رسالة مفتوحة للأمم المتحدة

بقلم: علي ابوحبله

علي ابوحبله
  •  المحامي علي ابوحبله

 رسالة مفتوحة للأمم المتحدة لعناية، سعادة الأمين العام أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، مقر الأمم المتحدة، 405 شرق-شارع رقم 42 نيويورك، 10017، الولايات المتحدة الأمريكية
الموضوع: دعوة للتحرك الفوري في اليوم الوطني لاسترداد جثامين الشهداء العرب والفلسطينيين المحتجزة لدى الاحتلال اللصهيوني ومعرفة مصير المفقودين
 سعادة الأمين العام، نوجه لحضرتكم هذه الرسالة ببالغ القلق والاهتمام؛ حيث يصادف يوم السابع والعشرين من آب (أغسطس) اليوم الوطني الفلسطيني لاسترداد جثامين الشهداء العرب والفلسطينيين المحتجزة لدى الاحتلال الصهيوني والكشف عن مصير المفقودين. منذ العام 1967، تطبق حكومة الاحتلال الصهيوني سياسة مخالفه لابسط قواعد القانون الدولي وتشكل خرق فاضح لاتفاقتي جنيف الثالثه والرابعه برفض تسليم رُفات مئات الشهداء الفلسطينيين لعائلاتهم. ودفن الشهداء - فيما تسميه إسرائيل - "مقابر مقاتلي العدو"، وهي مقابر سرية جماعية تقع في مناطق محددة كمناطق عسكرية مغلقة. فيما يُطلق عليها الفلسطينيون "مقابر الأرقام"، حيث يدفن الشهداء هناك بشكل مجهول بأرقام محفورة على لوحات معدنية ملحقة بجثثهم أو برفاتهم.
إن الطريقة المُهينة والإهمال التي تُدفن بها جثامين الشهداء، إلى جانب عدم وجود تسجيل مناسب من قبل الحاخامية العسكرية الإسرائيلية، تجعل عملية تحديد مكان الضحايا والتعرف عليهم لإخراجهم المحتمل شاقة ومنهكة وفيها انتهاك لحرمة الموتى وتعذيب نفسي لاسرهم ووفقًا للأرقام التي ذكرها مدير مركز القدس للمساعدة القانونية عصام العاروري:
حكومة الاحتلال ما زالت تحتجز نحو 254 جثمانا لشهداء فلسطينيين في مقابر الأرقام، منذ عام 1964، إضافة الى 81 جثمانا محتجزين في الثلاجات، بعد قرار حكومة الاحتلال بالعودة إلى احتجاز الجثامين المقر عام 2015. إن رفض حكومة الاحتلال المستمر للاضطلاع بالعملية اللازمة لتحديد هوية الذين دفنوا في مقابر الأرقام ينتهك قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2474، والذي يطالب الدول الأعضاء بحماية الأفراد من الاختفاء القسري نتيجة للنزاع المسلح في المناطق الخاضعة لسلطتها . حيث يتعين على الدول الأعضاء جملة من الأمور من إصدار وتوفير "وسائل مناسبة لتحديد الهوية، بما في ذلك لأفراد القوات المُسلحة، وإنشاء مكاتب إعلام وطنية عند نشوب نزاع مسلح، وخدمات تسجيل خطية وسجلات للوفيات وضمان المساءلة على نحو مناسب في حالات المفقودين". بضربها عرض الحائط لالتزاماتها في تحدبد هوية الجثامين المحتجزة من خلال استخدام الطرق العلمية المتوفرة، بما في ذلك تحليل عينات الـحمض النووي (DNA)، تنتهك حكومة الاحتلال الصهيوني كذلك التزاماتها أمام المحكمة الاسرائيلية العليا وقرارها الصادر في العام 2017.
 إضافة إلى الجثامين المحتجزة في "مقابر الارقام الإسرائيلية"، تحتجز إسرائيل 51 جثماناً منذ العام 2016 بهدف استخدامهم كورقة للمفاوضات في اتفاقيات تبادل أسرى محتملة مع قوى المقاومه . وقد ألغت المحكمة العليا الإسرائيلية قرارا سابقا لها، وأجازت لجيش الاحتلال مواصلة احتجاز جثامين 13 شهيدا فلسطينيا، بهدف استخدامهم ورقة مساومة خلال أي مفاوضات مقبلة مع الفصائل الفلسطينية. وقال أغلبية قضاة المحكمة إن قانون الطوارئ الإسرائيلي يسمح للحاكم العسكري بدفن جثامين من أسمتهم بـ"الأعداء"، من أجل إعادة الجثامين والجنود الإسرائيليين المحتجزين لدى الفصائل الفلسطينية، وذلك استنادا إلى معايير وصفها القضاة بالأمنية التي تخدم أمن الدولة وسلامة مواطنيها.
ويشكل هذا القرار سابقه خطيره وخرق لكافة القوانين والمواثيق الدوليه من الجدير ذِكره أنّ 22 من أصل 51 جثمان محتجزاً لدى سُلطات الاحتلال الإسرائيلي استشهدوا في غزة، 3 منهم استشهدوا في السجون الإسرائيلية، كما تدور الشكوك أنّ أحدهم قد لاقى حتفه جرّاء التعذيب والمعاملة القاسية، بعد أن أمضى 29 عاما في الاعتقال، بينما استشهد الباقون خلال تنفيذهم هجمات مزعومة، مع وجود شكوك جدية بقيام الجيش الاحتلال بإعدامهم خارج نطاق القانون كما تشير الادلة الميدانية. إنّ احترام كرامة الميت قيمة انسانية مُعترف بها عالمياً وقاعدة من قواعد القانون الدولي العرفي.
وهذا واضح في المادة (16) من اتفاقية لاهاي لعام 1907، والمادة (15) من معاهدة جنيف الاولى، والمادة (18) من معاهدة جنيف الثانية، والمادة (16) من معاهدة جنيف الرابعة. وهو ما أكدت عليه كذلك المادة 34(1) من البروتوكول الإضافي لمعاهدات جنيف. إضافة الى ذلك، ونظراً لتأثير احتجاز الجثامين على أُسَر الشهداء، فإن رفض تسليم الجثامين لعائلاتهم لدفنها بكرامة وتبعاً لمعتقداتهم الدينية، وعمليّة احتجاز الجثامين قد ترقى الى مستوى العقاب الجماعي والمحظور في المادة (50) من لوائح لاهاي، والمادة (87) من اتفاقية جنيف الثالثة، والمادة (33) من معاهدة جنيف الرابعة. إن السياسة الإسرائيلية القائمة على منع العائلات من دفن جثامين ابنائهم بسلام وبما يليق بكرامة الإنسان تنتهك كذلك حقوقهم الإنسانية المتمثلة بحقهم في الكرامة، والحياة الاسرية، والحرية الدينية، والمساواة، وحظر تعرضهم للمعاملة القاسية واللاإنسانية والحاطة بالكرامة.
على ضوء الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وقرارات مجلس الامن، التي تم ذكرها آنِفاً، نحث سعادتك على: إثارة القضية في اجتماعك مع رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بينت خلال جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة ايلول المقبل. دعوة حكومة الاحتلال إلى الغاء ممارسة احتجاز جثامين الشهداء الفلسطينيين بدون شروط وعدم استخدامها كورقة مساومة. مُطالبة سلطات الاحتلال الاسرائيلي باحترام التزامها بالتعرف على رفات الشهداء الفلسطينيين المحتجزين في مقابر الأرقام السرية وإعادتهم إلى أسرهم.
 مع فائق الاحترام والتقدير، المحامي علي ابوحبله رئيس تحرير افاق الفلسطينيه تحريرا في ٢٨/٨/٢٠٢١

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت