يلا نحكي: حان أوان إعمال العقل .... والحكومة الانتقالية

بقلم: جهاد حرب

جهاد حرب
  • جهاد حرب

مما لا شك فيه أن معركة "سيف القدس" حققت إنجازات هامة للفلسطينيين جميعا دون استثناء؛ كاستعادة الهوية الوطنية الجامعة للفلسطينيين، وأظهرت قوة الشباب ودورهم في المجتمع الفلسطيني، وأهمية استخدام التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي في المعركة القائمة لزيادة التضامن الدولي، وأحدثت توازنا للرعب، وأبطلت قوة الردع الإسرائيلي، وأعادت القضية الفلسطينية إلى جدول الأولويات الدولية والإدراك بأن المشكلة الأساسية هي الاحتلال وليست الآثار المترتبة على ممارساته وعنفه وردة فعل الفلسطينيين، وعادت روح الثورة للفلسطينيين بتعظيم المقاومة التي افتقدوها في العقود الماضية، وإدراكهم بأن الحكومات الإسرائيلية لا تخضع إلا  للقوة بعد سنوات طويلة من المفاوضات دون تحقيق هدفها الفلسطيني المعلن.

ومن نافل القول إن مراكمة هذه الإنجازات يحتاج إلى عقلنة الخطاب الفلسطيني الداخلي، واستثمار ما تحقق من إنجازات بغية تحقيق الأهداف الوطنية وتطوير المسارات المتوازية للنضال الوطني الفلسطيني، وذلك لن يتم دون استعادة الوحدة وإنهاء الانقسام كقوة دفع للقدرة الفلسطينية وكأداة لتطوير المقاومة الفلسطينية. وفي الوقت ذاته ينبغي عدم إغفال احتياجات الناس وعودة الاستقرار لهم ولعائلاتهم، الأمر الذي يتطلب التفكير في مخارج للأزمات لا الدخول فيها أو الصراع عليها.

إن الخروج من مأزق، المراد أن يدخله الفلسطينيون، الصراع على إدارة إعادة الاعمار والحصاد الحزبي للمقاومة أو الإعمار يتطلب التفكير بتشكيل حكومة وطنية انتقالية يكون أعضاؤها من شخصيات وطنية مشهود لها بالنزاهة والاستقامة، يتخلى من يلتحق بها عن الامتيازات المستقبلية واغراءاتها؛ كتقاعد الوزراء، ويعلنون عدم خوضهم الانتخابات القادمة. تلتزم الحكومة وأعضاؤها بتحقيق ثلاثة أهداف رئيسية في مدة زمنية محددة تتمثل بإعادة الإعمار بشكل شفاف في جميع الخطوات ونزيه في سلوكها وتعاقداتها أولاً، والبدء بتوحيد مؤسسات السلطة في الضفة والقطاع "انهاء الانقسام" وبشكل خاص المؤسسات الخدماتية والمعنية بالإشراف على إعادة الإعمار ثانياً، وإجراء الانتخابات العامة "التشريعية والرئاسية" ثالثاً. بالإضافة إلى تسيير أعمال الوزارات وتطوير الخدمات المقدمة للمواطنين.

إن تشكيل هذه الحكومة من غير الحزبيين، بخاصة حركتي فتح وحماس وممن تورطوا في أزمات الانقسام، لا ينتقص من دور الفصائل الفلسطينية بخاصة حركتي فتح وحماس بل أن لهما دورا أساسيا في حماية المنجزات المتحققة وسرعة انجاز مهامها وذلك من خلال تشكيل مجلساً انتقالياً للرقابة على الحكومة الانتقالية ومساءلتها عن أعمالها. يتشكل هذا المجلس من الفصائل الفلسطينية أساساً؛ بحيث تحصل حركة حماس على ثلث مقاعده وحركة فتح على نفس النصيب، فيما يتوزع الثلث الأخير ما بين الفصائل الفلسطينية ومنظمات المجتمع المدني.  

كما أن تشكيل هذه الأجسام  لا ينفي أهمية الحوار الوطني لوضع الخطط التفصيلية لاستعادة الوحدة والاتفاق على البرنامج السياسي والوطني لقيادة الحركة الوطنية وتحقيق أهداف بما تحقق من إنجازات وطنية لفلسطين أولاً، ولمفهوم المقاومة ورمزيتها ثانياً.

بعد أسبوعٍ على وقف "إطلاق النار" العدوان الإسرائيلي، ذهبت النشوة وعاد المواطنون إلى بيوتهم يتلمسون آثار الدمار والخراب، ويفتشون بين الانقاض على أحبتهم وذكرياهم، وينظرون إلى مستقبلهم بشقيه الفردي والجماعي "الوطني"، فيما تتقاذف أمواج البحر العاتية "الأطراف الدولية والحكومة الإسرائيلية" سفينة الفلسطينيين المتهالكة دون توقف فلا خيار أمامها إلا الغرق أو النجاة.

حان أوان إعمال العقل؛ فالعقلاء وحدهم يتجنبون الكوارث، ويحمون شعوبهم، ويجعلون من ضعفهم قوة، ويطورون انجازاتهم الجزئية الى انتصارات، ويحولون أمنيات شعبهم إلى حقائق على الأرض.

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت