.. مسرح الدُّمى في مدينة بلا رجال

بقلم: المتوكل طه

المتوكل طه
  • المتوكل طه

***

ماذا يبقى لدينا غير تكرار حكاية "ذيل الحمار والجِمال" منذ أن ساقها أحد البدو متفكّهاً ليفسّر معطيات واقعة ، رامزاً " ذيل الحمار" للحاكم الروميّ الذي يسحب وراءه عشرات " الجِمال" رجال البادية ، الذين سلّموه أمرهم وانقادوا وراء ذيله طائعين مُسلّمين !

ماذا يبقى، وفكاهة التكرار توصلنا إلى المفارقة !

وكيف سنخرج من لؤم النظريات التي تقرّ أن التاريخ يعيد نفسه ولو بكيفية أخرى ؟!

ماذا يبقى، والضاد العربية تتسع لكل التبريرات والمنافذ ؟ وكيف سيعتقنا علم النَفْس ويطفئ نار بيعنا وتهاوننا بالجوع والتعب والبلاد؟ والنَفْس الانسانية تهبط كُلّما ارتفع الخطاب والكُرسيّ والصولجان ؟ وهل المطلوب أن نشارف على حَدّ العبثيّة ؟ أم الصمت ؟ أم التغيير الفرديّ العاجز؟

 أكلما ارتفع شأن أحدنا قلّ جموحه وذابت حماسته ؟ أم أنّ في صوت بعضنا الفقير  خيطاً من ضوءٍ لم نلمحه في غمرة البرق ، التي يريدون لها أن تكون طائشة عابرة؟!

.. لعله لم يبق غير الرجوع إلى أول  الطريق وبداية السرّ الواعي ، وإلاّ فإن أحداُ لن يفهم الآخرالوطنيّ ، وسيظل الناس يذهبون إلى الأسواق والبيوت والمناسبات مثلما يبكون ساعة الولادة أو السفر ، ببساطة وسطحية وشرود أبيض.

.. وإذا بقي شيء؛ فلم يبق إلاّ أن أقول إنني أستذكر وأذكّر.. فالمدينة تبدو بلا رجال ، أو أن المجاميع التي تتصادم أكتافُها قد ارتضوا أن تكون هجرتهم لغير الله والوطن ، وأنّ الأقليم قد مدّ خيوطَه وأحكم الحِبال .. وبات المشهد مليئاً بالضوضاء والتلوّث ، ويشبه مسرح العرائس أو الدُّمى التي يُحرّكها أحدهم من "فوق" ... والقدس وحيدة تبكي.

 

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت