عملية نفق الحرية بوابة المواجهة

بقلم: صلاح صبحية

يحيى الزبيدي، شقيق الأسير زكريا الزبيدي يجلس بجانب صورة أخيه في منزلهم في مدينة جنين بالضفة الغربية
  •  بقلم : صلاح صبحية

وتبقى عملية نفق الحرية هي الحدث الأهم على الساحة الفلسطينية مهما كانت نتائجها ، فقد بذل الأسرى الأبطال الستة جهودهم لانتزاع حريتهم من بين مخالب الاحتلال وقد حصلوا على حريتهم وإن كانت لأيام قليلة ، هم لم يستكينوا في مواجهة الاحتلال وجهاً لوجه وبما يملكون من أدوات بسيطة تحولت بأيديهم إلى أسلحة استراتيجية ، أظفارهم وعيونهم وآذانهم وأنوفهم حفراً ومراقبة وسمعاً وشماً ، كما هو صبرهم لإنجاز هدفهم الذي احتاج إلى أسابيع وأشهر ليحققوه ، وهم بذلك أوجدوا معادلة جديدة في الصراع مع العدو الصهيوني ليس في داخل زنازين الاحتلال وحسب وإنما في كافة أماكن المواجهة ، معادلة تقول إن أبسط الأدوات والأشياء يمكن أن تتحول إلى أسلحة استراتيجية في مواجهة الاحتلال وكل مقومات وجوده ، وكما كان الحجر الفلسطيني سلاح الانتفاضة الكبرى عام ١٩٨٧ فقد أصبحت الملعقة سلاحاً في يد الأسرى في عملية نفق الحرية عام ٢٠٢١ .
لقد وضعتنا عملية نفق الحرية أمام مواقف يجب ان تنقلنا إلى مرحلة جديدة في صراعنا مع العدو الصهيوني ، وهذه المواقف هي :
 ١= إنً شعبنا العربي الفلسطيني يتوحد دائماً في مواجهة العدو الصهيوني ، وقد تجلى ذلك بالوحدة الوطنية الفلسطينية ، فعندما تتابع نساء فلسطين في مخيمات الشتات أخبار أسرى نفق الحرية فهذا يدل أنّ شعبنا الفلسطيني يمتلك الإرادة والقدرة ليكون جسداً واحداً في مواجهة العدو الصهيوني.
٢= رغم أن أسرى نفق الحرية ينتمون تنظيمياً إلى حركتي فتح والجهاد إلا أنّ النظرة الفلسطينية العامة كانت تنظر إليهم كأبناء لفلسطين وليس أبناءً لهذا التنظيم أو ذاك وقد تجلى ذلك واضحاً في مواقف كل الفصائل الفلسطينية التي أكدت في كل البيانات الصادرة عنها على أنّ قضية الأسرى هي قضية الجميع ومسؤليتهم وفي المقدمة منهم الفصائل الفلسطينية، وهذا يؤكد أن اللقاء الحقيقي للفصائل الفلسطينية هو في ساحة المواجهة مع الاحتلال وأدواته ، وهذا يتطلب إعادة النظر في العلاقات القائمة بين كل الفصائل والانتقال بها من حالة التنافر والتباعد إلى حالة التكاثف والتقارب ، فهل يمكن للفصائل والقوى الفلسطينية أن تتلقف درس عملية نفق الحرية وتطور علاقاتها فيما بينها على قاعدة الكل الفلسطيني في مواجهة العدو الصهيوني.
٣= إنّ كل ما نملكه وما هو بحوزتنا يمكن أن يتحول إلى سلاح فتاك واستراتيجي في مواجهة العدو الصهيوني ، وهذا ما فعله أسرانا في انتزاع حريتهم عبر نفق الحرية باستخدام الملعقة في حفر النفق ،ولا ننسى ما قام به أبناء شعبنا في حالة جبل صبيح الذي استخدم فيها الأضواء الكاشفة في عملية ارباك للمستوطنين الصهاينة الذين أجبروا على مغادرة الأرض التي استولوا عليها ، وكذلك البالونات الحارقة التي تطلق من قطاع غزة باتجاه المستوطنات المحيطة به ، ولتحويل أدواتنا وأشياءنا إلى إسلحة في أيدينا فإنّ ذلك يحتاج إلى قرار جريء وإرادة قوية وإيماناً لا يتزعزع بقدرتنا على مواجهة الاحتلال وحقنا في ذلك مشروع إنساني ودولي .
٤= إنّ عملية نفق الحرية جعلت التطبيع العربي في مهب الريح إذ التف كل الشعب العربي حول أسرى نفق الحرية وقضيتهم العادلة ، وهذا يعني أنّ أي مواجهة فلسطينية شاملة مع العدو الصهيوني تضع التطبيع العربي مع العدو الصهيوني في الزاوية الحرجة ، فلنكثف نضالنا الفلسطيني من أجل محاصرة التطبيع العربي.
 ٥= لقد وضعت عملية نفق الحرية قضية الأسرى على الطاولة العالمية وأصبح العالم يتحدث عن الأسرى الفلسطينيين في دولة يؤمنوا بها أنها دولة الديمقراطية والحرية ، حيث فرضت هذه العملية بكل نتائجها محاصرة العدو الصهيوني عالمياً ، لأنّ هذه العملية بعثت برسالة واضحة إلى العالم مضمونها معاناة الأسرى في زنازين الاحتلال وذلك بأقل جهد إعلامي وسياسي يمكن بذله للوصول إلى هذا الهدف حيث قامت كل وكالات أنباء العالم بنقل معاناة الأسرى الفلسطينيين إلى كل بيوت العالم .
إذاً فإنّ عملية نفق الحرية إن لم تحقق الحرية الدائمة لأسرانا الستة فإنها أعادت للقضية الفلسطينية موقعها الحقيقي عربياً وعالمياً على المستوى السياسي والإعلامي ، وقد لاحظنا ذلك من خلال المسيرات والتظاهرات والفعاليات التي جرت خاصة في أوروبا وامريكا ، لذلك يجب علينا التقاط عملية نفق الحرية والتمسك بها والانطلاق منها لتطوير مقاومتنا الشعبية ليس على خطوط التماس وحسب وإنما في كل أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة ، وإطلاق طاقات الشباب في إبداع وسائل نضالية متجددة ومتطورة ، فلتكن عملية نفق الحرية تأسيساً لمرحلة نضالية فلسطينية جديدة يخوضها كل الشعب الفلسطيني ضد العدو الصهيوني .
 ٢٠٢١/٩/١٦ صلاح صبحية

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت