دولة القانون أم دولة العشائر !

بقلم: أشرف صالح

اشرف صالح
  • اشرف صالح

إن أحداث مدينة الخليل الأخيرة والتي لا زالت قائمة "الطوشة بين عشيرتي الجعبري والعويوي" أثبتت أننا في دولة العشائر وليس في دولة القانون كما نسمع في الخطابات السياسية الرنانة , وليس هذا إشارة الى ضعف القانون أو الأجهزة الأمنية في الضفة , ولكن في إشارة الى تعزيز سلوك العشائر والغير منضبط من قبل أصحاب القرار والجهات المعنية بذلك , والمتمثل في إدارة حل الخلاف بين العشيرتين عشائريا وبعيداً عن القانون  , وليت هذا فحسب , بل وإن هناك إهتماماً  زائداً بدور العشائر على حساب القانون , حيث توجهت كل رؤوس قبائل وعشائر الضفة الغربية  والنقب والسبع , ووصل الأمر الى أن يتوجه وفد عشائري من الأردن , وكل هذا من أجل حل خلاف بين عشيرتين , والمستفز بالأمر هو أن الوفود لم تحل الخلاف , بل تتوسل من كبار العشيرتين "الجعبري والعويوي" بأن لا يخرجوا  الى الشوارع بالسلاح ليقتلوا ويحرقوا ويدمروا وينشرون الفوضى والفلتان الأمني , ولا يقف الأمر الى حد العشائر بل وإنه تطور ليصبح إستعراضاً سياسياً , حيث إتصل رئيس حماس إسماعيل هنية بالعشيرتين , وإتصل أمين عام الجهاد الإسلامي زياد النخالة بالعشيرتين أيضاً , وهناك لجنة عشائرية  مكلفة  من الرئيس  أيضاً , وهناك إحتمام أن تتدخل الأمم المتحدة في طوشة "الجعبري والعويوي" وأن تطلب منهما عدم النزول الى الشوارع وإتلاف الممتلكات العامة  ونشر الفلتان الأمني , ونشر الرعب بين المواطنين.. لماذا كل هذا ولصالح من ! .

بالتأكيد أن النسيج الإجتماعي الفلسطيني يتكون من قبائل وعشائر , ولا ينكر أحد أن هذا موروث قديم , له ما له وعليه ما عليه , ولا ينكر أحد بعض الإيجابيات لهذا الموروث , ولكن ما ننكره هو تعزيز وتقوية العادات السيئة  في هذا الموروث , وليس فقط عادات سيئة بل وإنها مخالفة للشريعة الإسلامية , وخاصة الحلول التي تفرق بين القوي والضعيف ولا تنصف الضعيف , وما يترتب عليها من بروتوكولات غريبة ليس لها علاقة بالأخلاق ولا الدين , فمثلاً : العائلة القوية تطلب من العائلة الضعيفة أن ترفع الراية البيضاء وهي في طريقها للديوان من أجل أن تتأسف , وهذا يتم وسط طقوس غريبة ومتخلفة ومستفزة لأفراد العائلة الضعيفة ,  بالإضافة الى بعض الشروط التي تفرضها العائلة القوية على العائلة الضعيفة في جلسة حل النزاع , كمنعهم من التجول في الشارع وفتح محلاتهم التجارية وممارسة حياتهم اليومية , وزد على ذلك أن بعض العائلات لا تكتفي بقتل القاتل , بل تقتل شخص من العائلة الأخرى لا علاقة له بالطوشة , وهذا السلوك الهمجي بالطبع لا علاقة له بالدين والإسلام , لقوله تعالى  "لا تزر وازرة وزر أخرى"صدق الله العظيم .

والمشكلة  أن كل هذه التجاوزات الغير أخلاقية والغير دينية والتي تقوم بها العشائر وما يسمون برجال الإصلاح , هي تحت إشراف الدولة ومؤسسات الدولة , وتحت رعاية الأحزاب السياسية أيضاً , وكأنهم معنيون بتقوية هذه العشائر على حساب القانون , مع أن حكم  القانون أسمى وأرقى وأرحم بكثير من حكم العشائر , فعلى الأقل القانون لا يقتل شقيق القاتل كما تفعل العشائر , والقانون لا يعاقب كل العشيرة بسبب خطأ شخص بعينه كما تفعل العشائر , والقانون لا يتوسل المتنازعين "أصحاب الطوشة" كي لا يخرجوا الى الشوارع ويحرقوا ويدمروا ويخربوا كما تفعل العشائر , فالقانون يفرض نفسه على الجميع ,  ويفرض النظام في الشوارع ويمنع التخريب , ولا يميل لفلان على حساب فلان كما يفعلون رجال الإصلاح , ويعاقب الجاني ويحمي أقاربه , ويعيد الحق لدوي  المجني عليه دون أن ينشروا الفوضى في الشوارع العامة .

كاتب ومحلل سياسي

 

 

 

 

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت