- عمر حلمي الغول
إصدار المحكمة الإسرائيلية قرارا بتجميد إخلاء المنازل في الشيخ جراح إلى الثالث من حزيران/ يونيو 2021 إلى حين إصدار قرار جديد، اي بعد اقل من شهر، لم يحل المشكلة، بل زاد من تفاقهما. لإن المحكمة الإسرائيلية جزء لا يتجزأ من أدوات السيطرة على منازل المواطنين الفلسطينيين، وهي شريكة للمنظمات الصهيونية والحكومة الإسرائيلية في تنفيذ مخطط التطهير العرقي، وطرد السكان من منازلهم. كما ان أجهزة أمن دولة المشروع الصهيوني لم تتوقف عن إستفزاز وملاحقة المواطنين المعتصمين في الشيخ جراح دفاعا عن منازلهم وحقهم في الحياة والكرامة والعيش الآمن، مما ادى اول امس الإثنين نتيجة إعتداء قوات جيش الموت وقطعان المستعمرين إلى إصابة 10 مواطنين بجروح مختلفة. وافاد شهود عيان، بأن قوات واجهزة الأمن قمعت أعتصام الأهالي مع من جاء لمساندتهم من ابناء الشعب، ورشوا المياة العادمة على المواطنين ومنازلهم، وقام المستعمرون بالإعتداء على المواطنين، وجرى نقل 3 من المصابين إلى المستشفى حسب وكالة "وفا".
وكانت المحكمة قبل التأجيل الأخير، حددت موعد 6/5 الحالي للإتفاق بين المستوطنين واهالي الحي الفلسطينيين، وعرض المستوطنون خيار تطهيري عرقي بطريق التفافي، مفاده اولا إقرار العائلات المهددة بالطرد من منازلها، بانها "مستأجرة" وفق قانون "حماية المستأجر" الإسرائيلي؛ ثانيا ان تحدد فردا من كل عائلة ينتهي الإنتفاع بوفاته، بإعتباره آخر الأجيال المنتفعة من "الإيجار المحمي"، وهو ما يعني 1- التخلي الطوعي عن حق الملكية للعقار، والتنازل المجاني لصالح قطعان المستعمرين؛ 2- العمل على إغتيال الأشخاص، الذين تم تحديدهم كآخر الأجيال لنقل الملكية فورا للمستعمرين؛ 3- إطلاق يد المحكمة لتحكم لصالح المستعمرين الصهاينة وفق الإتفاق التطهيري العرقي؛ 4- ابراز القضية امام العالم، بأنها قضية حقوق للمستعمرين، وهي مدعومة بالوثائق وبالتنازل الطوعي من قبل الفلسطينيين. وهذا لن يحدث، ولن يحصل عليه قطعان المستوطنين وحكومتهم ومنظماتهم الإستيطانية.
وقضية سكان حر الشيخ جراح تعود إلى عام النكبة 1948 عندما أُرغم قطاع واسع من ابناء الشعب الفلسطيني على ترك قراهم ومدنهم تحت سيف الإرهاب ومجازر العصابات الصهيونية المنظم، وإضطروا للجوء للحي لحين عودتهم لديارهم، التي هجروا منها، وعلى اثر ذلك في عام 1956 تم الإتفاق بين الحكومة الأردنية والامم المتحدة على توفير منازل لنحو 28 عائلة مهجرة في الحي، تبرعت الحكومة الأردنية بالارض وأنشأت المنازل على ان يستملكها ساكنيها بعد 3 سنوات. عطلت حرب حزيران 1967 حصول السكان على اوراق الملكية. في العام 1972 بدأت المنظمات الإستيطالنية الصهيونية حملة طرد السكان الفلسطينيين والإستيلاء على منازلهم، وقام بعض المستعمرين بتزوير وثائق ملكية لعدد من المنازل، وقبلت بها المحكمة الإسرائيلية، وهو ما يؤكد للمرة الألف بانها جزء من مخطط التطهير العرقي. لكن الجماهير الفلسطينية رفضت التنازل أو إخلاء مساكنها وتصدوا لكل المحاولات السابقة. وكانت أول عملية إحلال لقطعان المستوطنين حصلت عام 2008 و2009، حيث اخليت 3 عائلات من منازلها غرب حي الشيخ جراح، ومازالت قضيتها مطروحة امام المحكمة الإسرائيلية، وهذة الايام تنظر المحكمة الإسرائيلية في تهجير 4 عائلات أخرى، وستنظر في آب / اغسطس القادم في تهجير 3 عائلات، وهو ما يعني دحرجة عملية التطهير العرقي عبر سياسة الخطوة خطوة، حتى تمر دون ضجيج كبير، والنتيجة سيتم طرد 500 مواطن فلسطيني قبل نهاية العام الحالي 2021 من بيوتهم غلى قارعة الطريق.
مما تقدم يتضح ان معركة المواجهة والتحدي تتصاعد، وعمليات التأجيل للبت في القرارات القضائية، او اعطاء فرصة للتوصل لمساومات رخيصة وبخسة مع المستعمرين رفضتها الجماهير الفلسطينية، كما رفضها ويرفضها كل عاقل يحترم عقله ووعيه الوطني، وكل انسان أممي يلتزم بحقوق الانسان واتفاقيات جنيف الأربعة.
هذا وارسلت المملكة الأردنية الهاشمية في الآونة الأخيرة الوثائق، التي لديها والمؤكدة ملكية السكان الفلسطينيين لمنازلهم، وكذلك تم إحضار وثائق الطابو من الأرشيف العثماني لذات الغرض. وهو ما يعني ان كل ذرائع وتزوير المنظمات الصهيونية الإستيطانية وحكومة نتنياهو معهم، لن تفلح في إثبات اية ملكية للآرض والعقارات الفلسطينية. وسترتد حجة المحكمة الإسرائيلية إلى نحرها، ومفادها، ان من "حق اللاجئين اليهود" في أملاكهم المزعومة قبل عام 1948، وتجاهلت المحكمة حق اللاجئين الفلسطينيين في بيوتهم واراضيهم، التي طردوا منها عام النكبة، وعليه ليفتحوا باب العودة للاجئين الفلسطينيين ليعودوا لدياهم ومدنهم وقراهم، وبالتالي منطق زيد يرث، وعمر لا يرث لن تنطلي على احد، ولن تمر.
المؤكد ان معركة الشيخ جراح تتجه نحو التصعيد، وعلى سكان الحي، والعاصمة الأبدية، القدس وكل ابناء الشعب في الضفة وفي مناطق ال48 الوقوف صفا واحدا خلف العائلات المهددة بالتطهير العرقي، وان يتم تشكيل لجنة وطنية عامة من قبل القوى وجهات الإختصاص لوضع خطة وطنية شاملة لمواجهة التحدي، والعمل من الآن لتطوير اشكال واساليب المواجهة لوأد طرد السكان من منازلهم، وعدم الإنتظار حتى يوم ال3 من حزيران / يونيو القادم. اضف الى ضرورة التوجه لمحكمة العدل الدولية، ومحكمة الجنايات الدولية ومجلس حقوق الإنسان الأممي لطرح ملف التطهير العرقي في القدس العاصمة، وليس في الشيخ جراح لوحده ولكن في كل احياء العاصمة الفلسطينية، وكسر حلقات المخطط الإستعماري الصهيوني، وتحرير العاصمة حيا حيا بالوثائق الكفاح الشعبي السلمي والنضال السياسي والديبلوماسي.
[email protected]
[email protected]
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت