- بقلم/ عبد الله الحمارنة
يبدو أن كلاً من بايدن وبينت تمسكا بقواعد اللعبة القديمة للولايات المتحدة في الاجتماعات مع القادة الإسرائيليين، اللقاء الأول مع رئيس ذو توجهات غير مقبولة في دولة الاحتلال.
نفتالي بينت ليس كسابقه نتنياهو، الذي استطاع تحصيل مكاسب سياسية كبيرة في ملفات تخدم الخط المتشدد في دولة الاحتلال، مثل اطلاق يد التوسع الاستيطاني ونقل السفارة الأمريكية، واتفاقيات التطبيع.
سيقارن الاعلام الاسرائيلي طريقة تعامل بينت ونتنياهو مع الولايات المتحدة، في حين أن علاقة نتنياهو كانت تقوم على عدم التسليم الكامل للولايات المتحدة في الملفات الرئيسة، مما أدى الى توتر العلاقة معها في كثير من الأحيان، لكن بينت وعد بعلاقة أقل توترا وأكثر استقرارا.
بعيدًا عن هذه المقارنات، يبدو من حيث المحتوى أن البيانات التي ألقيت في المكتب البيضاوي بعد الاجتماع أظهرت أن السياسة الأمريكية الحالية لم تتغير عن ما كان في زمن أوباما، مثال ذلك: تضامن أمريكي متجدد مع دولة الاحتلال، التزام الولايات المتحدة بأمن دولة الاحتلال، دعم نظام القبة الحديدية، رد دبلوماسي بشأن الملف الايراني.
كما لاحظت من البيانات تكرار لبعض الكليشيهات، مثل: تعزيز علاقات دولة الاحتلال مع الدول الإسلامية، وتعزيز السلام والأمن والازدهار للإسرائيليين والفلسطينيين، ويعد ذلك إشارة غير صحية لدولة الاحتلال بتراجع نفوذها في الملفات الحاسمة لها والتي للولايات المتحدة تأثير فيها، الملف الايراني نموذجًا.
إشارة مهمة من بايدن كانت عندما شكر الرئيس السابق أوباما على تمهيد الطريق لسياسة الولايات المتحدة الحالية في المنطقة، وهي رسالة مهمة جدًا لبينت وحكومته، وشكل العلاقة القادمة مع الولايات المتحدة مما يزيد العبئ على بينت في المرحلة القادمة.
استخدام بينت لنفس الكلاشيهات يعطي إشارة أنه لم يحصل على شيء حقيقي يستطيع تسويقه على المستوى الداخلي، وأرى أن لقاء في البيت الأبيض كان أقرب للقاء علاقات عامة، مثل: الولايات المتحدة هي أقرب حليف لنا، والقدس هي عاصمتنا الأبدية، وإسرائيل دولة صغيرة محاطة بالأعداء.
تقوم سياسة الولايات المتحدة في الفترة الحالية تحت إدارة الديمقراطيين بوجود عدد أقل من الجنود الأمريكيين على الأراضي في مناطق النزاع المشتعلة، ويتعارض ذلك توجهات دولة الاحتلال في الملف النووي الإيراني، ويشكل ذلك تحديًا لبينت والسياسة العامة لدولة الاحتلال مما قد يعني تأجيل خطط مهاجمة دولة الاحتلال لإيران.
اللافت في اللقاء وجود ملفين لم يلقي الاعلام الأضواء بالشكل الكافي، الأول أن رسائل بينت الايجابية تساعد على ترميم علاقة الاحتلال الاسرائيلي بالحزب الديموقراطي الأمريكي التي تضررت بفعل سياسة ترمب-نتنياهو، وهو أمر حيوي تحتاجه دولة الاحتلال في الفترة القادمة، خصوصا اذا حقق بايدن تقدم في انجاز الملفات الداخلية الأمريكية ما يعني أن لديه فرص كبيرة للفوز بالرئاسة مرة أخرى.
الملف الثاني هو التجاهل شبه الكامل للفلسطينيين في اللقاء الذي جمع بايدن وبينت، ذلك يعني أن الفلسطينيين ليسوا من أولويات السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، وهذا أمر مريح نسبيًا لدولة الاحتلال، فهم غير مطالبين بدفع أي استحقاق سياسي على الأقل في المدى المنظور، ويحتم ذلك على الفلسطينيين تغيير سلوكهم الدبلوماسي لتسويق القضية الفلسطينية بشكل صحيح.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت