- المحامي علي ابوحبله
تقوم سياسة الاحتلال الصهيوني على “منع حدوث أي امتداد عمراني فلسطيني عن طريق هدم منازل الفلسطينيين ومصادرة الأراضي وإقامة المستوطنات، حيث اعتمدت السلطات الإسرائيلية سلسلة من سياسات التخطيط الهيكلي الرامية إلى منع أبناء الشعب الفلسطيني من البناء على أرضهم أو توسيع المنشآت القائمة”.
وتعد تراخيص البناء في القدس ومختلف مناطق سي مكلفة جداً، بحيث يكاد يكون من المستحيل الحصول عليها نظراً للقيود الإسرائيلية المفروضة والإجراءات العنصرية والسياسات التمييزية التي تتبعها حكومة الاحتلال في هذا الخصوص مما يعطيها الحجة لهدم منازل الفلسطينيين الذين يضطرون إلى البناء لمواجهة النمو الطبيعي لعائلاتهم دون الحصول على تراخيص بناء.
وقد ترتب على السياسات العنصرية الإسرائيلية، “اكتظاظ سكاني كبير في القدس المحتلة، مرشح للزيادة مع الازدياد الطبيعي للسكان في المدينة”. ومنذ العام 1967 حتى الآن؛ ارتفع عدد السكان الفلسطينيين داخل ما يسمى الحدود البلدية لمدينة القدس كما حددتها سلطات الاحتلال من 68،600 إلى 361،000 نسمة، بزيادة قدرها 190 %. وبالرغم من أن المقدسيين يشكلون أكثر من 40 % من سكان القدس، إلا أن سلطات الاحتلال تخصص ما نسبته 10 % فقط من موازنة المدينة لتوفير الخدمات لهم، نظير ذهاب معظمها لأكثر من 250 ألف مستوطن في شرقي القدس، ضمن مستوطنات تشكل حلقة تحيط بالمدينة وتعزلها عن بقية الضفة الغربية المحتلة.
وقد تسببت سياسة التضييق الإسرائيلية في أن قرابة 78 % من الفلسطينيين المقدسيين يعيشون تحت خط الفقر، فيما يعيش 250 ألف فلسطيني في المدينة بدون شبكات مياه وبني تحتية مناسبة. فيما يلقي جدار الفصل العنصري بظلاله الثقيلة على الحياة الاقتصادية للمقدسيين، حيث تسبب الجدار ونظام الإغلاق في فرض قيود مجحفة وعسيرة على الأنشطة التجارية في القدس المحتلة، التي تشكل مركز الثقل الاقتصادي في فلسطين، وفي المناطق المحيطة بها وعلى حركة التجار منها وإليها”، وفق الدائرة.
بيد أن آثار الجدار الديمغرافية والاجتماعية والسياسية تفوق ذلك بكثير؛ إذ عزل حوالي 140 ألف مقدسي عن مدينتهم لأن المناطق السكنية التي يقيمون فيها باتت تقع خارج نطاقه، مما أدى إلى تفكيك الترابط الاجتماعي وتقويض نسيج الحياة الاجتماعية للفلسطينيين الذين يقطنون على جانبيه.
ويزيد من ذلك أن جدار الضم والتوسع يحد من المساحة المتوفرة التي يحتاجها الفلسطينيون للنمو، ويسهل من إقامة المستوطنات وتوسيعها، كما يقطع شبكة النقل الوطني الذي يربط أجزاء الضفة الغربية بالقدس ويبعضها البعض، مما أدى إلى تدفق الفلسطينيين المقدسيين إلى مركز المدينة.
وبغية استكمال حلقة التهويد حول القدس؛ عمدت سلطات الاحتلال إلى مصادرة الهويات وسحب حقوق الإقامة وحظر لم شمل العائلات المقدسية، من أجل إحداث أغلبية ديموغرافية يهودية في القدس.
وفي حديث الإجراءات الصهيونية ضمن سياسة التمييز العنصري ، تقترب سلطات الاحتلال الإسرائيلي من هدم مئات المنازل الفلسطينية في بلدة سلوان في مدينة القدس، بحجّة البناء من دون ترخيص، في وقت تتسارع فيه وتيرة الاستيطان في المدينة وفي الضفة الغربية أيضاً مما ينذر بخطر احتمال تفجّر الأوضاع ويأتي ذلك بعد رفض محكمة إسرائيلية التماساً قدّمته 100 أسرة فلسطينيّة في بلدة سلوان المحاذية للبلدة القديمة في مدينة القدس لوقف هدم منازلها، وتذرّعت قاضية محكمة الاحتلال اللوائية في القدس، في رفضها الالتماس، بأن المنازل المستهدَفة " غير مرخّصة" ، وذلك وفق مزاعم بلدية الاحتلال التي ترفض منح تراخيص بناء للعائلات الفلسطينية، في وقت أقرّت فيه مخطّطاً هيكلياً لتحويل محيط أحد أحياء البلدة إلى ساحات عامّة.
وتُحصي البلدية 20 ألف بيت في القدس جرى بناؤها من دون تصاريح، بسبب امتناع السلطات الإسرائيلية في المدينة، منذ 15 عاماً، عن وضع خرائط هيكليّة تسمح بإصدار تصاريح بناء، علماً أن المصادقة الأخيرة على خارطة من هذا النوع في سلوان كانت في عام 1977، وتعلّقت آنذاك بمنطقة عامّة وليس ببناء بيوت.
وبناءً على ذلك، أوردت قاضية المحكمة المركزية في القدس، ريفكا فريدمان - فلدمان، في قرارها، أنه " بغياب مخطّطات جدّية، لا توجد ذريعة لإبطال أوامر الهدم " ، وفق ما نقلته صحيفة " هآرتس" أمس الثلاثاء في 30/11/2021، ما يعني أنه سيكون بإمكان البلدية تنفيذ الأوامر فوراً. وكانت القاضية نفسها رفضت، قبل شهر تقريباً، طلباً بتأجيل هدم بناية أخرى في سلوان، تضمّ عيادة تابعة لصندوق المرضى " كلاليت" وتخدم 5500 مقدسي، وهي العيادة الوحيدة التي زوّدت المقدسيّين بخدمات أثناء تفشّي فيروس " كورونا" ، بما فيها الفحوصات والتطعيمات لآلاف الأشخاص. كما تشمل البناية عيادة أسنان، إضافة إلى أربع شقق يسكنها 30 شخصاً، بينهم أطفال. لكن فريدمان - فلدمان عادت ووافقت، ضمن سياسة التنكيل المتّبعة بحقّ الفلسطينيّين، على استئناف مالكي هذه البناية لتأجيل أمر هدمها، شريطة أن يودعوا مبلغ 50 ألف شيكل في صندوق المحكمة.
وانهارت، في الأسابيع الأخيرة، المفاوضات بين بلدية القدس وعشرات العائلات الفلسطينيّة في حيّ البستان في بلدة سلوان، والذي تسعى البلدية إلى هدمه بزعم أن البناء فيه غير مرخّص، لصالح إقامة مشروع استيطاني على شكل منتزه أثري - سياحي أُطلق عليه اسم " حديقة الملك"، في ما يمثّل جزءاً من " مدينة داوود" التي تديرها جمعية "إلعاد" الاستيطانية، والتي تعمل من أجل تهويد البلدة القديمة في القدس ومحيطها. وفي سبيل منع هذا الهدم التعسّفي، خاض السكّان الفلسطينيّون مفاوضات مع البلدية، وقدّموا خارطة هيكليّة وضعها المهندس يوسف جبارين، تنصّ على هدم الحيّ وإعادة البناء في 60% من مساحته، فيما يتمّ تخصيص باقي المساحة للمنتزه الاستيطاني.
إلّا أن البلدية رفضت أخيراً خطّة السكان، مقترحةً في المقابل نقلهم إلى عدد قليل من المباني على ما لا يتجاوز 5% من مساحة "البستان" الإجمالية، وهو ما اعترض عليه الفلسطينيّون، ولتتوقّف على إثر ذلك المفاوضات، الأمر الذي يهدّد ببدء عملية الهدم قريباً، خصوصاً في أعقاب القرار الأخير الصادر عن محكمة الاحتلال.
وما يعزّز الاحتمال المتقدّم قيام سلطات الاحتلال ، صباح أمس الثلاثاء الواقع في 30/11/2021، بهدم منزل في حيّ بئر أيوب في سلوان، تعود ملكيّته إلى المواطن المقدسي محمد فايز زيتون.
وجاء هذا بعد مداهمة شرطة الاحتلال والقوات الخاصة الإسرائيلية الحيّ المذكور برفقة طواقم البلدية، لتَشرع الأخيرة في هدم الطابق العلوي باستخدام الأدوات اليدوية، بحجّة البناء من دون ترخيص. ما تقوم به سلطات الاحتلال استفزاز لمشاعر أبناء الشعب الفلسطيني، في سياق سياسة التمييز العنصري الهادفه لتهجير المقدسيين عن القدس ضمن سياسة التهويد الامر الذي ينذر بتفجر انتفاضه ثالثه ضد سياسة الاحتلال الصهيوني فيما اذا استمرت باجراءاتها القمعيه والتعسفيه بطرد المقدسيين
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت