التعلم والتعليم عن بُعد .. طلبة المدارس الابتدائية أنموذجاً

بقلم: رقية العلمي

رقية العلمي: ناشطة في حقوق الإنسان عضو لجنة صياغة اتفاقية حقوق الطفل المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان فيينا 1993
  • متابعة: رقية العلمي

في ظل المتغيرات التي يشهدها العالم والتحول السريع أصبح التعلم عن بُعد فكرة ضرورية وملحة خلال أزمة كورونا تخدم الطفولة واحد الأساليب التربوية والتعليمية الأنسب التي تسهم في استمرارية التعليم في الأزمات..

هذه تداعيات أدت لبروز مشاكل وعثرات أثرت بشكل سلبي على التدريس والتعليم. وكان لا مناص من مواكبة التوجه العالمي في تطبيق نص الحق في إلزامية التعليم وضعتها السياسات العالمية والدول العربية ، فاستُحدثت أساليب وطرق للتعليم من خلال تطبيق سياسية التعليم/التعلم عن بُعد أو كما يسميها الطلبة أنفسهم الدراسة من البيت.

التعليم عن بُعد: طريقة حديثة للتعلم لا تعتمد على مكان مُعين للتعليم ولا تُقيد ما تتطلبه الدراسة التقليدية. ويُعتبر ظهور الإنترنت هو السبب الأساسي في ظهور هذا النوع من التعليم.

في السياق سنركز على جزئية التعليم عن بُعد في زمن كورونا وعن هذا النظام الجديد على دوائر التعليم في العالم العربي كما وجديده بالنسبة لأولياء أمور الطلبة.

وبناء عليه جمعنا هنا آراء عن التعليم/التعلم عن بُعد من أخصائيين تربويين وأولياء الأمور ورأي الطلبة والمعلمين والمعلمات والخبراء؛ فالتعليم عن بُعد جديد العهد في التعليم المدرسي الأبتدائي له سلبياته كما وله إيجابيته.

توجه عالمي وعربي:

لما اجتاحت جائحة فيروس كورونا العالم أعلنت منظمة الصحة العالمية في بداية مارس 2020 بإن فيروس كورونا هو وباء عالمي؛ وضمن الإجراءات الصارمة الأخرى دولياً للحد من إنتشار الوباء، أُغلقت المدارس حول العالم في محاولة من الدول السيطرة على تفشي الفيروس

لذلك بجأت الدول العربية إلى خيار التعليم عن بُعد، لضرورة إستمرار المناهج الدراسية المقررة وسد أي فجوة تعليمية قد تنتج عن تداعيات الأزمة.

التعليم في الحالات الطارئة:

عن سلبيات وإيجابيات تجربة التعليم عن بُعد لطلبة الصفوف الإبتدائية يقول الدكتور أيمن مراد اخصائي وخبير تعليم الحاسوب والتعلم الإلكتروني: بدأت بعض المؤسسات التعليمية إستخدام البرامج المتلفزة في

ثمانينات القرن الماضي كإستجابة للتطور التكنولوجي وإنخفاض كلفة إستخدام التكنولوجيا، وفي بعض الحالات كان الدافع هو وجود حالات طارئة تجعل من الصعب الوصول إلى المدارس لتلقي التعليم. وأستمر إستخدام التكنولوجيا في التعليم، لكن النظرة كانت في الغالب إنها كمالية وليسة أساسية وربما جزء من رفاهية المدارس أن تقدم محتوى إلكتروني.

إلا أن جائحة كورونا أعطت سبقاً لتلك المؤسسات التي أمتلكت الرؤية الصحيحة لإستخدام وتطويع التكنولوجيا في التعليم.

وهذا ينطبق على الأسر والعائلات التي خصصت جزء من مواردها لتوفير خدمة الانترنت في المنزل..

إن إستجابة أنظمة التعليم الرسمية والخاصة كانت محصورة في التعلم عن بُعد في ظل جائحة الكورونا وهنا حققت بعض المؤسسات نجاحاً في الإستمرار الحقيقي للتعليم، بينما فشلت بعضها، ذلك لأن توفير التكنولوجي هو جزء من الحل ولكن إستخدامها من قبل الطلبة والأهل والمعلمين كان هو العامل الأساسي للنجاح.

ويرى الدكتور مراد إن الحكومات يجب أن تعيد النظر في سياسة التعلم عن بُعد حتى لو عادت الأمور إلى طبيعتها بعد إنتهاء الجائحة بحيث يكون جزء من البرنامج التعليمي يتم تنفيذه في البيت مما يقلل من ساعات الدوام الطويلة في المدارس ونكون جاهزين أكثر للتعامل مع ظروف مثل الكورونا.

 

في تصويت أجري على التويتر لتقييم تجربة التعلم عن بُعد (الدراسة من البيت) للمرحلة الابتدائية في العالم العربي خلال جائحة كورونا:

هل نجح تطبيق البرنامج الإلكتروني في تحقيق الأهداف المرجوة:

شارك في التصويت 140 مشارك وكانت النتيجة لصالح مبكّر الحكم على التجربة بنسبة 40.7%

نجاح التطبيق 21.4% بينما كانت نسبة لم ينحح 37.9%

 

حقوق الطفل:

وقد أفاد عبد المطلب بن حسن من منصة أجيال، وهي منصة عُمانية تُعنى بحقوق الطفل " بأن المواثيق والمعاهدات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والاتفاقية الدولية لحقوق الطفل والبروتوكولات والملاحق الأممية المختلفة ، جُلها تنص على الحق في التعليم وإتاحة التعليم لجميع الأطفال وجعل التعليم الابتدائي إلزامياً ومتاحاً وتشجيع الحضور المنتظم في المدارس. في ذات الوقت ينص البند 2 من المادة 29 من اتفاقية حقوق الطفل على أنه : [ ليس في نص هذه المادة أو المادة 28 ما يفسر على أنه تدخل في حرية الأفراد والهيئات في إنشاء المؤسسات التعليمية وإدارتها، رهنا على الدوام بمراعاة المبادئ المنصوص عليها في الفقرة 1 من هذه المادة وباشتراط مطابقة التعليم الذي توفره هذه المؤسسات للمعايير الدنيا التي قد تضعها الدولة]. ومفهوم "المعايير التي تضعها الدولة" هنا هو: أن تتماشى سياسة التعليم مع القرارت التي تتخذها الدول بشأن التعليم حيث أجبرت الجائحة على أتخاذ الحكومات قرارات تمس بالعملية التعليمية، فقد تم إغلاق المدارس، إلا أن بعض المؤسسات التعليمية توجهت لعدم إيقاف العملية التعليمية، وعمل اللازم لضمان إستمرارية التعليم عن طريق تطبيق برامج التعليم الالكتروني. وهذا يتماشى ميثاق الأمم المتحدة واليونيسيف إقرار التعليم كأحد الحقوق الاساسية للإنسان حتى في ظروف الوباء والحرب".

 

رأي الطلبة:

توجهت بسؤال للطفل مروان الخطيب 8 سنوات يدرس عن بُعد في إحدى مدارس الخبر التي باشرت رأساً تطبيق النظام بعد جائحة كورونا.

حول من برأيه أحسن الدراسة من البيت أما من المدرسة؟ أجاب:

" أَيْوَا المدرسة أحسن بالأول لما بدأت أدرس من البيت كان حلو وكنت متحمس! بس بعدين طوّل صرت أمِل وما أحب دروسي وماما صارت تعصب علي".

ما قاله هذا الطفل يختصر الكثير من البحث فهو لخص فكرة شاملة الملل من هذا النظام، وأمه التي صارت تعصب عليه، فالطفل في البيت لا يهتم بتعليمات الأم ويستهين بها، وبالتالي لا يستجيب لإوامراها، كما أن حداثة النظام فيه نقص في الخبرة لدى الأهل ولدى الكادر المدرسي بالمقابل يتوتر أولياء الأمور فيُترجم ذلك لتأنيب أو تعصيب حسب تعبير مروان.

أما الطفلة سما في الصف السادس الإبتدائي تدرس في إحدى مدارس دبي سألتها كيف يضمن مربي الفصل مصداقية تطبيقها للبرنامج من البيت قالت بأن أي تأخير في توقيع الدخول أو عدم حل الواجب عبر الأنترنت يقوم المعلم بإرسال رسالة نصية لأهلي كما نتواصل من خلال فيديو مع المعلمين وطلاب صفي.بشكل يومي. ولما ملت من أسئلتي قالت:

" التطبيق سهل العمل عليه بالنسبة لي، لكن صعب علي وصفه لكِ.

وكانت سما قد لخصت التعليم عن بُعد بهذه اللوحة.

 

رأي الأمهات

ترى المهندسة نور بلتاجي أم لطفل في الصف الثاني الابتدائي ، طبقت مدرسته الواقعة في إحدى المدن السعودية نظام التعليم عن بُعد بعد جائحة كورونا:

قد تكون ناجحة عملية التعليم عن بُعد في هذه الفترة، لكن لا شيء يعوّض صحبة الصف و التفاعل بين الطلاب و المعلمين و انتظار الفسحة ووقت الاستراحة، النظام والانضباط، التربية الرياضية والفنون وفهم النظام على أنه قاعد لا تخترق تدعو الطالب احترام هذه الضوابط صعب خلق هذه الأجواء في البيت تعويضاً عن البيئة المدرسية!

إن ذهاب الطفل للمدرسة صحي جداً لجهة تغيير المكان والوجوه هذا التجديد والتغيير يؤثر إيجابيا على نفسيته.

والأهم من كل هذا التفاعل الجسدي والايماءات: إبتسامة من معلّم و زميل وتربيت على الكتف عند إنجاز عمل بشكل جيد، تصفيق الطلاب و الكادر المدرسي عند تكريم أحد الطلاب أو المعلمين... فالإنسان عبارة عن كتلة مشاعر وأحاسيس لا يمكن إدراكها من خلال شاشة والا تحولنا لروبوتات!

يرتاح الطفل لنمط الروتين في حياته لأنه يعرف برنامجه اليومي ويتفاعل معه وجدول المدرسة يحقق له هذه التوقعات.

وتضيف بلتاجي بإن تطبيق تعليم الطفل من البيت ليس بمستحيل لكنه يتطلب جهد ومتابعة أكثر فالطفل متعود بإن البيت هو الملاذ ومكان الراحة بعد اليوم المدرسي الطويل ولم يكن في حساباته هذا التغيير المفاجئ بأن يتوقف عن الذهاب للمدرسة ويتحول بيته لمدرسة.

من جهة أخرى قالت تليد الخطيب من الأردن وتعيش في دبي :

التعلم عن بُعد تجربه جديده بالنسبة لابنتي في الصف السادس الابتدائي، ولكن رغم كل التحديات فبعض المدارس كانت متأهبة ولديها المنصات الإلكترونية مما ساهم في استمرارية التعليم من البيوت بنجاح. خلال الشهرين الماضيين كنت أراقب بشكل يومي الدروس التي كانت ترفع من قبل المعلمات على المنصة الإلكترونية عبر غرفة غوغل للصف الذي يعتمد التعليم عن بُعد على فيديو مسجل مسبقاً من قبل المعلمة: يقوم الأطفال بمشاهدته ومن ثم حل الأسئلة .

هذا الأسلوب فيه شيء من الضعف ففي المدرسة يكون الطفل مع معلمته مما يتيح الفرصة لطرح الأسئلة والمناقشة وتبادل الآراء.

الأسلوب الجديد في الفترة الأخيرة يعتمد اعتماداً كلياً على الأهل في مساعدة الطالب في حل الواجبات وشرح الدروس، وهذا شيء سلبي حيث إننا نعلم أطفالنا الاعتماد على أنفسهم. باختصار الحصص بالذات للمرحلة الابتدائية لا تعطي الدرس ولا المعلم حقه للشرح . ناهيك أن الأطفال يفقدون التركيز بشكل كبير في هذه الأجواء مما اضطر بعض الأباء الجلوس مع أولادهم خلال جميع الحصص بالذات الأطفال الذين لديهم صعوبات في التعلم في مواد معينة.

في الفترة الأخيرة عمت الفوضى في البيوت ولم يعد هناك برنامج منظم يلتزم به الطفل ناهيك عن قلة الحركة وتبني عادات غذائية سيئة مما ساهم في زيادة وزن الأطفال سيما أن الأطفال حرموا من اللعب في الملاعب والساحات والحدائق تحت أشعة الشمس والهواء النقي والتفاعل مع أصدقائهم والمشاركة في الأنشطة المدرسية الأخرى.

آراء المعلمين

في حديث مع إحدى المعلمات التي فضلت عدم ذكر اسمها حول التعليم عن بُعد قالت:

" قررت وزارة التربية والتعليم في الأردن تطبيق التعليم عن بُعد في المدارس الحكومية ضمن الإجراءت التي اتخذت لضمان سلامة الطلاب خلال جائحة كورونا المفاجئة.

لتطبيق التعليم الافتراضي الجديد إيجابيات عديدة وتتمثل هذه الإيجابيات في استمرارية الدراسة واستكمال المناهج وهذا يضمن عدم إضاعة الفصل الدراسي واستثمار وقت الحجر بالشكل الأمثل. وهي مُحفز للطلاب الاعتماد على النفس في التحصيل الدراسي يتوازى مع دور المعلم في إعطاء التوجيهات والتغذية الراجعة . ان هذا النوع من التعليم أكسب الطلاب والمعلمين وأولياء الأمور مهارات جديدة وثقافة تواكب التطور للتقنيات التي بين ايديهم واستثمارها في التعليم بدلا من كونها للترفيه فقط كما كانت.  طريقة جديدة لم تكن موجودة سابقاً خاصة في التعليم الحكومي.

في مقابل هذه الإيجابيات هناك سلبيات منها عدم إمكانية المعلم ضمان لمصداقية الإجابات  عند حل الواجب فمن الممكن أن يقوم أحد أفراد اسرة الطالب بحل الواجب نيابة عنه؛ وبشكل عام التعلم الإلكتروني يفقد التفاعل بين المعلم والطالب في وقت توقف فيه تبادل الأفكار بشكل مباشر خاصة لجهة التواصل السمعي والبصري".

من لبنان رشا حمزاوي معلمة في إحدى المدارس التي تتبع تطبيق برنامج تعليمي دولي، وسياسة دمج الطلاب ذوي الفروقات الفردية في صفوفها؛عن هذه التجربة تقول:

" شكّل التعلم عن بُعد خلال جائحة كورونا تحدياً لا يستهان به في لبنان للمدارس والمعلمين والتلامذة وأولياء الامور على حد سواء، خصوصا وأن بعض المدارس غير مجهزة لإستعمال التكنولوجيا ووسائل التواصل للتعلم عن بُعد ولا المعلمين مدربين بشكل كافٍ لهذه التجربة.

من حسن الحظ كانت مدرستي من المدارس القليلة السّباقة في لبنان لإتباعها نظام المفكرة الإكترونية والتواصل المستمر مع الأهل، إضافة الى تفعيل البريد اللإكتروني للمتعلمين مما سهل عملية التواصل عن بُعد.

كما وقمنا بتفعيل منصة "فرق الميكروسوفت " مع الطلاب بهدف التواصل مع فريق المعلمين والمنسقات والإدارة، وتحضير الدروس، آخذين بعين الإعتبار الفروقات الفردية والمستويات المختلفة في الصف الواحد من جهة، والتواصل المباشر مع التلاميذ للشرح والدردشة وطرح التساؤلت وتقديم الاستيضاحات من جهة أخرى.

كما وأدخلنا أنشطة تأملية وبدنية وإبداعية وثقافية للترفيه عن المتعلمين وإطلاق العنان لمخيلتهم ضمن واجباتهم الأسبوعية.

بيد أن ذلك لم يخلو من المصاعب، حيث كان المعلمين على أهبة الاستعداد ليلا نهاراً لاستقبال الوظائف، تصحيحها وتقييمها، ثمّ ارسال التغذية الراجعة، مما وضعهم تحت ظروف ضاغطة.

بالإضافة الى أن عدد قليل من الطلاب وأهاليهم لم يتجاوبوا ولم تعنيهم هذه التجربة لا من قريب ولا من بعيد، لاعتقادهم ان هذه مسؤولية المعلمين والمدرسة حصرًا، أو لربما بسبب الضائقة المعيشية التي يمرّ بها لبنان وصعوبة توفير الكهرباء التي تنقطع بإستمرار وتأمين الانترنت السريع في البيوت".

يقول حسين الإسكندراني، معلم لغة انجليزية للمرحلة الإبتدائية في إحدى المدارس في السعودية.

"تجربة التعليم عن بُعد ليست حديثة، وجاءت قبل جائحة كورونا، إذ أنّ معظم البرامج الأكاديمية بدأت تعتمد على التعليم عن بُعد وإرشاد الطلاب عبر المواقع والمنصات الإلكترونية.

لكن بات إستخدامها في هذه الظروف بشكل تام ملحاً، التطبيق يعتمد إعتماد كامل على المدرسة والطلاب وهيئة التدريس أدوار مكملة لبعضها البعض.

التعليم عن بُعد، كان فرصة للطالب الإعتماد على النفس وإكتساب مهارات جديدة، فبات المعلم مُيسر وموجه ليس أكثر, وتحول أسلوب التعليم من تلقين إلى تعليم ذاتي مدعوم بافلام فيديو وأوراق عمل ونشاطات تفاعلية. قابلها مشكلة مع بعض الأهل الذين تعودوا على الطريقة التقليدية القديمة في التعليم: بإن يشرح المعلم للطالب الدرس في المدرسة ومن ثم يقوم الأهل في البيت بتسميع ما حفظه الطالب".

الرأي التربوي

من الاردن كان هناك رأي للدكتور حسني الصوي إستشاري وخبير تربوي في المنظمات الدولية ومؤسسات التعليم الخاص:

" التحدي الأكبر أمام مؤسساتنا التعليمية الآن هو الحفاظ على مسار العملية التدريسية برغم كل الظروف المحيطة، فكان الخيار الوحيد والأمثل أمامها لتحقيق ذلك هو التعلم عن بُعد.

والتعليم عن بُعد في هذه المرحلة الإستثنائية له طبيعة خاصة كون أولياء الأمور شركاء في تلك العملية لذا يجب أن تعد البرامج التعليمية المقدمة لهذه الفئة ضمن معايير خاصة أخرى أهمها تدريب المعلم وجودة المحتوى وطريقة عرضه.

أستجاب نظام التعليم عن بُعد للتحديات ومنح القدرة على التعامل مع وسائل تكنولوجية. باستخدام التقنيات الحديثة ومرونة في التطبيق تناسبت واحتياجات الطلبة بتكلفة أقل

يُظهر مهارات التعلم الفردي فالمهارات الفردية لكل شخص تختلف بالتأكيد، وفي الكثير من الأحيان قد يُعاني بعض الأشخاص من فكرة التعلم وسط مجموعة، لذلك فالتعلم عن بُعد قد يكون مُفيدا للبعض لإظهار مهاراتهم الفردية. كما أنه يُساعد على الإعتماد على النفس والبحث عن المعلومة من خلال مصادر مختلفة.

إلا أن هناك من بعض السلبيات لهذا النظام منها عدم وجود تفاعل مباشر بين الطلاب والمعلم أو بين الطلاب وبعضهم البعض بسبب سؤال ما أو مناقشة علمية يجعل العملية التعليمية أعمق وأكثر تأثير من خلال التواصل وتبادل الخبرات مع الآخرين سيما ان التعليم الإلكتروني عن بُعد لا يصلح للتعليم العملي الذي يحتاج لتدريب الطلبة عمليا.

صعوبة إلتزام الأشخاص الذي لا يستطيعون تقسيم وقتهم أو إلزام أنفسهم بواجبات مُعينة.

لأن التعليم عن بُعد يقدم محتوى رقمياً يحقق الهدف من التعلم إلكترونيّاً، وهو تعزيز التعليم الذاتي عند الطالب من خلال اكتساب المعرفة بنفسه وتثبيتها في ذاكرته.

أما عن المعوقات التعليم الالكتروني:

انخفاض دافعيّة الطلبة نحوَ التعلّم، والتوجه إلى الألعاب ومواقع التسلية وذلك بسبب قضاء الكثير من الوقت أمام شاشة الحاسوب والمواقع الإلكترونية.

قد يخفض من مستوى الإبداع والابتكار في إجابات الطلبة، والتي تكون مبرمجة مسبقاً.

ما زلنا نفتقد للمعلمين القادرين على استخدام التقنية الرقمية بطريقة تمكنهم من التعامل معها، والتدريس من خلالها بشكل محترف.

التعليم الإلكتروني يغيب التفاعل الصفي القائم على النقاش والحوار الفعال والحي وهذا من شأنه أن يفقد العملية التعليمية- التعلُّمية البعد الإنساني.

عدم القدرة على دمج المتعلمين وفق إحتياجاتهم ومستوياتهم العقلية كما هو متوفر في المدارس، مما تفقد بعض الفئات من الطلبة لفرص التعلم.

والمطلوب منا حاليا التفكير كيف يمكننا الدمج بين التعيلم الوجاهي والتعليم عن بُعد على نحو منهجي وفعال، وغير موسمي، لكي يقطف المتعلم ثمار كليهما في هذه المرحلة النمائية للتعلم".

التعليم عن بُعد تجربة فلسطين

بدأ تطبيق نظام التعليم عن بُعد في فلسطين خلال الإنتفاضة الأولى 1987 –1993 وكان ذلك قبل تواجد الأجهزة الذكية والانترنت. فلما أغلقت سلطات الإحتلال المدارس والجامعات والمؤسسات التعليمية كان لا بد من وجود نظام بديل كأسلوب لإستمرارية التعليم، فتحولت كل بيوت الضفة الغربية وغزة الى مدارس بيتية أما من بيت الطلاب أو من بيت المعلمين ، ولم يتوقف يوم البرنامج الدراسي ضمن دائرة التعاضد الإجتماعي والدعم المجتمعي ففُتحت كل البيوت والتدريس ولم يتأخر الوقت بتقديم الامتحانات والتصحيح وتحضير الأسئلة. واكب ذلك تدريس الموسيقى والمسرح والرسم والفنون رغم تقييد الحركة إلا انه نُفذ رغم الصعوبات.

ميزانية الأسرة

حول العبء المادي المستجد للأسرة أضافت تليد الخطيب:

" المشكلة التي يواجهها العالم اليوم هي التأقلم على هذا النمط الجديد من التعليم عن بُعد فالكثير من الأطفال ليس لديهم جهاز حاسوب أو خط إنترنت؛

إحدى زميلاتي وهي كينية، وتعمل في دبي تتألم لان إبنتها لا تملك جهاز حاسوب الباهظ الثمن في بلدها، وهي التي تعمل بكد لتوفير التعليم الجيد لإبنتها للحصول على الاستقلالية ورفعة الشأن في الحياة بتحقيق حلمها بأن تصبح طبيبة تخدم بلدها، هذه الكينية اليوم تدخر كل قرش تجنيه لكي تتمكن من شراء الحاسوب لابتنها.

في بعض البيوت يتوفر جهاز حاسوب واحد لعدة أطفال؛ فلمن يعطى حق الأولوية في إستخدام الجهاز؟ سؤال محير للأهل: فبالرغم من وجود أربع أو خمس أطفال لدى العائلة الواحدة فليس بالإمكان شراء جهاز حاسوب لكل طفل ، ويأتي الصراع هنا من سيقوم باستخدام الحاسوب؟ ودور من اليوم؟

ويقع الأهل في مأزق الضيقة المادية وغلاء المعيشة، فشراء أربع حواسيب في الوقت الحالي صعب ومرهق لميزانية الأسرة سيما إن شراء الحواسيب لم يكن مُدرج ضمن ميزانية الأسرة قبل الجائحة". ذات الوقت لم تقم المدارس الخاصة بتخفيض الأقساط المرتفعة جداً في بعض الدول رغم أن الطلبة لن يستعملوا المرافق المدرسية التي هي بحاجة لصيانة ولطواقم توقفت الآن مؤقتاً مما خفف من مصاريف هذه المدارس. كما إن بعض المدارس قامت بتسريح وتخفيض رواتب الهيئات التدريسية والعاملين في مرافقها.

التحديات:

سيخلق التعليم عن بُعد وظائف وفرص عمل جديدة مثل أخصائي الحاسوب والتكنولوجيا ومعدي البرامج الإلكترونية لكنه سيلغي كثير من الوظائف في المدارس مثل طواقم التنظيف وأمناء المكتبات ومعلم المياومة البديل والعاملين في المختبرات المدرسية، كما أن أساطيل الباصات لنقل الطلبة ستتوقف عن العمل وكذلك المقاصف.

الدراسة عن بُعد ستحرم الطالب من التفاعل مع صحبه ومن اللعب ومن تطبيق النظريات المتعلقة بالعلوم كما ستقلل من مهاراته في النقاش المفتوح في الصف ولن يكون هناك لغة جسد تفاعلية بين المدرسين والطلبة.

كما سيؤثر على موهبة الكتابة والقراءة والرسم والفنون بكافة أنواعها بما فيها المسرح والفن والتدبير المنزلي.

التعلم عن بُعد ثورة تقنيه جديده ودمج التكنولوجيا في المناهج أمر في غاية الأهمية، ولكن العالم العربي ليس مستعد ، فليس بالإمكان ضمان حق حاسوب لكل طفل.

كما أن الطفل المعنف في البيت وهذه ظاهرة يجب عدم التغاضي عنها إن كان العنف يمارس عليه من أبويه أو من الأخوة الأكبر سيزداد في ظل وجود جميع أفراد الأسرة في البيت.

كما أن نقص الدراية بالمهارات وعدم معرفة أساليب التدريس من قبل الأهل عند تشغيل وتطبيق البرنامج المدرسي المتاح للطفل سيؤثر سلباً على أداء الطفل.

لقد عبرت المؤسسات الأممية المتعلقة بالتعليم مثل اليونيسيف واليونسكو والاونروا عن مخاوف من أزدياد الأمية أن بقت الجائحة على المدى البعيد، كون الانترنت وخدماته مثل الواي فاي والكهرباء لا تصل إلى كثير من المناطق النائية حول العالم وهذا ينطبق على بعض المناطق البعيدة عن المدن في العالم العربي. كما أن مخيمات اللاجئين المستجدة في بلاد الشام وشمال سوريا والعراق لا تتمتع بأي من هذه الوسائل لتوفيرها للطفل ليس لجهة تعليمة فقط بل كيفية حمايته من انتشار الفيروس ومنع تمدده في مخيمات مكتظة وخيام رثة معظمها بدون كهرباء وماء صالح للشرب ليس بالأمكان توفير التقنيات المطلوبة لتطبيق برامج التعلم عن بعد.والمنصات الافتراضية والتلفزيون التربوي.

-------------------

مراجع:

منظمة الصحة العالمية

اليونيسف

اليونسكو

اتفاقية حقوق الطفل

التعليم في الحالات الطارئة: وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشعل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى الأونروا

الحق في التعليم اتفاقية حقوق الطفل تشرين الثاني/نوفمبر 1989

BBC عربي

منصة أجيال

منصة صدى القراءة

منشورات الأمم المتحدة

 

[i] فلسطين

ناشطة في حقوق الإنسان عضو لجنة صياغة اتفاقية حقوق الطفل المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان فيينا 1993

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت