- المحامي علي ابوحبله
أشارت تركيا إلى أنها ستقوم بإجراء مناورات عسكرية مشتركة مع أذربيجان هذا الأسبوع في منطقة على الحدود مع إيران بعد أن انتقدت الحكومة في باكو طهران لإجراء مناورات عسكرية بالقرب من حدودها، وفقا لوكالة بلومبيرغ الأميركية. وقالت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الوطني التركية الميجور بينار كارا، في إعلان تلفزيوني، إن “المناورة ستجرى بمشاركة تركيا وأذربيجان في ناختشفان بأذربيجان في الفترة من 5 إلى 8 تشرين الاول”. جاء هذا الإعلان بعد أن أعلن الجيش الإيراني الأسبوع الماضي، أنه يجري تدريبات في شمال غربي البلاد.
وفي وقت سابق يوم الأحد، دافع المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي عن التدريبات بالقرب من الحدود مع أذربيجان، والتي ربطها مسئولون آخرون بعلاقات باكو الوثيقة مع إسرائيل خصم طهران. بعد نحو عام على حرب كاراباخ الثانية بين أذربيجان وأرمينيا، ساد التوتر مرة أخرى في جنوب القوقاز، مع ترافق السجال الحاد بين إيران وأذربيجان بمناورات وتحركات عسكرية تشارك فيها أطراف أخرى، ما يؤشر إلى أن العلاقة بين طهران وباكو قد تتجه إلى مزيد من التصعيد، في ظل سيناريوهات مفتوحة على أكثر من احتمال، النقطة المركزية المعلنة فيها علاقات التعاون بين أذربيجان وإسرائيل، وإمكانية استغلال تل أبيب لهذه العلاقات في حربها المفتوحة على الملف النووي الإيراني، أما الأعمق فهي التغيرات الكبيرة في خريطة التحالفات في منطقة جنوب القوقاز بعد ثلاثين عاماً على انهيار الاتحاد السوفييتي. لإسرائيل عدد من القواعد العسكرية في أذربيجان.
القاعدة الأولى وافقت عليها بطلب من رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك عام 2000، ثم بنت إسرائيل قاعدة ثانية عام 2003. وتقع القاعدتان في جنوب أذربيجان، وتحتويان على طائرات من دون طيار ومنظومات تجسس عالية التقنية، تقول إيران إنها موجهة ضدها. لكن وزارة الخارجية الأذربيجانية أكدت "عدم وجود أي قوات ثالثة بالقرب من الحدود الأذربيجانية الإيرانية"، في إشارة ضمنية إلى إسرائيل، من دون أن تذكرها بالاسم. هذا النفي الذي جاء في بيان للخارجية الأذربيجانية لا يعد نفياً من حيث المبدأ لوجود قواعد إسرائيلية في أذربيجان. جنوب القوقاز على خط المواجهة بعيداً عن العامل الإسرائيلي، فإن الغليان الحالي في منطقة القوقاز يعود إلى رغبة إيران في الالتفات إلى هذه المنطقة الحيوية بعد سنين من إهمالها عملياً. وفي العقود الثلاثة الأخيرة تغيّرت التوازنات والتحالفات في جنوب القوقاز كثيراً.
وبعدما كانت المنطقة تابعة لروسيا بالكامل، بدأت أرمينيا وجورجيا وأذربيجان في شق طريقها الخاص، في ظل ظروف صعبة وتحولات سياسية واجتماعية واقتصادية عميقة، بعيداً عن روسيا التي شهدت ظروفاً لا تقل صعوبة عن البلدان الثلاثة. وبدا واضحاً أن روسيا الغارقة بالفوضى، ركزت أكثر على أوضاعها الداخلية وقمع النزعات الانفصالية في جمهوريات شمال القوقاز التابعة لها مع ارتفاع الحس القومي للجمهوريات ذات الغالبية السكانية المسلمة، والظروف الاقتصادية الصعبة، ولم يكن لدى روسيا الكثير لتقدمه لهذه البلدان، فتراجع دورها كثيراً على حساب صعود دور الولايات المتحدة التي بدأت بالتفكير في حوض قزوين على أنه المصدر الجديد للنفط لها ولحلفائها الأوروبيين، وجنوب القوقاز هو الممر الرئيس لهذه الثروات عبر تركيا لاحقاً، إضافة إلى رغبة واشنطن في تضييق الخناق على موسكو.
وأثار التدخّل الروسي، بعد تعافيها، في جورجيا مخاوف جميع البلدان السوفييتية، وفي الدرجة الأولى دول جنوب القوقاز. وإضافة إلى الولايات المتحدة، بدأ الدور الصيني يتعاظم في المنطقة، ووصل إلى اعتبارها منطقة إستراتيجية ضمن مشروع "الحزام والطريق".
أما الاتحاد الأوروبي، وعلى الرغم من أنه أبدى اهتماماً كبيراً بالعلاقات مع جنوب القوقاز، فإن العلاقات لم تتطور إلى المستوى المطلوب لظروف ذاتية وموضوعية، تتعلق بطبيعة الأنظمة السياسية والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ولاحقاً انكفأت أوروبا عن هذه المنطقة بسبب تركيزها على مشاكلها الداخلية. يتخوف خبراء من أن يتطور التوتر الذي تشهده العلاقات بين إيران وأذربيجان إلى صدام عسكري بين البلدين، مشيرين في هذا الشأن إلى القضايا التي تفسد الود بين الجارتين. وكان التوتر بين البلدين ازدادت حدته بعد تحرك قوات إيرانية في اتجاه الحدود الأذربيجانية لإجراء مناورات "فاتحو خيبر".
وتشير تقارير إلى أن الوحدات الإيرانية تشمل لواء جوي وقوات مدرعة وقوات مدفعية ووحدات هندسية، الأمر الذي قوبل، حسب الأنباء، بخطوة تمثلت في نشر قوات أذربيجانية وتركية على الحدود مع إيران، ما دفع بعض المحللين إلى عدم استبعاد تطور الأحداث إلى صدام عسكري.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت