ضمن حملة 16 يوم لمناهضة العنف القائم على النوع الإجتماعي، سّلم مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية "حريات" يوم الثلاثاء ورقة سياسات بعنوان "مسؤولية الدولة عن حماية المرأة من العنف القائم على النوع الإجتماعي" لوزيرة شؤون المرأة الفلسطينية الدكتورة آمال حمد في مقر الوزارة في رام الله.
وسلطت الورقة الضوء على واقع العنف القائم على النوع الاجتماعي في فلسطين، ورصدت الدور السلبي لتدخلات الدولة في حماية المرأة من العنف القائم على التمييز الواقع في سياقات اجتماعية والذي تتسبب به أطراف ثالثة غير الموظفين الرسميين، الأمر الذي تتحمل الدولة مسؤوليته وفق مبدأ العناية الواجبة، الذي يجب أن يتم إعماله فوراً نظراً لتزايد حالات العنف القائم على التمييز في المجتمع وكان آخرها قضية المغدورة صابرين خويرة في قرية كفر نعمة، والتي عانت من العنف الأسري لفترات طويلة دون التدخل الوقائي والعلاجي للجهات الرسمية المختصة، وهذا كله بسبب غياب قانون متخصص بشؤون الأسرة الفلسطينية الذي يوفر الإجراءات والتدابير الخاصة التي تحافظ على النسيج الأسري في المجتمع الفلسطيني.
وطالبت الورقة الحكومة الفلسطينية بضرورة الإعتراف بمحاربة العنف القائم على التمييز الذي يرتكبه أشخاص غير موظفيها الرسميين (أطراف اجتماعية) واتخاذ المقتضى القانوني المناسب للحد من العنف في المجتمع الفلسطيني، وتنفيذ الدولة لواجبها في التدخل في الجرائم الداخلية للأسرة، من خلال اتخاذ إجراءات وقائية من شأنها الحد من العنف لأنه عند استعراض وقائع جرائم القتل التي حصلت وأصبحت من قضايا الرأي العام، نجد أنه كان بالإمكان الحيلولة دون فقدان الضحية لحياتها في حال التدخل الإيجابي للجهات المختصة، ودعت أيضاً الحكومة الفلسطينية، إلى تغيير الفلسفة العقابية السائدة وموائمتها مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي انضمت لها دولة فلسطين، وضرورة العمل سريعا على اصدار قانون حماية الأسرة من العنف ، ان الأسرة تربطها رابطة الدم التي لا يمكن الانفكاك منها، والجرائم الواقعة بين أفراد الأسرة اّثارها مستمرة مع الزمن في الغالب ولا تنتهي بإيقاع العقوبة الجزائية على مرتكب الجريمة.
ولخصت الورقة في نهايتها إلى أن استمرار الأفكار النمطية السائدة المناهضة لحقوق المرأة لدى الموظفين الرسميين يساهم في زيادة العنف القائم على النوع الاجتماعي في المجتمع ، ويشجع مرتكبي العنف القائم على التمييز ضد النساء على الإفلات من العقاب، وهذه الأفكار تحمل النساء المعنفات ضحايا العنف المسؤولية عن العنف المرتكب ضدهن، بحجة مخالفة العادات والتقاليد والصور النمطية السائدة عن أدوارهن الاجتماعية.
وبناء عليه فان تحريض الموظفين الرسميين أو سكوتهم او موافقتهم على استمرار العنف القائم على النوع الاجتماعي ضد النساء في المجتمع، وعدم اتخاذهم المقتضى القانوني المناسب لمحاربته يعتبر شكل من أشكال التعذيب وسوء المعاملة، ويندرج في هذا التكييف تأخير دولة فلسطين اصدار قانون حماية الأسرة من العنف في الوقت الذي يزداد به سقوط الضحايا بسبب غياب القانون ، الأمر الذي يحمل الدولة ممثلة بموظفيها الرسميين المسؤولية الجزائية عن العنف القائم على التمييز في المجتمع باعتبارهم ارتكبوا جريمة التعذيب وسوء المعاملة بحق ضحايا العنف وهذه الجريمة التي لا تسقط بالتقادم.
يذكر أن تسليم هذه الورقة يأتي في سياق تنفيذ مبادرات ضمن مشروع " تعزيز وعي الشباب بالعنف القائم على التمييز في فلسطين والأردن" والذي ينفذه مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية "حريات" مع جمعية قدرات للتنمية المجتمعية في الأردن بتمويل من مؤسسة روزا لوكسمبورغ ضمن حملة الضغط والمناصرة لإصدار قانون حماية الأسرة من العنف.