مدفوعة بالنزعة التدخلية الجديدة وتحت ذريعة دعم ما يسمى بحقوق الإنسان والديمقراطية، خلقت الولايات المتحدة وحلفاؤها في الغرب أحد أكبر المآسي الإنسانية على مستوى العالم في سوريا.
ومنذ بداية الأزمة في سوريا منذ عقد مضى، قسمت سوريا إلى أجزاء لا يمكن التعرف عليها، بينما مازالت آمال السلام غامضة بشكل مثير للشفقة على أفضل تقدير. ومع ذلك نادرا ما نرى تراجع حدة التدخل الغربي، حتى بعد تفشي جائحة كورونا.
ويكشف وفاة مئات الآلاف من السوريين وكذلك تشريد الملايين منهم بشكل أكبر طبيعة النفاق للنزعة التدخلية الجديدة، وكذلك الأخطار التي تشكلها للعالم أجمع.
وبعد الحرب الباردة، استخدمت واشنطن وبعض الدول الغربية هذه النزعة كذريعة بارعة لإضفاء الطابع الشرعي على التدخل الصريح حول العالم.
ويدعي المدافعون عن هذه النزعة أنهم نبلاء، ويتفاخرون بتحسين حقوق الإنسان، غير أنهم تسببوا في سلسلة من كوارث حقوق الإنسان في أفغانستان والعراق وليبيا وسوريا وغيرها من الدول.
وقوض التدخل الغربي بشدة النظام الدولي القائم، وانتهك مبادئ ميثاق الأمم المتحدة وكذلك الأعراف الرئيسية التي تحكم العلاقات الدولية.
وما يثير السخرية هو أنه بينما يحاول الغرب الذي يدافع عن التدخل إعطاء محاضرات للآخرين بشأن حقوق الإنسان وما يسمى بالقيم العالمية، فإن وضع حقوق الإنسان لديهم مثير للقلق.
ففي الولايات المتحدة، مازال التمييز ضد الأقليات من غير أصحاب البشرة البيضاء منتشرا على نطاق واسع، وأسفر التعامل المروع مع جائحة كورونا عن وفاة أكثر من نصف مليون شخص وإصابة عشرات الملايين.
هناك ثمن لكل شيء. ويجب الآن على القوى الغربية ابتلاع الثمار المُرة لأفعالهم. لقد أجبرت الاضطرابات التي اندلعت عبر العالم العربي بداية من العقد الثاني من الألفية، حتى الآن ملايين اللاجئين على الفرار من أوطانهم وشكلوا خطرا غير مسبوق على تحديات الأمن والهجرة في أوروبا.
وفي سوريا والعراق، أشعل التدخل الغربي الحروب الأهلية، ما جعل هذه الدول بؤر ساخنة للإرهاب والأفكار المتطرفة الأخرى. ونتيجة لذلك، تصاعد ضغط القوى الغربية على مكافحة الإرهاب بالمنطقة.
وللأسف، هذه الأعمال الوحشية غير كارثية بالشكل الكافي لإجبار من يسمون أنفسهم بالمدافعين عن حقوق الإنسان على التوقف والكف عن هذه الأفعال. وبدلا من ذلك، يواصلون استخدام الذرائع القديمة لتبرير التدخلات الخارجية.
وفي الجلسة الـ46 لمجلس حقوق الإنسان، أدانت مجموعة من الدول النامية التدابير القسرية الأحادية التي تفرضها بعض القوى الغربية. وتنتهك هذه التدابير بشدة حقوق الإنسان وتتدخل في السيادة الوطنية والشؤون الداخلية للدول، بحسب البيان.
وأكملت الأزمة السورية عقدا كاملا الآن، دون نهاية قريبة. ويجب على المجتمع الدولي العمل معا على ضمان عدم تكرر مثل هذه المأساة مرة أخرى. وللقيام بذلك، يجب على الولايات المتحدة وحلفائها التوقف عن النهج المتعالي تجاه حقوق الإنسان من أجل الجميع.