- عمر حلمي الغول
في محطات بعينها تتسع دائرة الصراع والمنافسة بين القوى السياسية المتباينة، وتزداد درجة الإستقطاب والمناكفة كلما استعرت عمليات الشحن والتحريض فيما بين القوى المتخاصمة، مما يوقع اغلب القوى والاحزاب في أخطاء تكتيكية، وخطايا إستراتيجية احيانا عندما يعميها الغضب والتعصب، أو تحكم بعضها الأجندات الوظيفية، وخلفياتها العقائدية المتناقضة مع المصالح العامة، فتقوم متطوعة بحقن الشارع بالتوتر بسبب وبدون سبب، وتقود الشعب او بعضه لمستنقع العبث.
مرة اخرى اطرق باب موضوع العلاقة التبادلية بين القائمة المشتركة والقائمة الموحدة (الإسلامية الجنوبية) بعد انفصال الأخيرة عن الأولى مطلع شباط / فبراير الماضي، وما تركه ذلك الإنشقاق من تداعيات على مكانة القوى والأحزاب وقوائمها الإنتخابية في اوساط الشارع الفلسطيني داخل مناطق ال48، حيث تراجعت مكانتها وقوتها نتيجة شعور المواطن الفلسطيني بالغضب والإستياء مما شهدته مكونات المشتركة قبل شقها نتاج صراعات مفتعلة، وقف وراءها النائب منصور عباس وحركته الإخوانية عندما انحاز بشكل واضح ومكشوف خلف نتنياهو واليمين الصهيوني المتطرف، وزاد الطين بلة في مقابلته مع القناة 12 الصهيونية، التي وصف فيها اسرى الحرية البواسل ب"المخربين"، وتبرأ من انه زارهم او صافح اي منهم.
مجددا يعود الناب عباس للواجهة ليعكس إصراره على مواصلة عملية تمزيق وحدة الصف الفلسطينية في الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، ليس من باب تلميع نفسه، وانما لحسابات ابعد واعمق من ذلك، وهي الحسابات، التي اعلنها في تموز / يوليو 2020، وإصراره على التحالف مع رئيس حكومة اليمين المتطرف الفاسد، وصاحب قانون "القومية الأساس للدولة اليهودية" العنصري، الذي استهدف ويستهدف ابناء الشعب العربي الفلسطيني بمن فيهم ابناء الحركة الاسلامية الجنوبية، حتى وان إعتقدوا، ان العنصرية لن تطالهم، مع انها تصفعهم على جلودهم صباح مساء، كما تصفع وتجلد ابناء فلسطين من البحر للنهر وفي الشتات والمهاجر.
أخر أخطاء رئيس الحركة الإسلامية الجنوبية تمثل بتنصله من إتفاقية فائض الأصوات مع القائمة المشتركة، حيث تم الإتفاق خلال الفترة الماضية على توقيع إتفاقية بين الجانبين كي يستفاد من فائض الأصوات، حتى لا تذهب هدرا، وتستفيد منها الجماهير الفلسطينية ونخبها المشكلة للقائمة المشتركة. وكان منصور دهامشة سكرتير الجبهة تحدث مع النائب الإخواني يوم الخميس الماضي الموافق 11/ 3/2021 كي يتم اللقاء في مقر المشتركة يوم الجمعة ويجري التوقيع على الإتفاقية، غير انه يوم الجمعة إختفى كليا، ولم يعد يرد على جواله، واغلق اذنيه، وتهرب من مسؤولياته الشخصية والأخلاقية والإجتماعية والسياسية، ولم يتصل أو يعتذر أو يبرر غيابه، وهو ما كشف بشكل واضح إصراره على النكث بتعهده.
رغم ان العديد من القوى والشخصيات السياسية والثقافية في داخل الداخل دخلت على خط الخلافات، وحاولت ترطيب الأجواء بين القوى السياسية عموما، وبين قوى المشتركة والموحدة خصوصا، لكن اقطاب الحركة الاسلامية الجنوبية أداروا ظهر المجن لخيار تهدئة النفوس، ومضوا قدما في خيارهم الخطير، خيار الحرب على الذات الفلسطينية، وتعميق الإنقسام والتشرذم، والإرتهان لإجندة اليمين الصهيوني المتطرف وعلى رأسه نتنياهو وزمرته الحاكمة.
كان يمكن لمنصور عباس وحركته الإسلامية ان يضاعف من مكانته ورصيده في اوساط الجماهير في كل المدن والبلدات والقرى الفلسطينية من خلال تغليب مصالح ابناء جلدته وشعبه على الصغائر والخلافات البينية مع قوى القائمة المشتركة، وان يفصل بين التناقضات الفكرية والعقائدية وبين الإتفاق على فائض الأصوات، وان يبتعد عن الضغائن وسياسة الإنتقام الكيدية، ويبقى على شذرات صغيرة تشير لتجربته بالبعد الايجابي. لكنه للاسف الشديد ماض نحو خياره الخطير، والمهدد للحمة بين ابناء الشعب، ولزرع الفتنة في صفوف الوطنية الفلسطينية خدمة لمآرب وغايات متناقضة مع مصالح الشعب.
لا اعرف ان مازال هناك وقت عند رئيس الحركة الاسلامية الجنوبية لمراجعة الذات أم لا؟ لكني اعلم ان وقت المراجعة دائما مفتوح للجميع، ولم تغلق ابواب المراجعة، وإعادة الإعتبار لذات وترميم الجسور مع القائمة المشتركة وغيرها. آمل ان يحدث ذلك قبيل الإنتخابات التي لا يفصلنا عنها سوى اسبوع، فهل يفعلها عباس؟
[email protected]
[email protected]
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت