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا في الوطن والشتات.

وفيما يلي نص الحوار كما نشرته الصحيفة:

تباين المواقف وشكل مشاركة الجبهة

س: هل كانت هناك خلافات داخل الجبهة الشعبية بشأن المشاركة في الانتخابات التشريعية من عدمه؟

ج- من حيث المبدأ مثل هذا القرار يخضع لحوارات داخل الجبهة، وخاصة من قبل اللجنة المركزية باعتبارها صاحبة القرار بهذا الشأن، والجبهة سبق وأن أعلنت أنها ستحدد موقفها بعد حوارات القاهرة، ولذلك أجلت قرارها إلى أن تلتئم اللجنة المركزية ويوضع أمامها معطيات ونتائج الحوار، ومن ثم أخذت بأغلبية أعضائها هذا القرار.

نحن بالنسبة لنا ليس غريبًا أن يكون هناك تباينات في الرأي تجاه هذا الأمر، وهذا أمر طبيعي وصحي، لأنه لا يمكن أن يكون هناك تماثلا بالمطلق تجاه أي قضية من قبل الهيئات القيادية لأي حزب من الأحزاب، ونحن بمسؤولية عالية ناقشنا هذا الأمر، وناقشنا التحفظات التي تحمل موقفا يدعو لعدم المشاركة، واحترمنا ذلك كثيرًا، وهي تحمل بطبيعة الحال جزءا من الصحة، وناقشنا الأسباب التي تدفع للمشاركة وأيضًا باحترام شديد، وفي نهاية الأمر حسمت القضية من قبل أغلبية أعضاء اللجنة المركزية، وهذا الأمر سبق للجبهة أن عاشته في أكثر من محطة، وكما عهدنا فان الجبهة فيها مثل هذا التباين في الموقف وهو امر طبيعي، لكن تعودنا أن يجري العمل بالقرار من قبل مجموع أعضاء الحزب وأنصاره.

قائمة واحدة أو مشتركة

س: بعد قرار الجبهة بالمشاركة في الانتخابات.. هل تم تحديد خيارات شكل المشاركة؟

ج – الجبهة ناقشت مختلف الخيارات، وأكدت على أنها ضد أن تكون هناك قائمة واحدة أو مشتركة كما جرى الترويج لذلك، لأن برأينا هذا يصادر الديمقراطية، ويعيد تقاسم السلطة بشكل ديكوري يسمى بالانتخابات، وفي ذات الوقت أعلنا موقفًا صريحًا أُبلغت به "فتح" و"حماس"، بأننا لن نكون جزءًا من أي قوائم تشكل من الفريقين سواء بشكل فردي أو جماعي، والجبهة اختارت أن تعمل على تشكيل قائمة يسار وخلق قطب يساري ديمقراطي يكسر حالة الاحتكار القائمة بالحالة الفلسطينية، ويقدم رؤيته السياسية والاجتماعية لكيفية معالجة الشأن الفلسطيني، وهذا ما نعمل عليه الآن بحوارات تجري مع العديد من القوى والشخصيات المستقلة تنتمي للحراك بالضفة الغربية، ونأمل أن نصل لنتائج، ونقدم اليسار باعتباره القطب الثاني في الساحة الفلسطينية، وفي حال تعذر الوصول لتوافق مع جميع أطراف هذا التيار، يمكن بعد ذلك أن نسعى بحوار مع قوى أقل، وفي حال تعذر بالمطلق، بالتأكيد ستخوض الجبهة الانتخابات بقائمة منفردة، ولكن الخيار الأول والعاشر للشعبية هو أن تسعى لتشكيل قائمة من تيار يساري ديمقراطي مسنود بكل من ينتمي لهذا التيار من خارج من هو منظم في أحزابه وقواه، على أن نخلق حالة توازن في الساحة الفلسطينية، لإنهاء حالة الاستقطاب القائم بين "فتح" و"حماس".

حوارات مع الفصائل اليسارية

س: هل الحوارات بدأت مع جميع فصائل اليسار أم أنها ستبدأ؟، وما هي توقعاتكم لنتائجها؟

ج – اللقاءات مع قوى اليسار تضم الجبهتين الشعبية والديمقراطية، والمبادرة، وحزب الشعب، وممثلين عن الحراك في الضفة وهم من شخصيات مستقلة ينتمون للتيار اليساري، و"فدا" على عكس ما نشر في الإعلام، لم تكن جزءًا من الحوار الذي جرى سابقًا، وهذا لا يعني وضع فيتو على مشاركتها.

يجري النقاش حاليًا مع تلك القوى بالتركيز على البرنامج السياسي والاجتماعي، وكيفية تشكيل قائمة مشتركة، ومحددات ومعايير هذا التشكيل، ويجري البحث في قضية إجراء الانتخابات بالقدس، باعتباره أمرا مركزيا ورئيسيا حول كيفية مشاركة أهلنا بالمدينة المقدسة، وهذا عنوان رئيس سيكون مطروحًا على طاولة البحث الدائم وستقدم آراء بشأنه، ونأمل أن نتفق على هذه العناوين، لأن ذلك سيفتح الطريق سريعًا نحو تشكيل هذه القائمة المشتركة، وعلى ضوء نتائج هذا الحوار، سنحدد شكل مشاركتنا إما عبر خيارات مقلصة في حال فشلنا في الاتفاق على ما سبق، أو نذهب بقائمة منفردة.

لقاءات مستمرة مع "حماس"

س: هل هناك تواصلا من قبل "حماس" مع الجبهة للضغط باتجاه تشكيل قائمة موحدة؟

ج – نحن التقينا مع حركة "حماس" في القاهرة، ونلتقي معها على الدوام، وهم طرحوا قضية قائمة وطنية واحدة تضم الجميع، ثم طرحوا تشكيل قائمة وطنية من "حماس" وقوى أخرى، وعرضوا علينا إمكانية المشاركة، ونحن أبلغناهم بشكل واضح أننا لن نكون في أي قائمة فيها "حماس"، أو قائمة فيها حركة "فتح"؛ نحن سنقدم قائمة اليسار الديمقراطي في الساحة الفلسطينية لتعبر عن هذا التيار وتعكس تمثيله الواسع في الشارع الفلسطيني.

المنافسة والمشاركة بالحكومة والرئاسة

س: هل للجبهة الشعبية سواء بقائمة مع فصائل اليسار أو لوحدها أن تنافس "فتح" و"حماس"؟

ج – الانتخابات القادمة وكونها تعتمد على التمثيل النسبي الكامل لن تعطي لأي قوى أغلبية، لن تعطي "فتح" 50 بالمئة، ولن تعطي "حماس" 50 بالمئة، وفي ضوء تعدد القوائم المتوقعة لخوض الانتخابات، فهذا من شأنه أن يخلق أو يقود إلى نتائج فيها تنوع، سواء يعكسه تمثيل اليسار من جهة، أو يعكسه تمثيل المستقلين، أو قوائم أخرى من جهة أخرى، وهذا يمكن أن يقود إلى أن يكون تحت قبة البرلمان تحالفات على مواقف في بعدها السياسي أو التشريعي وغيره، ولذلك توازن القوى سيكون له علاقة بالتحالفات على الموقف المحدد، أما من حيث الوزن لا ندعي أن تيار اليسار أو الجبهة سيتجاوز وزن "فتح" أو "حماس"، لكنه سيكون مؤثرا في المعادلة، وسيكسر التفرد لأي قوى بالقرار.

س: هل ستدعم الجبهة أي قائمة مستقلة؟

ج – النظام الانتخابي لا يتيح ذلك، لأنه يقوم على التمثيل النسبي الكامل، فالأصوات ستصب لصالح القائمة التي تشكلها الجبهة.

مطالب قدمتها الجبهة

س: ما هي اعتراضات الجبهة الشعبية على شروط الترشح للانتخابات التشريعية؟

ج – نحن في حوار القاهرة سجلنا هذه النقاط، وأصدرنا ذلك في بيان طالبنا فيه الرئيس محمود عباس بإقرار قانون لتخفيض سن الشباب الذين يرغبون بالترشح، ورفع نسبة المرأة في القوائم الانتخابية لـ 30 بالمئة، وتعديل شروط براءة الذمة القضائية لمن تعرضوا لمحاكمات، لأنه في ظل الانقسام جرى محاكمات في غزة والضفة وفق قضايا سياسية، وأيضًا اشتراط الاستقالة بقبول المسؤول، وهي تحد من حرية الشخص وتحول دون مشاركة الكثيرين لأن هذا سيكون بمثابة سلاح بيد السلطة أو من يتحكم بذلك، لأن الاستقالة حق للشخص، وهذا يمكن أن يكون مناط مثلاً بعدد من الوزراء، أو بموظفين في مؤسسات أخرى، وهذا نرى أن هدفه الحيلولة دون ترشح منافسين، ولذلك طالبنا بتعديل هذا الأمر وقضايا أخرى، وما يمكن أن يؤدي لتعديل هذه المسائل هو تعديل ميزان القوى في القائمة والمتحكم بالنظام السياسي، ونأمل في الانتخابات القادمة أن يكون هناك تعديلا جديا لا يمكن من خلالها لأي طرف استخدام السلطة لصالح سياساته الخاصة، وإنما أن تكون تركيبة المجلس هي ائتلاف وطني يجري التوافق عليه من قبل الكل، أو من قبل الغالبية تجاه مواقف وطنية واجتماعية وديمقراطية لصالح المواطن.

س: كيف ستحدد الجبهة مسارها بعد الانتخابات؟، هل ستشارك في الحكومة المقبلة بأي شكل كانت؟

ج- من المبكر الحديث عن هذا الأمر، لأنه في حال حصلت الانتخابات بالوجهة التي ندعو لها على أنها محطة بالقطع من اوسلو وإلغاء هذا الاتفاق وما ترتب عليه من قيود سياسية واقتصادية وأمنية وغيرها، وهذا شيء يجعل الحكومة أداة لتدير الوضع الداخلي الفلسطيني حياتيًا وهذا ما نسعى له وهو إبعادها عن أي دور سياسي، لأننا نسعى أن يكون الدور السياسي منوط بمنظمة التحرير الفلسطينية، وفي هذه الحالة سيكون نقاش داخل الجبهة كيف نتعامل مع هذا الأمر، أما إذا كانت حكومة لمتابعة مسار أوسلو وتتقيد بقيوده، بالتأكيد الجبهة لن تكون جزءًا من هذه العملية، وفي كل الحالات هذا أمر مبكر الحديث فيه، لكن نحن سنشدد ونسعى مع كل من يمكن أن يتاح له النجاح في هذه الانتخابات بأن تكون محطة من محطات إلغاء اتفاق أوسلو وعدم التقيد بكل ما ترتب عليه من التزامات.

س: هل ستشاركون في الانتخابات الرئاسية من خلال مرشح خاص بكم؟، أم ستدعمون مرشح محدد؟

ج – الجبهة الشعبية لن تقدم مرشحًا منها للرئاسة، وخياراتها ستكون وفق الأسماء المرشحة، وستنحاز للمرشح الذي يمكن أن يعكس مواقفها أو يأخذ سياسة عامة تؤدي للخلاص من الاتفاقات مع الاحتلال، وإعادة بناء الوضع الفلسطيني، وتوحيده على أساس البرنامج المشترك، وتوفير معالجات جذرية على كل ما ترتب على الانقسام والاحتلال واتفاقات أوسلو.

في هذه المرحلة الشعب الفلسطيني يعيش حالة فقر وارتفاع في معدلات البطالة، وحالة من العنف وممارسات تتعدى على حقوق الإنسان والديمقراطية، نريد "ضمان اجتماعي"، نريد للمرأة أن تأخذ مكانتها ودورها وإزاحة الإجحاف الذي تعيشه سواء بالعنف الأسري أو غيره، أو بإزاحتها عن مواقع القرار في العديد من المؤسسات، وأيضًا بالنسبة للشباب الذين يجب أن يأخذوا فرصتهم ويساهموا بشكل جدي في صناعة المستقبل الفلسطيني.

نحن أمام تحديات كبرى، والمطلوب من أي شخص يتصدر موقع المسؤول الأول بالساحة الفلسطينية، أن يقدم برنامجه الذي يمكن يعالج فيه هذا الواقع، خاصةً وأننا وصلنا إلى مرحلة يعيش فيها المواطن الفلسطيني العديد من الأزمات، ليس فقط سياسية، إنما اجتماعية متنوعة ومتعددة، ونريد إصلاح التعليم والصحة ومعالجة كل القضايا المتعلقة بالحياة الاجتماعية للمواطن، وبناء اقتصاد فلسطيني بعيدًا عن اتفاقات أوسلو وقيودها.

حوار القاهرة والرؤية المستقبلية

س: كان هناك خلافات في رؤى الفصائل حول إجراء الانتخابات وفق اتفاق أوسلو أو وثيقة الأسرى والحوارات الوطنية، ما الخلاف الفعلي الذي دار بالقاهرة حول هذه النقطة؟، وما هي تحفظات الجبهة التي طرحتها ولم يؤخذ بها؟

ج – في حوارات القاهرة نحن سعينا لأن تكون مرجعية الانتخابات كقاسم مشترك تستند على وثيقة الوفاق الوطني، وقرارات المجلسين المركزي والوطني بالتحلل من الاتفاقات مع إسرائيل، ومخرجات اجتماع الأمناء العامين، لكن فوجئنا برفض تضمين هذه المرجعية لقرارات المجلسين المركزي والوطني، وهذا يثير علامة سؤال حول الأهداف التي يراها البعض من وراء إجراء الانتخابات، لأننا نحن في الجبهة نعتقد أن الانتخابات يجب أن تشكل جزءًا من معركتنا مع الاحتلال، ومحطة من محطات الخلاص من الاتفاقات الموقعة معه، بمعنى إلغائها، وإلغاء الاعتراف بها، والعودة إلى بناء الاستراتيجية الوطنية وفق برنامج وطني تحرري ديمقراطي، ونعيد بناء مؤسساتنا الوطنية على هذه القاعدة لتكون قادرة على حمل هذا البرنامج، والفصل بين التداخل القائم بين السلطة ومنظمة التحرير، بل وفي بعض الأحيان تغول السلطة على منظمة التحرير وصلاحياتها، وبما يعيد الاعتبار للمنظمة ككيان جامع وموحد للشعب الفلسطيني، ونعيد من خلالها تنظيم طاقات شعبنا، وأن يلحظ برنامجها حاجات وتطلعات كل تجمعات الشعب الفلسطيني إلى جانب البرنامج الوطني التحرري في إطار الصراع مع الاحتلال، ثم أن يجري الفصل ما بين رئاسة منظمة التحرير ورئاسة السلطة، وهذا جزء من نضال سنبقى نستمر فيه.

للأسف في القاهرة جرى حصر الحوار في قضية المجلس التشريعي، وسيتم استكمال هذا الحوار بشأن المجلس الوطني ومنظمة التحرير والبرنامج الوطني خلال الاجتماع الذي سيعقد هذا الشهر، ونحن سنعمل على استكمال هذه العملية لأن أي انتخابات ناقصة أو أي انتخابات تستني استكمال تشكيل المجلس الوطني، وإعادة بناء المنظمة، ستكون انتخابات قاصرة ولن تؤدي إلى إخراج الفلسطينيين من مأزقهم، ونحن بحاجة الآن للخروج من المأزق من خلال إعادة بناء كل مؤسساتنا الوطنية على أساس ديمقراطي وبمشاركة الجميع، وبما يؤسس لقواعد شراكة وطنية في إدارة الشأن الوطني العام، وإدارة الصراع مع إسرائيل وفق الاستراتيجية الوطنية التي يجب أن نتوافق عليها، ثم مغادرة الأوهام أو أي نهج لا زال يراهن على المفاوضات بالاستناد إلى تقديرات أو ضغوط خارجية ترى في وجود إدارة أميركية جديدة فرصة لإعادة المفاوضات، لأن ما حققته إسرائيل في الميدان، وبنتيجة صفقة القرن، وبنتيجة ما حققته من علاقات عربية بالتطبيع الذي جرى مع عدد من البلدان العربية، لا يمكن أن تدير عملية تفاوضية بالاستناد إلى ذلك، ونحن بالمقابل يجب أن نقطع كل هذا المسار، ونعيد المسار الكفاحي للفلسطينيين بشكل مغاير مستخدمين فيه كل وسائل المقاومة، وممارسة الشكل الذي يتناسب مع كل مرحلة من المراحل.

س: هل تعتقدون في الجبهة أن هناك إمكانية لتغيير الواقع الفلسطيني بعد الانتخابات وإنهاء حالة الانقسام؟

ج – نحن خلال حوار القاهرة طرحنا جدول أعمال متكامل، لأننا أردنا أن ننجز هذا الحوار بكل عناوينه لمعالجة كل القضايا السياسية والتنظيمية والشراكة والبرنامج الوطني، لتكون الانتخابات تتويجًا لذلك، لأن نظرة الجبهة منذ البداية أن الانتخابات لا تشكل ضمانة لإنهاء الانقسام، لأننا نرى أن تأتي هذه الانتخابات وكل هذه العقبات ما زالت قائمة، فهذا من شأنه أن لا يؤدي لتحقيق الانتخابات غاياتها، وقد يؤدي إلى تعميق الأزمة الداخلية الفلسطينية، خاصةً وأن النتائج المتوقعة لهذه الانتخابات والتي لن تعطي لأي طرف الأغلبية اللازمة لتمكنه للاستمرار بالإمساك بما لديه من سلطة، هذا قد يؤدي إلى تعطيل، وحتى إن تشكلت حكومة وحدة وطنية بعد الانتخابات على الأرجح لن تكون قادرة على ترجمة توحيد الساحة الفلسطينية بعيدًا عن المصالح التي تشكلت وترتبت في ظل الانقسام، ومع ذلك نحن نرى أنه يجب أن نحول الانتخابات لفرصة نعمل من خلالها على مغادرة كل هذا الواقع، ولذلك الجبهة طرحت جدول أعمال متكامل، وللأسف لم يعمل به، وتحفظنا على 3 نقاط، تمثلت الأولى: عدم تضمين البيان الختامي قرارات المجلسين المركزي والوطني كمرجعية للانتخابات، ورأينا أن هناك خطأ كبيرا في ذلك، وربما نوايا تقف وراء ذلك؛ الثانية: عدم تضمين البيان إدانة التطبيع العربي مع إسرائيل، رغم أنه خلال الحوار جرى مناقشة ذلك؛ والثالثة: فصل انتخابات المجلس التشريعي عن الوطني؛ وسجلنا هذه النقاط في المداخلة النهائية، ولكن سنتابع النضال من أجلها خلال الحوار الذي سيستكمل هذا الشهر.

ركزنا في مداخلتنا المتماسكة خلال حوار القاهرة، على المتغيرات الحاصلة الآن وما تضيفه من أعباء علينا كفلسطينيين ومخاطر من محاولات لتصفية القضية، وخطورة الرهان على الإدارة الأميركية الجديدة باعتبارها إدارة لن تغير في جوهر ما قدمه ترامب، خاصة وأن الإدارات الديمقراطية السابقة كانت خير داعمة لإسرائيل، ولم تكن داعمة حتى للاتفاقات التي تمت برعايتها، وبالتالي نبهنا إلى مخاطر الرهان على هذه الإدارة، والعودة للمفاوضات على أساسها، وكذلك أشرنا لمخاطر التطبيع العربي الذي سيتحول لأداة ضغط على الفلسطينيين يمكن أن تمارسه الأنظمة التي طبعت أو الحالة العربية الرسمية بشكل عام للضغط على الفلسطينيين ليقبلوا بتخفيض سقف توقعاتهم، وتدوير زوايا للتوافق مع الرؤى الإسرائيلية، وهذا أمر فيه خطورة، لذلك نحن في الجبهة الشعبية دعونا لعلاج شامل للوضع الفلسطيني من خلال البدء أولًا بترتيب منظمة التحرير، والاتفاق على المجلس الوطني، وتحديد البرنامج الوطني، وقواعد الشراكة، وتحديد وظائف السلطة بعيدًا عن أوسلو وغيره، وأنه يجب أن تجري هذه العملية بعيدًا عن أوسلو، وأن يصدر بيانًا واضحًا وصريحًا بإلغاء هذا الاتفاق، وإلغاء الاعتراف بإسرائيل، وهذا جزء من نضالنا السياسي الذي تمارسه الجبهة وستبقى تمارسه سواء باجتماعات القاهرة أو ما بعد ذلك، لأنه يجب أن لا نبقى أسرى لاتفاق أوسلو، ولا يجب أن يتعاطى أحد مع الانتخابات على أساس أنها تحت سقف أوسلو، ونحن ندعو لتحويل هذه الاتفاقات للتمرد على هذا الاتفاق لإلغائه، لأنه ألحق أشد الضرر بالقضية الفلسطينية، وتبين حتى لمن وقع هذا الاتفاق مدى ما ألحقه من أذى بحقوق الشعب الفلسطيني، وهو ما دعا المجلسين الوطني والمركزي إلى اتخاذ قرارات للتحلل من هذه الاتفاقات، ولذلك نحن ندعو للتعامل مع هذه الانتخابات باعتبارها ساحة اشتباك مع الاحتلال، ونريد من خلالها تغيير قواعد اللعبة معه على قاعدة الصراع الشامل والمفتوح.

الرؤية المستقبلية للجبهة

س: ما هي رؤيتكم المستقبلية للوضع الفلسطيني؟، ورؤيتكم المتعلقة بالمجلس الوطني ومنظمة التحرير؟

ج- نحن نرى أنه لا خيار أمامنا سوى إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها، لتعكس تمثيلًا شاملًا لكل تجمعات الشعب الفلسطيني، وأن يعاد لها دورها التحرري، وأن تعكس الشعار الناظم الذي توحد على أساسه الفلسطينيين، وهو أنه فلسطين للفلسطينيين، وأن العودة وتقرير المصير والدولة والبرنامج الذي يلحظ مصالح الفلسطينيين في هذه الفترة، وأن هدف العودة بالنسبة لنا هو يشكل الجسر الذي يربط بين هذا الهدف المرحلي، والحقوق التاريخية للفلسطينيين في فلسطين، ومن ثم تتولى المنظمة في ضوء البرنامج الوطني الذي تتوافق عليه قيادة النضال الوطني باعتبارها جبهة وطنية تضم في صفوفها جميع مكونات الشعب الفلسطيني السياسية والاجتماعية، وأن يلحظ المجلس الوطني تمثيلًا للقوى السياسية والاجتماعية، وتجمعات الشعب الفلسطيني المختلفة، ثم أن يعكس المجلس المركزي أيضًا تمثيلًا لمختلف تلك التجمعات، وأن تعكس اللجنة التنفيذية مثل هذا الأمر.

إن البرنامج السياسي الذي يشكل قاسمًا مشتركًا في هذه الفترة، ويعكس الهدف الناظم الذي يوحد الفلسطينيين، ثم البرنامج الذي يلحظ مصالح كل الفلسطينيين في مختلف التجمعات هو الذي يمكن أن يعيد للمنظمة دورها التوحيدي والجامع لكل مكونات الشعب الفلسطيني.

نحن، للأسف نرى أن المنظمة أصابها اهتراء شديد، وغيبت مؤسساتها، وتستحضر عند الطلب، ولم تعد تعكس مثل هذا التمثيل أو التعبير عن تطلعات الفلسطينيين في مختلف أماكن تجمعاتهم، وإسرائيل كانت وما زالت تعمل على إنهاء المنظمة ككيان موحد للفلسطينيين من أجل قطع الطريق على الأهداف الوطنية الجامعة، ومن أجل إنهاء وجود كياني للفلسطينيين يتمدد في مساحات هذا الكون، وتعتقد إسرائيل فيما لو أنهت المنظمة لن يكون هناك تعبيرًا للفلسطينيين عن هويتهم إلا السلطة الفلسطينية المحكومة باتفاقية أوسلو، والمقيدة ببقعة جغرافية محددة، والتي لا تمتلك من أمرها السيادي شيئًا، لأن السيادة لا زالت بيد الاحتلال الإسرائيلي، ويتحكم بها الاحتلال من كل الجهات سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا، ولذلك نرى أن العلاج يجب أن يبدأ من منظمة التحرير ويعاد الاعتبار لها على هذا الأساس لتتعزز مكانتها كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، وهذا ما يجب أن نحرص عليه، ثم أن نصوب العلاقة مع السلطة لتقتصر وظيفتها على الإدارة الخدماتية بعيدًا عن اتفاق أوسلو وما يترتب عليه، وهذا ما سنعمل عليه، وهذا هو الذي يمكن أن يخرج الساحة الفلسطينية من أزمتها، ونعيد بعد ذلك الوجه التحرري للقضية الفلسطينية، ونعيد مكانتها في الحالة العربية، خاصةً في أوساط الشعب العربي الذي لا زال يرى أن قضيتنا هي المركزية والذي إذا ما شعر أن الفلسطينيين توحدوا وأعادوا صوغ نضالهم بهذا البعد الوطني التحرري ستتعزز أكثر فأكثر القضية الفلسطينية في أوساطهم، وسيدافعون كما دافعوا سابقًا بشراسة ضد أي محاولات لتصفية القضية الوطنية، وسيتصدون لكل محاولات التطبيع التي جرت من بعض الأنظمة العربية، أو يمكن أن تجري من قبل أنظمة أخرى، وسيوفرون الدعم المادي والمعنوي للفلسطينيين كما جرى في مراحل سابقة، ونفس الأمر سينطبق على الصعيد الدولي، ونحن نعتبر أن هذه الحلقة المركزية التي يجب أن نعمل عليها، ولا نرى في الانتخابات التشريعية هي الحلقة المركزية، لأن هذا لن يعالج الأزمة الداخلية الفلسطينية، وسيبقي الفلسطينيين في ذات المأزق، ويبقي الصراع على السلطة كما كانت، حتى لو تبدلت بعض موازين القوى نتيجة هذه الانتخابات.

تدخلات الاحتلال والانتخابات بالقدس

س: كيف تنظرون للاعتقالات من قبل الاحتلال ضد قيادات وكوادر فلسطينية بالضفة وتأثيرها على الانتخابات؟

ج – الاحتلال سيعمل على تعطيل هذه الانتخابات إذا وجد أنها ستكون أداة لتحرر الفلسطينيين من الاتفاقات الموقعة معه ومن التزاماتهم تجاه هذه الاتفاقيات، وهو يريد أن يبقي الوضع الفلسطيني مسيطر عليه، ويريد بالأساس أن يبقي الانقسام باعتباره مصلحة استراتيجية لإسرائيل كما عبر عن ذلك نتنياهو وغيره، وبالتالي نحن علينا أن نواجه هذا الأمر باعتبار أن الانتخابات هي جزء من معركتنا في مواجهة الاحتلال، وجزء من تحررنا من القيود التي ترتبت على الاتفاقات الموقعة معه، ومن إعادة بناء تموضعنا إلى جانب شعوبنا العربية وقواها التحررية، ونفس الأمر على الصعيد الدولي، لذلك علينا أن نخوض الاشتباك بقوة فيما يتعلق بالقدس وإجراء الانتخابات فيها لأن الاحتلال يتجه لمنع إجرائها، فنحن نتصرف باعتبار أن هذه الانتخابات جزءا من معركتنا مع الاحتلال، ويجب أن لا نسلم بذلك، وفي ذات السياق يجب أن نرفض أي ضغوط خارجية تريد أن تدفع الانتخابات باتجاه تكييف الحالة الفلسطينية حتى تكون جزء من عملية مفاوضات قادمة، لذلك يجب أن نجعل من الانتخابات محطة للخروج من النفق الذي أدخلته فينا المفاوضات.

يجب انهاء الانقسام.

س: ما هي البدائل بنظركم لإجراء الانتخابات في القدس في حال عمل الاحتلال على تعطيلها؟

ج – علينا أن ننهي الانقسام بشكل مباشر، ونعيد ترتيب بناء منظمة التحرير الفلسطينية بالتوافق، لتعود للعب دورها التحرري بعيدًا عن أي التزامات مع الاحتلال، وأن نعيد بناء علاقاتنا العربية والدولية على هذا الأساس، وتجنيب السلطة أي دور سياسي، وأن نفصل ما بين مؤسسات السلطة ومنظمة التحرير، ونعيد النظر في وظائف السلطة مرة أخرى.

أما الخطوات العملية الممكنة، يجب أن يكون ذلك بالتفاعل مع أهلنا بالقدس، لأن هناك تمثيلا فصائليا ووطنيا لهم، وأن نصر على إجراء الانتخابات داخل المدينة المقدسة من خلال مراكز الأندية أو مواقع بريد خاصة بالفلسطينيين، ولا تتبع للإسرائيليين، وفي أسوأ الحالات من خلال مراكز اقتراع توضع في الممثليات والسفارات الأوروبية الموجودة هناك، وعلى كل الأحوال يجب أن نضمن إجراء الانتخابات بالقدس، لأن إسرائيل تسعى لفصل القدس وسكانها عن الجسم الفلسطيني، وقد تطرح أفكارًا بأن يتم وضع صناديق اقتراع خارج القدس، وعلينا أن نرفض ذلك بشكل قاطع، لأن هذا سيسهل على إسرائيل حسم الصراع على القدس، ولذلك مرة أخرى نؤكد أن هذه المعركة يجب أن نخوضها متحدين، وكان من المفترض أن يصدر مرسومًا بشكل صريح حول ذلك يحدد مناطق الاقتراع بالقدس.

س: هل أبلغتم من الدول التي دفعت باتجاه الانتخابات بوجود اتصالات لإنجاح الانتخابات بالقدس؟

ج – لم نبلغ بذلك، لكن اعتقد أنه بما يمتلكون من علاقات ربما يمارسون ضغوطا، ولا يمكن أن نعطي حاليًا إجابة حاسمة حول ما يمكن أن يترتب على ذلك.

المصدر: - حوار : محمود أبو عواد