- نائل ابو مروان . كاتب ومحلل سياسي
بذلت الحركة الصهيونية جميع ما في وسعها ولا تزال ، من أجل تنفيذ مخططها الرامي إلى إقامة " الدولة اليهودية " التي دعا إلى تأسيسها تيودور هرتزل في المؤتمر الصهيوني الأول في آب عام 1897 بمدينة بازل في سويسرا ، منذ أن ظهرت فكرة (دولتان لشعبين) في سياق البحث والعمل من أجل إيجاد حل للصراع العربي الصهيوني، كان الحديث عن إقامة ( دولة فلسطينية ) يندرج في إطار الخطاب اللفظي من أجل التغطية على المخططات التوسعية الصهيونية وتبرير إقامة (الدولة اليهودية) على أساس عرقي ينطوي على استبعاد كل من ليس يهوديا .
في القناة السرية التي أفضت إلى توقيع اتفاق أوسلو /أيلول 1993 / كانت تدور مباحثات بين طرفين فلسطيني وإسرائيلي من أجل التوصل إلى تسوية للصراع الدائر مع إسرائيل .. كانت تتسم هذه العملية بعدم التكافؤ بالقوة بين الطرفين المتفاوضين .. إن النقطة الجوهرية في اتفاقات أوسلو هي غياب فكرة " دولتان لشعبين ", في المقابل ترفض الحكومات الإسرائيلية أن تلتزم بالقرارات والمواثيق التي تحرم مصادرة الأراضي وبناء المستوطنات عليها . فهي تعمل من دون أن تنظر إلى هذه القوانين بل تنظر الى حجم الأراضي التي ستأخذها وتجعلها أمرا واقعا أمام أي عملية تفاوض إذا وجد اصلا مفاوضات ولن يكون هناك أي مفاوضات ـ لقد حولت اسرائيل القضية الفلسطينية الى حزمة مساعدات مالية فقط . مال مقابل أمن . الكيان الاسرائيلي يريد شركة أمنية لخدمته وتحقيق أهداف دولة الكيان الاسرائيلي من عدم الملاحقة الدولية ويكون الاحتلال غير مكلف . احتلال واستيطان سبع نجوم .
لقد شكل الحديث عن حل " دولتان لشعبين" مادة للخداع الذي استخدمه قادة الاحتلال الصهيوني من أجل استكمال المخططات العدوانية والاستيطانية التي ترمي إلى تهويد فلسطين أرضا وشعبا . وذلك انطلاقا من مفهوم " أرض إسرائيل الكاملة " التي لا ترى وجودا للفلسطينيين , بهدف إقامة " الدولة اليهودية " التوجه الذي بقي الحديث عنها داخليا منذ تأسيس الحركة الصهيونية حتى قيام إسرائيل عام 1948 .. ليس واضحا حتى الآن على ماذا يراهن أبو مازن لتحقيق النجاح في المفاوضات. هل يراهن مثلا على تنازلات إسرائيلية جوهرية بمستوى خطة السلام العربية تحقق انسحابا كاملا من الضفة التي رفضها نتنياهو وقال المبادرة العربية ماتت .. وماذا عن حق العودة . يستطيع حل هذه العقبة بقبول اسرائيلي صريح يسمح له الانتقال لمراحل إقامة الدولة فعلا .
لماذا يلجأ ابو مازن لسلسة من المراسيم تصنع وضعا إداريا وسياسيا جديدا لم يعرفه الشعب الفلسطيني من التمسك في مفاوضات هو يعرف استحالتها مع نتنياهو ومع أي قيادة في الكيان ،
الشعب الفلسطيني وصل مرحلة دفع فيها ثمنا كبيرا ولن يقبل تحت أي ظرف التنازل عن فلسطين لما يشاهد من عدم نجاح المفاوضات بل وتأثيرها المدمر على الشعب الفلسطيني .
كلما قبل المفاوض الفلسطيني بأن تعاد المفاوضات ارتفع الطلب الاسرائيلي من تشدده ويطالب بأن تعترف القيادة الفلسطينية بيهودية الدولة حتى يتم تدمير ما تبقى من الشعب الفلسطيني داخل اراضي 48 ... بل الادهى ان يقول نتنياهو أن المستوطنات ليست عقبة .. بل لا يوجد انسحابا من القدس وكذلك غور الاردن لا انسحاب منه ، لهذا شرع الكيان الاسرائيلي بمساعدة من الادارة الامريكية بقيادة ترامب في ضم القدس وتم اصدار قانون القومية الذي يمنع العودة لأرض فلسطين الا لصاحب الدين اليهودي وأصدر قانون الاستيطان في منح الحق لليهود المستوطنين للتملك وبناء المستوطنات في الضفة الغربية مطلق يدهم التي لا تحدها الا امكانيات الكيان المادية ، لا أعرف على ماذا يراهن ابو مازن هل يراهن على عامل الوقت إذا بقي هناك وقت ولم تبتلع اسرائيل ما تبقى من الارض ؟!.
معنى الحوار والعودة الى المفاوضات مع الكيان رغم ما يطرح نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة الرؤية الإسرائيلية التي لا تؤمن بدولة فلسطينية ، المطالبة لعودة المفاوضات في هكذا وضع لا تخدم القضية الفلسطينية ما دام لا يوجد أي رد فعل فلسطيني حقيقي من جانب الفلسطينيين ، الفعل ورد الفعل لا يحتاج لشعارات يحتاج لفعل .. هل يراهن ابو مازن على الموقف الامريكي والعالمي!! . الموقف الأميركي لا يخرج عن الاجتهاد الإسرائيلي والذي عمد الى منح اسرائيل ضم القدس بموافقة الادارة الامريكية بقيادة ترامب . ومع أن الموقف الرسمي الأميركي يتبنى حل الدولتين ولكن ضمن المفاوضات دون ذكر القدس والعودة . وما ينتج عن تلك المفاوضات ولم يعد في الاصل هناك مفاوضات .. أصبحت السلطة مقيدة بالموقف الأميركي الذي استغل ضعف الحالة الفلسطينية الحالي ليعتصر منه شروطا أصعب لاستمرار الحديث معها .
إسرائيل لا تريد نموا أو تواجدا فعليا لأي كيان فلسطيني فاعل ضمن أراضي فلسطين التاريخية . إسرائيل لا تطمئن للفلسطيني لأنه عدوها المركزي . الكيان والصهيونية يعتبر الشعب الفلسطيني مجموعة بشرية تواجد في أرض اسرائيل حسب خرافات تلموديهم . لهم حق في مساعدة انسانية فقط من تصريح تنقل أو حفر بئر ماء أو تعبيد شارع وليس لهم أي حق سياسي في الارض . مما سبق نقول إن انتخابات المجلس الوطني وتفعيل دور منظمة التحرير الذي نشأ من أجله هي أقصر الطرق لتوفير الجهد والوقت لكي تنسجم منظمة التحرير الفلسطينية مع دورها ووظيفتها التي وجدت من أجلها حيث لم تترك إسرائيل للشعب الفلسطيني إلا خيار المقاومة . يتوجب على منظمة التحرير أن تكون في الموقع الصحيح من رد الفعل . ومع الهدف الذي نشأت من أجله .
وليس بالذهاب بعيدا إلى الأساليب التي تعزز استراتيجية الهدف للكيان الاسرائيلي عن طريق الانتظار لمفاوضات جديدة تدخلها في متاهات جديدة إذا خرجت منها لن تجد شيء تفاوض عليه . خيار " حل الدولتين " لم يكن سوى وهم لدى أطراف التسوية ، جميع الحوارات وعمليات التفاوض مع الإسرائيليين هي مجرد ثرثرة تلهي عن الواقع الذي يجري على الأرض . لعبة إسرائيلية من أجل كسب الزمن والوقت .. لماذا يقدم الكيان تنازل لطرف وهي قادرة على قتله وسلبه وأكثر رد فعل له المطالبة بعودة المفاوضات .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت