-
اشرف صالح
إن زيارة حماس للمغرب واحدة من جملة الدروس التي نتعلمها كفلسطينيين في كل يوم , بل وفي كل ساعة , لطالما أن هناك تغيرات سريعة تحيط بنا ولم تتوقف , التغيرات التي تثبت لنا كشعب كم كنا ولا زلنا مخدوعين بالشعارات الكاذبة , والتي كانت تحرك مشاعرنا لنكون وقود لأي حراك أو ثورة أو مقاطعة ضد من يطبعون , ولكن كما يقولون في الأمثال "الكذب حباله قصيرة" وأي كذب , الساسة يكذبون والناس يصدقون أو يخافون ويصدقون رغم أنفهم , وفي النهاية يدفعون الثمن وحدهم .
لا يختلف إثنان على أن السياسة عبارة عن مصالح مشتركة وبعيدة عن القيم والمبادئ , وحتى الأحزاب السياسية الفلسطينية وعلى رأسها حماس , تعترف بتلك المقولة وتعمل بها, ولكن الغريب في الأمر هو عدم وجود مصداقية في نية هذه الأحزاب تجاه شعبها , فهي تستخدم الناس في جزئية معينة من المعالة الكاملة والتي تتكون من المصلحة الحزبية , فالجزئية التي يشترك بها الناس مع الأحزاب هي ساحة القتال فقط , وبعد الوصول الى بعض المكاسب الحزبية من الطرف الآخر , ينفصل الناس بشكل تلقائي عن هذه المكاسب , وتحصد الأحزاب ما زرعوه الناس مسبقاً , فعلى سبيل المثال قامت الدنيا ولم تقعد عندما طبعت الإمارات مع إسرائيل , قالوا في الإمارات ما قاله الإمام مالك في الخمر , وبعد ذلك تفاجئنا بأن الإمارات أرسلت قافلة مساعدات الى غزة لتقول لها حماس "شكراً للإمارات الشقيقة" أنا لست ضد شكر حماس للإمارات , فالإمارات مشكورة هي دولة من الدول المهمة والداعمة لفقراء فلسطين اللذين يقفون على أبواب الأحزاب السياسية والجمعيات التي تسمى خيرية , ولست ضد زيارة حماس للمغرب , لأن المغرب لم تعترض على منظمة التحرير عندما تصالحت مع إسرائيل بموجب إتفاق أوسلو , ولم تعترض على حماس عندما كادت أن تنجز تسوية مع إسرائيل تحت إشراف المخابرات المصرية , تسوية مقابل مطار وميناء , ولست ضد إنشقاق حماس عن الإخوان وتحالفها مع السيسي , لأنه وبكل بساطة حماس لم تصمد ساعة واحدة أمام قوة المصريين , ولست ضد إحتضان حماس لدحلان في غزة , رغم أن دحلان لا يزال الشخص الشرس الذي يهاجم حماس علناً على الفضائيات ويعلم تماما أن حماس بحاجته كما أنها في حاجة أي شخص يرسل فلوس الى غزة , ولكنني ضد أن يتبنى أي حزب سياسي سواء كانت حماس أو غيرها , أن يتبنى أوصاف الملائكة ويخدع شعبه بالشعارات ولا يقول الحقيقة .
إن زيارة حماس للمغرب هي ضمن نظرية أصبحت ثابتة لنا كفلسطينيين , وهي أننا نعمل في السياسة تحت سيطرة دولية وإقليمية وعربية , ولا نستطيع الخروج منها ولأسباب كثيرة يطول شرحها , ولكن أهم هذه الأسباب أن الإنقسام والتشرذم والتشتت الفلسطيني جعلنا دائما تحت سيطرت وتحكم وإشراف الآخرين , وبالتالي أصبحنا لا نملك قرار ولا نملك مصداقية , أما الشق المتعلق بحماس نفسها , فإن زيارة حماس للمغرب هي ضمن إستراتيجية جديدة إتبعتها حماس منذ صدور وثيقتها الأخيرة عام 2017 , فهي إنشقت عن الإخوان تنظيمياً , وإتبعت سياسة التسويق والإنفتاح على العالم , وكسر نظرية أن قوتها لا تخرج عن حدود غزة , فالمغرب هي واحدة من الدول التي فتحت معها حماس علاقات قد تمكنها من فتح علاقات أخرى , وهذه العلاقات بحد ذاتها قد تسحب البساط من تحت أقدام منظمة التحرير , وتضعه تحت أقدام الإسلام السياسي .
كاتب ومحلل سياسي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت