- المحامي علي ابوحبله
تحولت تظاهرة لأنصار جماعة "حزب الله" وحركة "أمل" ضد قرارات المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، إلى اشتباك مسلح مع جهة مجهولة، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى. وتتهم قوى سياسية بارزة لبنانيه جهات لبنانيه بمحاولات بـ"تسييس" التحقيق في قضية انفجار المرفأ في بيروت وقد انطلقت تظاهرة شارك فيها عشرات الموالين للحزب و"أمل"، من منطقة الطيونة (غرب بيروت)، باتجاه قصر العدل بالعاصمة، إلا أن المتظاهرين تعرضوا لإطلاق نار من مبانٍ مجاورة، وما لبث أن تحول الحراك إلى دراما مأساويه بسقوط سبعة قتلى وعشرات الجرحى . حادثة الطيونه أعادت إلى أذهان اللبنانيين مشاهد الحرب الأهلية التي بدأت في 13 أبريل/نيسان 1975، واستمرت حتى 13 أكتوبر/تشرين الأول 1990.وتمثلت القوى المتصارعة بمختلف الطوائف الإسلامية والمسيحية، إضافة لـ"منظمة التحرير الفلسطينية"، وجيش الاحتلال الصهيوني الذي اجتاح لبنان عامي 1978 و1982، وكذلك الجيش السوري الذي دخل البلاد عام 1976.
ويقدر عدد ضحايا الحرب الأهلية، بـ 150 ألف قتيل و300 ألف جريح ومعاق و17 ألف مفقود، فضلا عن هجرة أكثر من مليون شخص، وخسائر مادية فاقت 100 مليار دولار ، وبدأت نهاية الحرب في أغسطس/آب سنة 1989، مع توصل النواب اللبنانيين آنذاك في مدينة الطائف غربي السعودية، إلى ما يُعرف بـ"اتفاق الطائف".
ما حدث في لبنان في الطيونه أمر خطير و سبق أن حذرت منه جهات سياسية لبنانيه ، وسبق دعوات الاحتجاج في لبنان ، ، خطاب لأمين عام "حزب الله"، حسن نصر الله، الإثنين، قال فيه إن عمل البيطار "فيه استهداف سياسي ولا علاقة له بالعدالة"، معتبرا أن "البيطار لا يريد أن يصل إلى الحقيقة" بملف انفجار مرفأ بيروت. وفي 4 أغسطس/ آب الماضي، وقع انفجار كارثي في مرفأ بيروت أودى بحياة أكثر من 200 شخص وأصاب أكثر من 6 آلاف آخرين، فضلا عن دمار مادي هائل في الأبنية السكنية والمؤسسات التجارية.
وكما يبدوا من تطورات ألازمه اللبنانية بعد نجاح التشكيل الحكومي برئاسة ميقاتي بدلا من حلحلة الازمات التي يعاني منها لبنان زادت هذه التعقيدات بفعل تشابك المصالح بين القوى والطوائف اللبنانية بدوره، اعتبر النائب وهبة قاطيشا، عضو تكتل "الجمهورية القوية"، أن "المتهمين لا يريدون أن يصل التحقيق بانفجار مرفأ بيروت إلى نتيجة، فافتعلوا هذه الأحداث لعرقلة سير العدالة وعمل القاضي". والثلاثاء، أصدر البيطار، مذكرة توقيف بحق الوزير السابق النائب البرلماني الحالي علي حسن خليل (يتبع لحركة أمل)، بعد تغيبه عن جلسة استجواب بملف انفجار المرفأ.
وفي يوليو/تموز الماضي، طلب بيطار رفع الحصانة البرلمانية عن 3 وزراء سابقين (من النواب الحاليين) للتحقيق معهم في القضية، وأعلن عزمه استجواب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، إلا أن لجنة برلمانية طالبت القاضي بمزيد من الأدلة والمستندات قبل رفع الحصانة عنهم. كما طلب المحقق العدلي بالقضية، الإذن من وزير الداخلية للتحقيق مع مدير الأمن العام اللبناني، إلى جانب 5 قادة أمنيين وعسكريين، بينهم قائد الجيش السابق جان قهوجي. وأضاف قاطيشا في حديث ادلى به لوكالة الاناضول ، أن "إشكال اليوم مفتعل لعرقلة سير العدالة في لبنان".وأفاد أن "المتهمين لديهم مصلحة بتأزيم الوضع"، موضحا أن "أحد النواب المتهمين سبق وقال إن التصعيد ممكن أن يكون أكبر من سياسي". واستطرد: "الجهة المتهمة لديها مصلحة بتعكير صفو الأمن، لإلغاء العدالة في لبنان". وخلال لقاء مع قناة "الميادين" بعد صدور مذكرة التوقيف بحقه، أعلن النائب خليل، "أنه سيكون هناك تصعيد سياسي، وربما من نوع آخر، في حال عدم تصويب مسار هذه القضية".
كما أفاد المحلل السياسي، عبد الساتر، أن "هناك من يريد أن يفرض قناعاته، تحت عنوان استقلالية القضاء".وأردف: "ما حدث اليوم أخرج الجميع إلى مكان آخر، خاصة بعد خطاب رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، أمس (الأربعاء)، الذي حوّل فيه الخطاب السياسي إلى حالة مواجهة في الشارع". والأربعاء، اعتبر جعجع في حديث تلفزيوني، أن "الشارع يقابله شارع"، رافضا استعمال القوة من أي جهة، وقال إنه "يقف إلى جانب القانون، ولن يقبل بإقالة قاضي التحقيق تحت الضغط". هذا التناقض في المواقف يؤجج الصراع الداخلي في لبنان ويخشى نتيجته انجرار لبنان لمربع الفتنه والحرب الاهليه ، وتسود مخاوف كبيرة في لبنان من انفجار الشارع، بعد تأزم الحاصل في ملف تحقيق المرفأ، اذ سيكون الاهتمام منصبّاً على ما سيجري داخل قصر العدل وفي محيطه، وسط تحذيرات من عملية “ترهيب” قاضي “البيطار”. يذكر أن أحداث السابع من أيار 2008 التي جرت في العاصمة اللبنانية بيروت وبعض مناطق جبل لبنان خلفت ٧١ قتيلاً، من المعارضة والموالاة، وتعتبر ميدانياً الأكثر خطورة وعنفاً منذ انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية عام 1990، وجاءت بعد صدور قرارين من مجلس الوزراء اللبناني بمصادرة شبكة الاتصالات التابعة لسلاح الإشارة الخاص بحزب الله وإقالة قائد جهاز أمن مطار بيروت الدولي العميد “وفيق شقير” الأمر الذي اعتبرته المعارضة تجاوزا للبيان الوزاري الذي يدعم المقاومة. وأحداث الطيونه لاتقل خطورة عن احداث السابع من ايار 2008 ووفق ما يتفق عليه المحللون ما زال يكتنفها الغموض ، بظل دعوات للتهدئة من جهات مختلفة، وسط تخوف من تكرار سيناريو الحرب الأهلية في لبنان.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت