- جهاد حرب
تلاشى مساء أمس الخميس احتمالية إجراء التعديل الوزاري الذي جرى الإعلان، بشكل غير رسمي، عن أسماء الوزراء القادمين لاروقة الحكومة الثامنة عشر وأولئك المغادرين لها، دون الكشف عن آلية الحوارات ذاتها، ودون الانتباه إلى الإعلان عن أسس التعديل وأهداف التغيير المرتقب.
في ظني أن المشكلة الأساسية لا تتمثل بأشخاص الوزراء ذاتهم أو مكانتهم العلمية والاجتماعية، المغادرون أو القادمون؛ فهم يطبقون السياسة العامة المعتمدة من قبل مجلس الوزراء، إن وجدت، ويجتهدون في إصدار تعليماتهم وفقا لرؤيتهم لتطبيق القانون أو نصائح كبار الموظفين والمستشارين، أو توجهات الجهات العليا في الدولة، بل تتمثل بغياب المساءلة الرسمية، لعدم وجود المجلس التشريعي، التي تضع ضوابط ومحاذير مسبقة على عمل السياسيين، فيما يضعون في حسبانهم وحساباتهم وجود منصات رسمية للرقابة مفتوحة لاطلاع المواطنين على هذه المساءلة والمحاسبة للمسؤولين الحكوميين، وبضعف مفهوم الخدمة العامة باعتبار المسؤولين خدماً للمواطنين وغايتهم الحصول على رضا المواطنين؛ وهي غاية كل نظام سياسي ديمقراطي مسؤول أمام شعبه.
كما أن انغلاق الحكومة في مسائل جوهرية وغياب واجهتها الإعلامية للرد على استفسارات المواطنين وتبرير وتوضيح قرارات الحكومة وأفعالها، سواء كان ذلك بقصد أو دون قصد، تشكل نقطة ضعف مركزية في عمل الحكومة الثامنة عشرة، ما أفقدها الكثير من الفطنة في إدراك كنه الأحداث بالسرعة اللازمة، وأضعف حصافتها في تعاطيها مع القضايا الحساسة التي تحتاج إلى سرعة الرد عليها لتجاوز تفاقمها.
مما لا شك فيه أن التغيير أو التعديل الحكومي يأتي لإجراء إما تصويباً لمسار العمل الحكومي لينسجم مع السياسات العامة المقرة والمعتمدة من قبل الحكومة، أو تحسين أدائها وتطوير عملها، أو تعديل في السياسات التي تنتهجها الحكومة بما ينسجم مع التطورات السياسية الاجتماعية والاقتصادية في البلاد أو استجابة لمطالبات شعبية.
إن ضعف وضوح التبريرات لإجراء التعديل الوزاري وطريقة الوصول إليه، وغياب إجراءات واضحة لكيفية اختيار الوزراء الجدد، والاعتماد على ذات المعايير التي تم فيها تشكيل الحكومة الثامنة عشر، وعدم إحداث تغيير في "أركان" الحكومة "الوزراء الدائمون" في الحكومات، وعدم تبرير إنهاء خدمة بعض الوزراء من مناصبهم الحكومية، وعدم تقديم كشف حساب للحكومة عما قامت به على مدار العامين الماضيين ومدى إنجازها للتعهدات والالتزامات التي قدمتها الحكومة، ومدى تحقيق ما كلفت به في كتاب التكليف والتزمت به في خطاب الرد على التكليف، ما أدى الى عدم الرضا عن التسريبات للتعديل الوزاري في الآونة الأخيرة.
في ظني أن الحديث عن الأشخاص في أي تعديل وزاري ليس مهما أو ذات أهمية؛ فهم في النهاية ذاهبون، الأهم ما يحمله التعديل الوزاري من سياسات ومنهج وسلوك لتصويب الأداء والاستجابة لتطلعات المواطنين، أي ما يحتاجه المواطنون؛ سياسات العامة مستجيبة لتطلعات المواطنين واحترام كرامته، ونشر قرارات الحكومة "مؤسسات الدولة" في وقف مناسب والوصول للمعلومات العامة، والاستجابة لاحتياجات المواطنين وضمان حرياتهم العامة والخاصة وصونها، ومساءلة ومحاسبة المسؤولين الذين تجاوزوا صلاحياتهم أو أهملوا باختصاصاتهم، ولم يبدوا العناية الواجبة لحماية أرواح المواطنين وصحتهم واحتياجاتهم وفقا للقانون.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت