- الفلسطينيون طالبوا إدارة بايدن بعدم ربط التحسينات الاقتصادية بالمسار السياسي لحل الصراع مع إسرائيل
ذكر تقرير لصحيفة “القدس العربي” بأن الجانب الفلسطيني، طالب خلال اللقاءات التي عُقدت مع مبعوث الخارجية الأمريكية هادي عمرو، خلال زيارته للمنطقة، بعدم الربط بين التحسينات الاقتصادية المفروض أن تقدمها بها سلطات الاحتلال، وبين أي تطورات خاصة بالمسار السياسي المتوقف، في وقت أبدت فيه أوساط سياسية ارتياحها لطريقة التعامل الأمريكية التي عبّر عن تفاصيلها المسؤول الأمريكي.
وخلال اللقاءات الفلسطينية التي عُقدت مع عمرو، سواء التي عقدها رئيس الوزراء محمد اشتية، أو الاتصالات التي أجريت مع مسؤولين سياسيين مقربين من الرئيس محمود عباس، جرى طرح وجهة النظر الفلسطينية، والمصاعب التي تواجه السلطة الفلسطينية في الوقت الراهن، خاصة الاقتصادية والمالية، والتي كان سببها الرئيس الاحتلال، والخصومات المفروضة على أموال الضرائب، والتضييق الاقتصادي، من خلال حرمان الفلسطينيين من استغلال المناطق المصنفة “ج”، وفق اتفاق أوسلو، وذلك في ظل تراجع الدعم المالي الخارجي، وانحسار الدخل العائد على خزينة الدولة، بسبب الأزمة الاقتصادية.حسب الصحيفة
وقد تم خلال تلك الاتصالات واللقاءات، تقديم شرح وافٍ للمسؤول الأمريكي عن مجمل الأوضاع الفلسطينية، خاصة وأن عمرو قدم للمنطقة في إطار “جولة استكشافية” سيحدد على أساسها خطة تعامل إدارة الرئيس جو بايدن، مع ملف الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، وفي إطار محاولة لجسر الهوة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، والعمل على بدء مرحلة “حسن النوايا”، حسب ما أكد مصدر سياسي فلسطيني.
الشرح الفلسطيني للوضع السياسي والاقتصادي، قدم خلاله المسؤولون الفلسطينيون مطالب مباشرة لإدارة بايدن، شملت العمل السريع على إعادة الدعم المالي المقدم للفلسطينيين “كاملا”، بعد أن أوقفه الرئيس السابق دونالد ترمب، والطلب من واشنطن العمل مع شركائها في العالم أجمع، من أجل تقديم الدعم المالي المتوقف سواء من الدول الغربية أو العربية، منذ عدة أشهر.
وخلال تلك اللقاءات والاتصالات التي عرض فيها عمرو نتائج لقاءاته بالجانب الإسرائيلي، وعد بأن يشمل التحرك الأمريكي القادم حلاً للملفات العالقة، على أن يبدأ العمل بالاقتصادية منها، كما طمأن الجانب الفلسطيني “سياسيا”، بالتأكيد على وعد إدارته بإعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية.
وحسب المصدر الفلسطيني، فقد أشار إلى أن عمرو لم يطلب من الجانب الفلسطيني إجراء تعديل أو تغيير وزاري جديد، وأنه اكتفى بالطلب المتكرر دوما، بتحسين النظام السياسي، فيما طالب الجانب الفلسطيني من جديد، بتدخل أمريكي سريع، لإجبار إسرائيل على الموافقة على إجراء الانتخابات الفلسطينية الشاملة، لتكون مدخلا لحل كل ما له علاقة بتطوير النظام السياسي.
ويكشف المصدر الفلسطيني الذي تحدث لـ”القدس العربي” وفضّل عدم ذكر اسمه، أن هادي عمرو، لم يقدم أيضا مبادرة سياسية بالنمط المعروف، وأنه قدّم اقتراحات فقط للجانبين الفلسطيني والإسرائيلي باعتبارها “بوادر حسن نية” تؤسس لمرحلة لاحقة، وجميعها كانت لها علاقة بالشأن الاقتصادي، ما دفع الجانب الفلسطيني للتأكيد على ضرورة الفصل بين التقدم في أي مجال اقتصادي، وبين وجود مبادرات للحل السياسي.
وقد أبلغ عمرو الجانب الفلسطيني، أنه سيطلب من الإسرائيليين وبشكل رسمي، العمل على إدخال تسهيلات اقتصادية قريبة، من شأنها أن تساهم في تعافي الاقتصاد الفلسطيني المتضرر، حيث عاد بعد لقاءاته مع الجانب الإسرائيلي وأبلع الفلسطينيين أنه قدم هذا الطلب.
وقد حذر المسؤول الأميركي الذي يدير الملف الفلسطيني والإسرائيلي في الخارجية الأمريكية، خلال لقائه مع مسؤولين إسرائيليين، من أن السلطة الفلسطينية في وضع اقتصادي وسياسي صعب وخطير، وطالبهم بخطوات من أجل تعزيز الحكومة الفلسطينية.
وذكر مسؤولون إسرائيليون شاركوا في المحادثات، أن عمرو شدد على أنه “عاد قلقا جدا” من محادثاته في رام الله. ونقلوا عنه قوله: “لم أر أبدا السلطة الفلسطينية في وضع سيئ إلى هذه الدرجة”.
وأكد المبعوث الأمريكي في محادثاته مع الإسرائيليين على أن الأزمة الاقتصادية في السلطة الفلسطينية والأزمة السياسية الداخلية وغياب شرعية للسلطة بنظر الجمهور الفلسطيني أدى إلى نشوء وضع خطير وغير مستقر، وطالب بإجراءات عملية من حكومة تل أبيب، لتحسين الوضع الفلسطيني، وذلك بحسب ما كشف تقرير لموقع “واللا” العبري.
وقد وصف عمرو الوضع في السلطة الفلسطينية بأنه “أشبه بغابة جافة تنتظر أحدا ما كي يشعل النار فيها”. وقال للمسؤولين الإسرائيليين إنه “إذا لم يتوفر بحوزة السلطة المال كي تدفع الرواتب، فإن هذا يمكن أن يقود إلى تدهور آخر، وإلى انهيار في نهاية الأمر”.
وقدم خلال لقاءاته بقادة تل أبيب سلسلة خطوات اقتصادية بإمكان إسرائيل تنفيذها من أجل تحسين الوضع الاقتصادي للسلطة الفلسطينية بشكل سريع نسبيا.
وقد كشف أيضا أنه خلال محادثاته في رام الله وإسرائيل، سلّم رسالة ذات مضمون واحد إلى كلا الجانبين. وقال إنه لا يعتزم ممارسة ضغوط على الجانبين أو التوسل كي ينفذا خطوات من أجل تحسين الوضع، لكنه شدد على أن تدهور الوضع سيمس بالفلسطينيين والإسرائيليين في نهاية الأمر.
وكان عمرو قد عقد سلسلة من اللقاءات والاتصالات مع الجانبين خلال زيارته الأخيرة، ويتوقع أن تكون زيارته مقدمة لسلسة تحركات أمريكية قادمة في المنطقة، تشمل زيارات لمسؤولين كبار، أو استضافة واشنطن لمسؤولين فلسطينيين وإسرائيليين.
وقد أفادت الخارجية الأمريكية في بيان عقب انتهاء الزيارة، أن عمرو استرشد خلالها بهدف الولايات المتحدة لتعزيز تدابير متساوية للحرية والأمن والازدهار للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء بطرق ملموسة وقابلة للتحقيق، على المدى القريب وما بعده، لافتة إلى أن زيارته قد نجحت في دفع هدف تعميق التفاهم مع الإسرائيليين والفلسطينيين في هذا الصدد.
وختمت الخارجية بيانها، أن التركيز الحالي للولايات المتحدة ينصب على تحسين الوضع على الأرض والعلاقات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، مؤكدة أنهما يعدان أمران مهمان في حد ذاته، كما أنهما مهمان أيضا كوسيلة للتقدم في نهاية المطاف نحو سلام شامل.
وقد كشف النقاب عقب انتهاء الزيارة، وتحذيرات عمرو من وضع السلطة الفلسطينية الخطير ماليا واقتصاديا، عن دراسة حكومة تل أبيب اتخاذ عدّة إجراءات لتخفيف الأزمة الاقتصادية التي تمرّ بها السلطة، ومن بينها إدخال جملة من الإجراءات، تشمل تقليص جبي التزامات السلطة المالية، بهدف دفع وضعها الاقتصادي إلى الاستقرار.
وهنا يترقب أن يجري تفعيل اللجنة الفلسطينية الإسرائيلية التي تعنى ببحث الملفات الاقتصادية والحياتية قريبا، بعد أن جرى التوافق على عودة عملها، إثر تدخلات من جهات عدة أبرزها واشنطن، والتي تشمل عقد لقاءات بين مسئولين فلسطينيين ونظرائهم الإسرائيليين، لكن ذلك هو ما دفع بالمسؤولين الفلسطينيين للتأكيد على عمرو، أن هذا الامر لا علاقة له بأي تطور في الملف السياسي، الذي لا تزال حكومة تل أبيب ترفض التقيد بقرارات الشرعية الدولية، أو الاتفاقيات الموقعة سابقا، إذ جرى التأكيد من جديد، على ضرورة أن تقوم حكومة نفتالي بينت بسلسلة خطوات على الأرض، طالب فيها الجانب الفلسطيني، وتمثلت في 14 بندا.
وأهم تلك البنود إعادة فتح بيت الشرق ومؤسسات فلسطينية أخرى مغلقة منذ عام 2001 في القدس الشرقية، وكذلك استعادة الوضع السابق في المسجد الأقصى بالحد من نشاط الشرطة الإسرائيلية في المسجد، ووقف اقتحامات المستوطنين، وكذلك وقف إخلاء منازل الفلسطينيين في القدس، وإطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى القدامى، ووقف التوسع الاستيطاني، وكذلك وقف هدم المنازل في الأغوار، وأيضا وقف اقتحام جيش الاحتلال للمدن الفلسطينية، وتعديل اتفاقية باريس الاقتصادية.
جدير ذكره أن تيسير خالد، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، قال إن بدء اتصالات مع الإدارة الأمريكية الجديدة بعد رحيل إدارة ترامب، أمر طبيعي ولا اعتراض عليه. وأضاف: “غير أن الاعتراض هو على السقف المنخفض لتلك المطالب، فضلا عن أنه لم يكن بينها مطلب واحد يدعو الإدارة الأمريكية الجديدة إلى التراجع عن القرارات والإجراءات التي اتخذتها الإدارة السابقة وشكّلت عدوانا سافرا على الشعب الفلسطيني وحقوقه غير القابلة للتصرف”.