- المحامي علي ابو حبلة
عام جديد يمرّ على ذكرى وثيقة إعلان الاستقلال حيث يحتفل الفلسطينيون ، بذكرى إعلان قيام ألدوله الفلسطينية التي أعلنها الرئيس الشهيد ، ياسر عرفات (أبو عمار)، في الـ 15 من شهر نوفمبر من العام 1988، في قصر الصنوبر بالجزائر، ولا يزال حلم الدولة المستقلة يحلّق بعيداً عن الواقع، في ظلّ أزمات قوية تعصف بالقضية من كل جانب. ففي مثل هذا اليوم قبل 33عاماً، قال الرئيس الراحل جملته التي بقيت عالقة في الأذهان :»إن المجلس الوطني يعلن، بسم الله، وباسم الشعب العربي الفلسطيني، قيام دولة فلسطين فوق أرضنا الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف»، التي كانت قطافاً لثمرة نضال شعبي، ليؤسّس طريق حرية شعب وأرض، ويعلن عهداً جديداً لنضال الفلسطينيين ضد الاحتلال الإسرائيلي لانتزاع حقوقهم، الذي لم ينتهِ ولم يصل لهدفه بعد.
ونصّت الوثيقة التي حرّرها الشاعر الفلسطيني الراحل، محمود درويش، على «مواصلة النضال من أجل جلاء الاحتلال، وترسيخ السيادة والاستقلال». وكان من أبرز فقراتها: «تُهيب دولة فلسطين بالأمم المتحدة التي تتحمل مسؤولية خاصة تجاه الشعب العربي الفلسطيني ووطنه، وتهيب بشعوب العالم ودوله المُحِبَّة للسلام والحرية، أن تعينها على تحقيق أهدافها، ووضع حدٍّ لمأساة شعبنا الفلسطيني ، بتوفير الأمن ، وبالعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية».
وتمرّ ذكرى إعلان الاستقلال ال 33 وسط شكوك تراود الفلسطينيين حول معنى إعلان الاستقلال في ظل تمادي حكومات إسرائيل المتعاقبة في السياسيات المستهدفة للأرض والهوية الفلسطينية ، أن إعلان الاستقلال لا يحمل إلا معنى رمزياً في ظل الواقع الذي يعيشه الفلسطينيون في ظل موقف أمريكي داعم لإسرائيل ودول الاتحاد الأوروبي عاجزة عن تحقيق رؤيا الدولتين وتجاهل إسرائيل لكل المبادرات الهادفة لتحقيق السلام ورؤيا الدولتين . إسرائيل تضرب بعرض الحائط بكل قرارات الشرعية الدولية ضمن محاولات تقويض رؤيا الدولتين وترسيخ سياسة الكونتونات وفصل غزه عن الضفة الغربية ، فتحوّل النضال الفلسطيني إلى أشكال دفاعية، وتفرّق الإجماع حوله، وتعثرت المفاوضات ووصلت لطريق مسدود ، في ظل إصرار إسرائيل على مواصلة الاستيطان ومصادرة الأراضي الفلسطينية لصالح المشروع الاستيطاني ضمن مخطط الضم ، مما يجعل السبل نحو تحقيق حلم الدولة الفلسطينية في ظل السياسة الإسرائيلية أمر يصعب تحقيقه ، خاصة في ظل مواقف رئيس حكومة إسرائيل نفتالي بينت " قال بينيت خلال مؤتمر صحفي مشترك مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ، إن "إقامة دولة فلسطينية يعني جلب دولة إرهابية على بعد 7 دقائق من بيتي (بمدينة رعنانا/ وسط) ومن أي نقطة في إسرائيل تقريبا".
على صعيد الإنجازات، اعترف العديد من دول العالم بدولة فلسطين أمام الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة، في 13 ديسمبر 1988، بعد إعلان عرفات الاستقلال.حيث وصل عدد الدول المعترفة إلى أكثر من 80 دولة عند نهاية العام ذاته، ليبقى الإنجازان اللذان تحقّقا بعد ذلك التاريخ هو أن أصبحت فلسطين دولة بصفة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة، يوم 29 نوفمبر 2012، وإقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 10 سبتمبر 2015، بتصويت أغلبية أعضائها، رفع علم فلسطين في المقرّ الرئيسي للمنظمة، لتكون المرة الأولى التي تقرّ فيها الجمعية رفع علم دولة مراقبة لا تتمتع بعضوية كاملة بالمنظمة.
ومنذ ذلك التاريخ حتى هذا اليوم، يؤكد الواقع القائم أن تحقيق «دولة فلسطينية مستقلة» خلال فترة قريبة أصبح حلماً لا يمكن أن يتحوّل لواقع، فكافة المؤشرات الفلسطينية والعربية والدولية تدلّل على أن القضية الفلسطينية لم تصبح أولوية، بل باتت عبئاً ثقيلاً يريد الجميع أن يتخلّص منها بأي طريقة، ومهما كان حجم التنازل أمام أي مشروع للتسوية.
واتهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس إسرائيل بتخريب حل الدولتين بأفعال قال إنها قد تدفع الفلسطينيين للمطالبة بحقوق متساوية في دولة واحدة ثنائية القومية تضم إسرائيل والضفة الغربية المحتلة وغزة. وفي كلمته للجمعية العامة للأمم المتحدة عبر الفيديو من الضفة الغربية، طالب عباس (85 عاما) المجتمع الدولي بالتحرك لإنقاذ حل الدولتين الذي ظل على مدى عقود حجر الأساس في الجهود الدبلوماسية لحل الصراع.
وقال إن "إسرائيل لم تلتزم بالاتفاقيات الموقعة وتهربت من الانخراط في جميع مبادرات السلام، وواصلت مشروعها التوسعي الاستعماري، وتدمير فرص الحل السياسي على أساس حل الدولتين" في إشارة للمستوطنات في الضفة الغربية التي احتلتها إسرائيل في حرب 1967. وطالب الرئيس عباس الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بالدعوة إلى مؤتمر دولي للسلام، وقال: "أطالب الأمين العام بالدعوة لمؤتمرٍ دوليٍ للسلام، وِفقَ المرجعياتِ الدوليةِ المعتمدة، وقراراتِ الأممِ المتحدة، ومبادرةِ السلامِ العربيةِ وتحت رعايةِ الرباعيةِ الدولية، فقط وليس غيرها"، مؤكدا أن الجانب الفلسطيني ملتزم "بالعملِ السياسيِ والحوارِ طريقاً لتحقيقِ السلام".وأشار عباس إلى أن السلطة ستتوجه إلى محكمة العدل الدولية "لاتخاذِ قرارٍ حول شرعيةِ وجودِ الاحتلالِ على أرضِ دولةِ فلسطين، والمسؤولياتِ المترتبةِ على الأممِ المتحدةِ ودولِ العالمِ إزاءَ ذلك".
بانتظار ما سيتحقق من جهود تبذل مع إنذار الرئيس عباس العالم لإنهاء الاحتلال خلال العام الحالي «وثيقة الاستقلال» نصّت على «مواصلة النضال من أجل جلاء الاحتلال، وترسيخ السيادة والاستقلال»، وفي الواقع إن نضال شعبنا الفلسطيني ضد إسرائيل لم يتوقف منذ احتلالها لفلسطين ، فقدم شعبنا الشهداء والجرحى والأسرى دفاعا عن ارض فلسطين ، وما زال نضال شعبنا الفلسطيني مستمر حتى تحقيق الاستقلال.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت