- عمر حلمي الغول
لم يكن قرار رئيس الوزراء الصهيوني، نتنياهو يوم الخميس الموافق 8 ابريل الحالي مفاجئا بشأن العلاقة مع محكمة الجنائية الدولية برفض التعاون مع قرارها بالتحقيق في جرائم الجرب الصهيونية ضد ابناء الشعب العربي الفلسطيني. وكان اجتمع يومي الثلاثاء والأربعاء الموافقين 6 و7/ 4 /2021 مع كبار المسؤولين الإسرائيليين، ضم كل من: بني غانتس، وزير الحرب، ويوآف غالانت، وزير المعارف والتعليم، ويفال شطاينتس، وزير الطاقة، وافيحاي مندلبليت، المستشار القضائي للحكومة، ومئير شبات، رئيس مجلس الأمن القومي، وشارون افيك، المدعي العسكري، وغيرهم من ذوي الإختصاص بالملف القضائي، لإعداد الرد على رسالة فاتو بنسودا، المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية قبل انقضاء مهلة يوم الجمعة للرد على إخطار المحكمة الدولية.
ومن كان يعتقد أن القيادة الصهيونية مستعدة من حيث المبدأ للتعاون مع المحكمة، فهو ساذج، ولا يفقه الف باء السياسة والقانون والتاريخ لإن الدولة الصهيونية ذاتها كمركب إستعماري، قامت على ركائز تتنافى وابسط شروط العدالة، دولة مفتعلة ومزورة، وغير مشروعة، دولة لا تنتمي للتاريخ والواقع الجيو بولتيكي، ولا ترتبط باي بعد ثقافي أو إجتماعي أو إقتصادي مع شعوب الأمة العربية خصوصا ودول اقليم الشرق الأوسط الكبير. فضلا عن انها إستندت إلى منظومة إسبارطية فاشية للمحافظة على الذات، والبقاء حيث حدد لها سادتها من غلاة الغرب الإستعماري موقعها لتحقيق غاياته واهدافه المحددة والمرسومة لها.
وهذة المنظومة العسكرتارية شكلت بوصلتها واتجاهها صوب تحقيق تلك الأهداف، والتي تقوم أولا على نفي الشعب العربي الفلسطيني من ارض وطنه الأم، وإحلال مجموعات المهاجرين الصهاينة من اتباع الديانة اليهودية الخزرية الغربية الإشكنازية محلهم؛ ثانيا إنتهاج خيار المجزرة والمذبحة ووضع السيف على رأس جدول اعمال قادتها لتواصل عملية التطهير العرقي ضد ابناء الشعب الفلسطيني صاحب الارض والتاريخ والموروث الحضاري، ولتخفض صوت التناقضات البينية في صفوفها؛ ثالثا لتمزيق وحدة شعوب الامة العربية، والحؤول دون اية نهضة عربية؛ رابعا لخلق المناخ المناسب لنهب ثروات وخيرات شعوب الأمة العربية؛ خامسا لإقامة نظام سياسي اقليمي جديد بقيادة اسرائيل الصهيونية، وتحقيق شعار الحركة الصهيونية، دولتك يا اسرائيل من النيل إلى الفرات، والذي توسع وبات في زمن ترامب الفاسق الإفنجليكاني، دولتك يا اسرائيل من المحيط إلى الخليج واقليم الشرق الأوسط الكبير.
وانسجاما مع ما تقدم جاءت عمليات التطبيع لعدد من الدول العربية الإستسلامية المذلة مع دولة المشروع الصهيوني في العام الماضي 2020 وتحت يافطة كاذبة، "معاهدات السلام الإبراهيمية"، باعتبار أن السلام يقوم بين ابناء واحفاد النبي الكريم أبراهيم، الذي يجمع اتباع الديانات السماوية الثلاث، وإنقلابا على ركائز مبادرة السلام العربية، وقرارات الشرعية الدولية ومحددات السلام الممكن والمقبول.
إذا المنطق العقلي العلمي يؤكد، ان دولة البغي والعدوان الصهيونية لن تقبل التعاطي مبدئيا مع منظومة عمل محكمة الجنايات الدولية، ولن تسلم رقبة قياداتها الفاشية المجرمة، والمتورطة بسلسلة طويلة من المجازر والمذابح ضد ابناء الشعب العربي الفلسطيني، والتي تستبيح الأرض الفلسطينية تهويدا ومصادرة وضما وتفريغا من هويتها ومكانتها التاريخية، وتتنتهك عبر إجتياحاتها وحروبها المتواصلة على ابناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وجنين ورام الله والقدس العاصمة الأبدية وخليل الرحمن وكل بقعة ضوء فلسطينية على ارض فلسطين التاريخية ابسط معايير المعاهدات والمواثيق والقوانين الدولية، وتمتهن حقوق الإنسان، وتقوم بالاعتقال والقتل المتعمد للنساء والاطفال والشيوخ والأبرياء العزل في الميادين والساحات والشوارع.
وما لم تتغير معادلة النظام الدولي القائم حاليا، والذي مازالت حتى اللحظة الراهنة تتسيد فيه الولايات المتحدة مركز الصدارة، وتعيد بعض الأقطاب الدولية مواقفها من محكمة الجنايات الدولية، فإن دولة المشروع الصهيونية ستبقى تتعامل كدولة مارقة وخارجة على القانون الدولي، وسيبقى سيف الإله مارس مسلطا على رقاب الشعب العربي الفلسطيني وشعوب الأمة العربية والإقليم عموما. الأمر الذي يفرض متابعة العمل والتعاون مع المحكمة الدولية حتى لو غيروا المدعي العام، ونصبوا إنسانا متعاونا معهم، على القيادة الفلسطينية مواصلة الكفاح لتقديم كل قادة اسرائيل القتلة امام المحكمة الدولية لمحاكمتهم كمجرمي حرب.
[email protected]
[email protected]
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت