المقاومة وتطوراتها وملاحظة مهمة

بقلم: أحمد فايق دلول

أبو عبيدة
  • د. أحمد فايق دلول

المتابع لتطورات المقاومة الفلسطينية منذ انتهاء حرب 2008-2009 مروراً بحرب 2012 و 2014م، يلاحظ أنَّها قد بذلت جهوداً كبيرةً في نقل المعركة إلى خارج القطاع، وهذا أمر ليس سهلاً عليها، لأنَّها تعمل في جغرافيا مساحتها 365 كم2 وترتبط بحدودٍ مكشوفةٍ مع الاحتلال بمسافة 46 كيلومتر من الشرق و7 كيلو متر من الشمال، في ظل حصارٍ بريٍ وبحريٍ وجويٍ مفروضٍ على القطاع منذ 2006م. 
لقد أظهرت المقاومة الفلسطينية تطوراتٍ مهمةً خلال خمسة أيام من العدوان على غزة، حيث أطلقت 2000 صاروخ في تلك الفترة، بينما أطلقت 4500 صاروخ خلال 51 يوماً من عدوان 2014م على قطاع غزة، وهذا يعني أنَّ لدى المقاومة قدرة ًعلى إطلاق 500 صاروخ يومياً مقابل أقل من 100 صاروخ في عدوان 2014م، وهذا يؤكد تصريح العاروري عندما قال بأنَّ حركته –مثلا- تطلق صواريخها من المخزون القديم، وهذا ما يتعلق بالصواريخ لوحدها.
 في سياق التطورات لاحظنا أنَّ طائرة شهاب قد شاركت في صد العدوان على غزة، وهذه الطائرات كانت موجودة في عدوان 2014 لتنفيذ مهماتٍ ثلاث، لكنها اختلفت هذه المرة في جودة أدائها، فهي أكثر قدرةً على الطيران لمسافاتٍ مختلفةٍ وأدق إصابةً لبعض الأهداف.
 ولن ننسى ولو للحظةٍ واحدةٍ عندما أعلن أبو عبيدة عن دخول صاروخ عياش-250 في الخدمة العسكرية، وهو صاروخ يثير الرعب في شكله، ولعل الأجمل أنَّ هذا الصاروخ قد وصل إلى بمسافة 220 كيلومتر نحو مطار ريمون على مقرب من ميناء العقبة جنوب فلسطين المحتلة، وبالتالي فإنَّ إطلاق الصاروخ من جنوب قطاع غزة إلى جنوب فلسطين أو إطلاقه من شمال القطاع إلى شمال فلسطين قد جعل كافة الأراضي المحتلفة تحت مرمى الصواريخ. 
لقد أعلن أبو عبيدة عن تعطيل كافة رحلات الطيران من وإلى دولة الاحتلال، ولم يأتِ هذا الإعلان إلا لأنَّ المقاومة الفلسطينية تدرك حجم ما تمتلكه من قدرات عسكرية قادرة على ضرب أماكن مختلفة من فلسطين، تلا ذلك إطلاق صواريخ على أكثر من مطارٍ وقاعدةٍ جويةٍ داخل الأراضي المحتلة، ولكن –في اعتقادي- هناك ملاحظة مهمة كان يجب على قيادة المقاومة أن تنتبه لها، حيث إنَّ تهديد الطيران بشكلٍ كاملٍ قد حشر الإسرائيليين داخل حدودنا المحتلة وجعلهم يلتزمون الملاجئ، وربما كان من المهم على أبي عبيدة أن يخبرهم بأنَّ المقاومة لن تضرب أحد مطارات شمال فلسطين، وهذا الأمر كان سيسمح لعدد كبير من الإسرائيليين بالهروب على وجه السرعة إلى الدول المجنسين فيها كأوروبا وأمريكا أو بالهجرة العكسية في أوقاتٍ لاحقةٍ، وأعتقد أنَّ هذه فرصة ذهبية. 
حتى اللحظة لا ندري طبيعة المفاجئات التي قد تعلن عنها المقاومة الفلسطينية، لكن لو اعتبرنا أنَّ المقاومة طوَّرت أدوات وإنجازات الصد المستخدمة في عدوان 2014م، فيمكننا التيقُّن من أنَّ لدى المقاومة العديد من المفاجئات سواء تجسدت في تطوير الأدوات السابقة أو في إضافة أدوات جديدة مثل عياش-250. 
ومهما يكن من أمر؛ أملنا في المقاومة كبير. في عدوان 2014م كنتُ أقول بأننا على أعتاب تحرير فلسطين، وعندما شاهدتُ أداء المقاومة الحالي أدركتُ أننا أكثر قرباً للتحرير من ذي قبل، وربما لاحظ الجميع حجم المساحات المحروقة من صواريخ المقاومة، وذلك بالتزامن مع الجهود الكبيرة للفلسطينيين في مدن فلسطين المحتلة. 
على الدوام يجب أن ندرك أنَّ الاحتلال الإسرائيلي هو الاحتلال الأغبى في العالم، لنتخيل للحظة واحدة أنَّ مجموعة من لمم العالم قد جاءوا لبناء دولة تتسع ل10 مليون يهودي على مساحة 27 ألف كيلومترمربع، تقع هذه المساحة في قلب 14 مليون كيومترمربع من أرض العرب التي يقطن فيها حوالي 400 مليون عربي مشتركين في العادات والتقاليد والدين والتاريخ والحضارة، ولنتخيل للحظةٍ واحدةٍ أنَّ أقصى طول لهذه المساحة هو 430 كم، وأقصى عرض هو 110 كم، كما أنَّ فلسطين تأخذ شكلاً طولياً سهل التقطيع، والجغرافيا العسكرية لها لا تصلح لعمليات عسكرية عبر التاريخ. عملتْ إسرائيل على امتلاك سلاح الردع –النووي- بالتزامن مع تفوقها في الانتاج العسكري مقارنة بدول المحيط، لكن ما لا تستطيع إسرائيل إنكاره هو أنَّها تعيش في نفس مكان وجود صواريخ الردع، وهذا يجعلها تعدُّ حتى الألف قبل التفكير في استخدامه. أخيراً؛ يجب أن تدرك المقاومة الفلسطينية أنَّ كل الشعب يشكِّل حاضنةً شعبيةً لها مهما كلَّفت التطورات، وربما يكمن تثمين موقف الشعب من جانب المقاومة في الإعلان عن مفاجئآت جديدة.

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت