- رامز مصطفى كاتب فلسطيني
ما سعى من أجله بنيامين نتنياهو رئيس حكومة كيان الاحتلال الصهيوني ، خلال السنوات الأخيرة ، في إبعاد المقصلة عن رقبته ، بالمعنى السياسي والشخصي قد انتهى ، أو على مسافات أيام قليلة من الانتهاء . فقد جهد نتنياهو وحزبه الليكود خلال الجولات الأربعة لانتخابات " الكنيست " بهدف تثبيت فوزه في رئاسة الحكومة ، وسلك كل الدروب والطرق من أجل الوصول لذلك ، ولكنه لم يفلح ، وأصبح وجهه داخل جدار توافق " نفتالي بينيت " ، رئيس حزب " يمينا " ، مع " يائير لابيد " ، رئيس حزب " يوجد مستقبل " ، على تشكيل حكومة ائتلاف بالتناوب ، بعد أن انضم إليهما الساقط وطنياً وأخلاقياً ما يسمى برئيس القائمة الموحدة " منصور عباس " ، الذي وصف أسرانا الأبطال بالإرهابيين .
نتنياهو في هذه الأيام يعيش أسوأ أيامه ، وهو كما الثور الهائج ، يريد أخذ كل شيء ما من شأنه خلط الأوراق ، في سبيل قطع الطريق على أية حكومة ائتلافية بين قطبي " بينت ولابيد " ، ومنع تشكيل تلك الحكومة بعد حصولها على ثقة " الكنيست " . وهو لأجل ذلك قدم تنازلات مغرية لأقطاب فيما يسمى ب" اليمين المتطرف " ، لتشكيل إئتلاف من ثلاثة أقطاب تتناوب على رئاسة الحكومة . ولم تقف حدود ثورة فلتان أعصاب نتنياهو عند ذلك ، بل ذهب وخلال مراسم تسلم الرئيس الجديد لجهاز " الموساد " مهامه ، إلى القول “ إذا اضطررنا إلى الاختيار ، وآمل أن هذا لن يحدث ، بين الاحتكاك مع صديقتنا الكبيرة الولايات المتحدة ، وبين إزالة التهديد الوجودي ، فإن كفة إزالة التهديد الوجودي ستكون الغلبة فيها للأخيرة " . وتابع قوله لقد أبلغت الرئيس الأمريكي جو بايدن ، أن حكومته " ستواصل العمل للحيلولة دون حيازة إيران على سلاح نووي ، حتى لو تم التوصل إلى اتفاق معها " .
إنّ تفلت نتنياهو ، إنما يأتي من خلفية أنه قد أدرك أنّ تاريخه السياسي قد انتهى ، بعد سنوات طويلة أمضاها في رئاسة حكومة الكيان ، وبذلك انتهت اسطورة ملك الملوك في كيانٍ يعيش منذ سنوات مأزق سياسي ووجودي حاد ، عمقته المواجهة الأخيرة بين المقاومة وشعبنا من جهة ، والكيان الصهيوني من جهة أخرى .
كان انتصار المقاومة بائناً وأشد وضوحاً من كل المواجهات السابقة ، الأمر الذي نستطيع الجزم معه ، أننا مع تحول إستراتيجي في مشهد الصراع الذي سيبقى مفتوحاً طالما بقي الكيان مغتصب ومحتل لأرضنا ومقدساتنا الفلسطينية .
على وقع ما قد يصح تسميته بهوبرات نتنياهو ، إدارة الرئيس بايدن سارعت إلى أخذ تلك الهوبرات البهلوانية على محمل الجد ، فأرسلت في طلب وزير الأمن الصهيوني " بني غانتس " إلى واشنطن ، لتحميله رسالة واضحة ، أنّ الإدارة الأمريكية لن تسمح بأن ينفذ نتنياهو تهديداته .
وبالتالي على غانتس من موقعه ألاّ ينفذ رغبات نتنياهو القيام بأي عمل عسكري ضد إيران . بتقديري هدفت الإدارة الأمريكية لخطوة استدعاء غانتس لتحقيق مسألتين ، الأولى رسالة لمعارضي نتنياهو أنها قد تخلت عنه ، وإعطاء المترددين في معسكر المناوئين لنتنياهو بعدم التردد في الإطاحة به من رئاسة حكومة كيان الاحتلال .
وبهذا المعنى ليس مستبعد نهائياً ، أنّ الإدارة الأمريكية هي من وقفت وراء تسهيل تفاهمات " بينت ولابيد " ، وليس مستبعد أيضاً أنّ تلك الإدارة ، وعلى الرغم من تصريحاتها المعلنة حول الالتزام بأمن الكيان ، غير أنها كانت سعيدة بما لحق ببنتياهو من هزيمة على يد المقاومة ، لتجد تلك الإدارة نفسها أكثر تحرراً في المضي نحو العودة المرتقبة إلى الاتفاق النووي الإيراني .
نتنياهو على مدار أيام المواجهة العسكرية مع المقاومة وما تلاها حتى الإعلان عن التوصل لتفاهمات الثنائي " بينت لابيد " ، كان موضع تندر وتهكم من قبل الكثيرين من قادة ومسؤولين وإعلاميين داخل الكيان . إلى حد وصف تهديداته بالمزاودات الفارغة واليائسة ، وتهدف فقط إلى تأليب مزاج مجتمع المستوطنين ضد ما تسمى ب" حكومة التغيير " . إلى حين عقد جلسة منح الثقة فيما يسمى ب" الكنيست " ، لحكومة ائتلاف برئاسة رأسيها " بينت ولابيد " ، وما سيتتبعها من تقلبات وخضات سياسية ، سيبقى المأزق والصراع السياسي ، يحفر عميقاً في جسد الكيان ، الذي فشل في مواجهة الشعب الفلسطيني ومقاومته ، وإحدى مظاهر هذا الفشل تمثل في تراجع شرطة الكيان عن قرار متح الإذن ل" مسيرة الأعلام " المنوي تنظيمها الخميس القادم .
رامز مصطفى كاتب فلسطيني
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت