كتب الناطق الاعلامي باسم الشرطة الفلسطينية العقيد لؤي ارزيقات
انها الساعة السادسة صباحا وخيوط الشمس بدأت تتسلل من بين غيوم السماء لتُنير الدروب وتسطع على الارض في يوم غائم بارد ، وحركة المركبات بدأت تنشط في الطرقات رويدا رويدا وتشتد شيئا فشيئا ، وثلاثة من الاطفال وصلوا لتوهم بجانب اشارة ضوئية وضعت على مفترق وسط المدينة يبحثون عن شعاع او خيط من خيوط الشمس ليحتموا به علهم يدفئون عظامهم وايديهم وجلودهم قليلا من برودة الطقس ومن الصقيع المتجمد على الارض بعد ما احضرتهم مركبة ذاك الرجل المستغل لهم والذي يجبرهم على التسول والبيع بالقرب من الاشارات الضوئية وعلى المفارق ...وهم يرتجفون من البرد و يستجمعون قواهم تحضيرا ليوم شاق من العمل المرهق رغم صغر سنهم ووهن اجسادهم التي لا تقوى على العمل وعدم نضج عقولهم التي لم تدرك سبب اطاعتهم لهذا المستبد غريب الاطوار شديد السطوة .... يبحثون في زقاق الطريق وعلى جنباتها عن بضع شواقل يضعها في ايديهم محسنٌ او من يعطف عليهم لتشفع لهم امام الرجل الذي سيطر عليهم وعلى عقولهم بعد ان تقطعت بهم السبل بين ام مطلقة واخرى ذهبت لبيت اهلها وثالثة تركها زوجها بعد زواجه باخرى واب لا يعرف شيء عن حياة ابنه الذي تسرب من المدرسة واخر هرب من المنزل بعد مشادة مع والده الذي هدده بالضرب المبرح وثالث تشتت بين منزل والده وجده ....يسعون للحصول على لقمة يقتاتونها او كسرة خبز وحبات بندورة يعودون بها لمنازلهم ليتقاسمونها مع اشقائهم او يشترون لانفسهم الدخان وغيره بعد ان يسلموا في نهاية اليوم ما جمعوه من مال التسول والبيع للرجل فياخذ الكثير ويرمي لهم الفتات القليل والمبلغ الزهيد .
يكبرون شيئا فشيئا ويقضون جل وقتهم في الطرقات دون حسيب او رقيب وتكبر معهم همومهم وتكبر كذلك ميولهم الإجرامية وتتشكل في قلوبهم الاحقاد تجاه مجتمع لم يراع طفولتهم وحبهم للحياة وتكبر احقادهم تجاه اباء وامهات لم يكترثوا لمصير ابناء تنهشهم كلاب الطرق الضاله ويتعرضون للاهانات من هذا وذاك .. ولم يسالوا ان كانوا جوعى او كانوا دون مأوى ولم يوفروا لهم ادنى مقومات الحياة كغيرهم من الاطفال ولا حتى النصح والمتابعه .
ثلاثة اطفال عملوا واجتهدوا وحاولوا التغلب على قسوة الحياة ومر العيش ولكنهم اطفال فقدوا طفولتهم وقدرتهم على اتخاذ القرار فسلبت ارادتهم وسرقت طفولتهم منذ نعومة اظفارهم وسرقت عقولهم في سنوات نضجها الاولى وسلب تفكيرهم من مستبد ليسيرهم كيفما يشاء ليتجه احدهم لترويج المخدرات وتعاطيها واخر للسرقات والثالث للتسول كيف لا وهم من تخلى عنهم القريب وباعهم البعيد لتحقيق مآربه وجمع المال بدمائهم وعرقهم وسرق قوتهم واعطاهم الفتات.....سيكبرون ويحقدون وينتقمون من المجتمع بجرائمهم ان لم يتم انقاذهم فما زال في الحياة متسع وما زال في الوقت فسحة لنعيد التفكير في التعامل معهم ..وما زال الوقت مبكرا لنذكر كل اب وكل ام بالبحث عما يتعرض له ابناؤهم....استمعوا لابنائكم ...تحسسوا مشاكلهم ...لا تتركوهم للاستغلال .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت