- د. خالد معالي
عبر التاريخ، لم يحدث أن اجبر إنسان على هدم وتجريف منزله بيديه، الا في فلسطين المحتلة، شقاء وتعب العمر، يدمر بسرعة فائقة لدقائق مرة هي الاصعب بالعمر، كما في القدس المحتلة، وبقية مناطق فلسطين المحتلة، دون استثناء اللهم الا من غزة.
حكاية الجرافة ومآسيها تتكرر كل يوم في الضفة الغربية والقدس المحتلة؛ وبات الفلسطيني يخشى ان يصحى صباحا على صوت جرافة تقترب من منزله او ارضه او متجره ، بهدف التجريف والتخريب والحجة جاهزة: محالفة القانون، المفصل على مقاس الاحتلال.
حكاية الجرافة حكاية، فتلك الآلة التي من المفترض أن تعمر وتبني وتساعد الإنسان في الاستخلاف في الأرض؛ صارت لعنة على الشعب الفلسطيني، حيث لا يكاد يمر يوم من دون أن تهدم المنازل وتجرف الأراضي وتخرب ما عمره الإنسان الفلسطيني طوال مئات السنين، شاقة طريقها بالتدمير والتخريب.
جرافة تهدم المنازل فوق رؤوس المقدسيين وتشردهم في العراء، وجرافة تقتلع أشجار الزيتون وتدمر الأراضي الزراعية في الضفة، وجرافة توسع طرق المستوطنات كما في جنوب نابلس، وجرافة تضع الحواجز لمنع تنقل الفلسطينيين وتقتل احلامهم، وجرافة أخرى يمكن لها حتى أن تدوس وتقتل البشر، وكل من يقف في طريقها كما حدث في مخيم جنين، ومع المواطنة الامريكية المسالمة "راشيل كوري".
من على جبال الضفة تشاهد جرافات الاحتلال وهي تجرف وتقتلع الأشجار المعمرة؛ ولا يملك الفلسطيني سوى الحسرة والألم والمزيد من القهر، ودموع الفراق على حضارة وتاريخ وطبيعة جميلة؛ حلت مكانها مستوطنات ومعسكرات تحوي بداخلها شياطين الانس على شكل بشر، لا يتورعون عن كل فعل قبيح ومجرم لتحقيق ساديتهم، وتفوقهم الكاذب على بني البشر، بان الاغيار مثل الحيوانات سخروا لخدمتهم.
تبقى قصة الجرافة تطول وتطول، ولا تتوقف، فالجرافة في الضفة الغربية والقدس المحتلة ستبقى تجرف وتدمر وتقتل؛ ما دام لا يوجد رد عليها، إلا بالتنديد والشجب والاستنكار، "وكفى الله المؤمنين القتال".
ما أن يرى أي فلسطيني في الضفة الغربية والقدس المحتلة شاحنة عملاقة تحمل جرافة ضخمة وكبيرة، حتى يقول: الله يستر. فالجرافة صارت في وعي الفلسطيني مصدر للتدمير وتحطيم آمال الفلسطينيين.
متعارف عليه، ان بناء منزل قد يكلف الإنسان الفلسطيني شقاء عمره ويبنيه طوال مدة قد تصل إلى عشرة أو عشرين عاما، وتجيء جرافة في خمسة دقائق لتهدم شقاء العمر وبدون سابق إنذار وهو ما يتكرر في القدس المحتلة والضفة الغربية دون غزة التي عرفت سر الجرافة.
في غزة هاشم، تستقبل الجرافة ان حاولت التوغل بالتفجير أو إطلاق القذائف عليها، فتولي هاربة لا تلوي على شيء؛ فقوة المقاومة يمكن لها أن تعطل نمطية تخريب وتدمير الجرافة؛ بل وتدمر هي وتخرب؛ بدل أن تخرب وتقتل وتدمر تعب العمر للفلسطينيين وشقاء وتعب العمر، فلغة القوة دوما لها الكلمة العليا.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت