شيخوية الأحزاب الفلسطينية وسبل تفعيل دور الشباب

بقلم: محمد أبو ظاهر

محمد أبو ظاهر
  • محمد ابو ظاهر
  • ممثل الجبهة الديمقراطية في مصر

يجري علي الأحزاب الفلسطينية والحركات الوطنية ما يجري على الانسان عبر مسيرة حياته، فالحزب كيان حي يزدهر في شبابه ويترهل في شيخوخته، وليس في ذلك أمراً جديداً. فحتي الحضارات عبر التاريخ مرت بدورات انتعاش وانكَماش وموجات صعود وهبوط، إلى أن اعتراها الوهن وأصابها الجمود. ولعلي أبادر فأوضح أن شيخوخة الأحزاب الفلسطينية ليست أمراً يتصل بالتقادم الزمني لأعمارها، ولكنه يرتبط بانعدام قدرتها على تجديد ذاتها وافتقادها للحيوية السياسية التي تعطيها القدرة علي المضي مع روح  متطلبات الحاضر والتكيف مع الأجيال الجديدة من الشباب التي تقودها. بل أزعم أن كثيراً من الأحزاب الفلسطينية قد فشلت في إحياء شخصيتها ومسايرة الحاضر والاستجابة لمقتضياته، ومطالبه، بل واكتفت  بالشعارات والأقوال المتكررة أن هناك إصلاحاً لأحزبها وتحديثها.

وينبغي أن يكون واضحا أن تجديد الأحزاب السياسية، لا يرتبط بالضرورة بتغيير الشخوص، بل منح أفكار روح التجديد والطاقة الفاعلة التي يستطيع من خلالها مواكبة الأحداث في الوطن والشتات، ودوران النخبة السياسية وتبادل المواقع و المراكز والمسؤوليات، وتوسيع دائرة المشاركة والدفع  بمبادرات بناءة، تصب كلها في قناة التطور الطبيعي الذي يصاحب حركة الأجيال الصاعدة، والا أصبحت تلك الأحزاب كالمياه الراكدة التي يصيبها العجز عن مواكبة التطورات وملاحقة التغييرات. ولعل هدفي من كتابة هذه السطور هو أن أبين أن عملية تطوير السياسات، وبث روح جديدة في الأفكار، والسماح بضخ الدماء الجديدة من الشباب الذين يؤمنون بمبادئ الحزب، تمثل في مجملها عوامل أساسية تدفع الأحزاب الفلسطينية إلى الأمام، وتعطيها الرغبة في الاستمرار في الحركة ومرونة الفكرة واستيعاب المستجدات الوافدة، واستلهام القدرة علي المواجهة وفقا  للظروف والأحداث الجارية، ولقد ظهرت مساحة من الفراغ الذي يفصل بين بعض الأحزاب الفلسطينية والشباب في مناسبات مختلفة، بحيث غاب التواصل واتسعت الهوة وانعدمت الرؤية، ومن المسلم به أن من يؤمنون بأن من لا يقدر علي التغيير فسوف تغيره حتمية التاريخ ومسيرة الزمن. ويجب التوضيح أن بعض الأحزاب الفلسطينية حاولت ان تفعل شيئا في اتجاه حركة التطور ولكنها لم تتمكن دائما من مواصلة الطريق، فضلاً عن أنها عمدت أحياناً إلى الاكتفاء بتغيير الأشخاص دون السياسات وهو أمر أدى بها إلى نوع من العزلة، خصوصا عن الأجيال الجديدة.

ولعلي ألخص أن هناك عوامل رئيسية توثر في شخصية الأحزاب الفلسطينية، وتعطيها ما لها، وتحدد ما عليها، وهي

* أن قضية الديمقراطية داخل الأحزاب هي القضية الفاصلة في تحديد طبيعة الأحزاب واكتشاف هويتها، وهي السبيل الي توسيع دائرة المشاركة وإدخال العناصر الفاعلة علي المسرح السياسي في عملية صنع القرار.

*أن البرامج السياسة  الواضحة التي تقوم على فلسفة اجتماعية، يتفق عليها أفراد الحزب وشبابه، مسألة جوهرية في تحديد قدرة الحزب على مواصلة الطريق ومواجهة العقبات وارتياد المستقبل، فالبرنامج السياسي الجامد يؤدي بالضرورة إلى حالة من التوقف والجمود، تدفع بالحزب إلى الشيخوخة المبكرة، وتعدم رؤيته للمستقبل، وتنهي قدرته على الاستمرار.

*إن الشباب في كل دول العالم لا يقتات الشعارات، أو يكتفي بالأيديولوجيات إنما تحكمه بالضرورة حاجاته اليومية ومطالبه في الحاضر والمستقبل. فلو حاول حزب ان يكتفي بالحديث عن أمجاده واستثمار تاريخه دون أن يعتني بالركائز المطلوبة لوجوده في الحاضر، أو أن يقدم أوراق اعتماده للمستقبل فإنه يكون قد أصبح باهتاً ينصرف عنه الشباب ويسعى حتما إلى تغييره.

أخيراً  إن التوصيف الدقيق، والتعرف السليم علي الاعراض الحقيقية للأمراض التي تعاني منها الاحزاب الفلسطينية، أصبح حقيقة واقعية فالمريض بظني  معرفته لمرضه هي نصف العلاج، لأنها بداية الطريق الصحيح إليه، والشباب المتحمس اليوم قد أدرك حجم المسؤولية المرتبط بالمستقبل، لذلك فإن توريث المسؤولية للأجيال قد أصبح أمراً ضرورياً ولا بديل عنه.

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت