ألم يفهم الفلسطينيون بعد ما هي السياسة؟ (8/10)

بقلم: طلال الشريف

طلال الشريف
  • د. طلال الشريف

هذه مقاربة وليس دفاعاً عن أحد إلا الحقيقة.

السياسة هي " إعرف نفسك واعرف ربعك"

نحن أسوأ من في العرب حينما يشرف إنقسامنا الأغبى في التاريخ على العقدين من أجل السلطة فَنُضيع قضية عادلة ونحن مازلنا تحت الإحتلال، ما يرفع منطقيا كل عتب على العرب حتى المساهمين في جريمة هذا الإنقسام.

المأساة تتكرر في قضيتنا الفلسطينية ولا يريد الفلسطينيون أن يفهموا السر في ذلك !!

السر هو أن العرب جميعهم هم أصحاب القضية والصراع هو عربي إسرائيلي ونحن نريد منهم أكبر مما ينتجون ونحن مثلهم في السياسة والإدارة غير القادرة على الحل الذي نريد ولذلك نرميهم بحجارة من سجيل هاربين من الحقيقة المرة بأننا نفهم أو ننتج أفضل منهم فتؤول الفرص الأفضل إلى الأسوأ وقد تضيع الفرص في الهواء مثلما نحن فيه الآن .. وما فعلنا من استقلالية القرار ومن حلول هو أسوأ من حلول العرب التي نتشنج أمامها بعد أن وصلت علاقاتهم بإسرائيل إلى مواصيلها، الحل عربي وسيبقى عربيا عجبنا أم لم بعجبنا لأنهم أصحاب القضية في أصل الصراع، رضينا أم تشنجنا فهذه غنماتك يا جحا، وكيف نطلب من بيض الحمام أن ينتج صقوراً، ونحن جزء صغير منهم وبيضنا مثلهم؟؟!!

حيرة دائمة وتضحيات كبيرة ومعاناة أكبر تُحبَط وتتراجع عند ترجمتها سياسياً من جانبنا أولاً، ومن جانب إخواننا العرب ثانياً، ولماذا  تفشل نتائج ترجمتنا السياسية وينتصر الآخرون ؟

هل لإننا لا نفهم بعضنا ولدينا خطأ في التقدير أولاً، وثانياً هل لدينا كبرياء فالسو في تقبل الحقيقة؟

 والجواب نعم حيث السياسة تحتاج تقدير الواقع وقراءته ومعرفة أنفسنا ومعرفة ربعنا بشكل صحيح وليست عواطفا وعنتريات وكبرياءا أجوف ولذلك لا نتائج ولا توافق ولا رضى عن النفس وعن الشركاء، والعرب شركاء في المصير، ويجب أن نفهم مواقفهم وتراجعاتهم ليس بالعتب والشتائم وتحميلهم كل المسؤوليات، بل بفهم لماذا تحدث المصائب.

هنا أحلل ولا أدافع عن العرب، بهم عيوب نعم، فهم ليسوا خونة ولكن هذه هي إمكانياتهم "السياسية" رغم ما ننظر إليه من إمكانياتهم البشرية والمالية الكبيرة، وهذا العيب السياسي وإدارة السياسة لديهم هو نتاج ثقافة مجتمعاتهم التي تشبه مجتمعنا تماماً لولا تماسنا المباشر مع الإحتلال فنلوم ونعتب عليهم، فهم ليسوا مجتمع الحضارة والعلم والإدارة والسياسة والقراءة والبحث العلمي والصناعة لينتجوا السياسة كما ينتجوا الشعر وحتى الشعر به تراجعاً موازياً للسياسة، ولكي ينهضوا سياسياً ويصبح لهم الفعل والإدراك والنتائج الإيجابية التي نطمح إليها، فهذا "يحتاج تغييراً في كل شيء بما فيهم نحن" فدولة صغيرة حديثة مثل إسرائيل بتركيباتها تنتج سياسة أفضل منا جميعاً، ولديها إمكانية الأخذ بالأسباب ما يفوق كل العرب لأن هناك تربية وعلم وبحث واحترام للحق والواجب والرجل المناسب في المكان المناسب، والأهم هناك حرية للعقل...

ما أريد قوله، الصراع عربي إسرائيلي متضمناً الفلسطيني ويثبت كل يوم أننا ليس أفضل منهم في السياسة لسبب واحد أننا نخطئ مثلهم وأكبر كما في الإنقسام الفلسطيني العجيب ، ونخطئ أيضا في تقدير نتاج العرب ولا نتذكر ما لديهم من ضعف مركب في عناصر صناعة قوة السياسة فنلومهم، ولكن هذه هي  إمكانياتهم السياسية وهذا ما سبب لدينا في كل حقبة أو في كل محطة مفصلية الهزيمة لنعود بعد فترة لمحطة جديدة نتمنى لو إقتنصنا الفرصة السابقة، حدث لدينا هذا في

1948, 1967, 1970. 1973, 1982, 1988, 1993, 2007, 2017

محطات ومنعطفات في تلك التواريخ وما بينها من محطات أقل درجة في تأثيرها الاستراتيجي تنم كلها عن أن ماهية القضية الفلسطينية في الأصل قضية عربية، وليست قضية فلسطينية خاصة، رغم أننا أصحاب فلسطين وسكانها وتاريخها، ولكن الذي ننساه أن الصراع في الأصل هو صراع عربي إسرائيلي ( المشروع الصهيوني)، وإن كان الحال العربي بحاله الجيد أو السيء هو المحدد الأساس لإدارة الصراع والربح والخسارة والنصر والهزيمة رغم أن الجانب الفلسطيني يلعب دوراً رئيسيا في المواجهة الصغرى بينه وبين المحتل مباشرة، لكن ولطبيعة وأصل  الصراع فهو قد يقرر في المواجهة الصغرى أو التحدي الأصغر،  لكن الفلسطيني ليس مقرراً في المواجهة الكبرى أو التحدي الأكبر وهو  تحرير فلسطين أو الحلول النهائية،  رغم محاولات الفلسطيني غير الدقيقة سياسيا بشأن الصراع العربي الصهيوني وأن الناتج السياسي بالحرب أو السلام  هو نتاج المجموع العربي، ولذلك في محطات كثيرة كان يحاول الفلسطيني نزقاً الاستقلال عن سياسات العرب  ونتائج إدارتهم الضحلة للصراع، ونجح مرة باستقلال القرار الفلسطيني فكان وبالاً عليه وعلى قضيته وهذا غذى فكرة تراجع العرب عن القضية وبرر لهم ما يحدث حتى اليوم، والكارثة أن كان الدافع الحقيقي للإستقلال بالقرار الفلسطيني لا يتعلق بشأن إدارة الصراع مع المحتل بل إلى حد كبير كان يتعلق بحرية قيادات تلك المراحل وتحالفتها مع البعض العربي على حساب البعض الآخر.

*المجتمع والسياسة والقيادة عند العرب هي *نفسها عند الفلسطيني
*التطبيع عربي وفلسطيني
*الفساد عربي وفلسطيني
*الديكتاتورية عربية وفلسطينية
*الهزيمة عربية وفلسطينية
*الصراع والأشتباك الداخلي عربي وفلسطيني
*التزوير والقتل والسحل وتجارة الحروب عربية *وفلسطينية
*تقديم الجهل على العلم عربي وفلسطيني
*فساد القوانين والقضاء عربي وفلسطيني
*النعرات والحقد والجرائم والسلوكيات عربية وفلسطينية
*الهمبكة والفهلوة والقبلية والعائلية والعشائرية هي عربية وفلسطينية
*إنتهاك حقوق الإنسان والسكان والمواطنين هي إبداعات عربية وفلسطينية.
*حتى فسادهم الأخلاقي ونظرتهم للمرأة  متشابهة ومتطابقة وبنفس الطرق والمسالك في الإنتهازية أو التأرنب الخفي.
.. فلماذا نطلب منهم ما ليس في إمكانهم ؟؟!!

نحن هم، وهم نحن، وما ينتجونه وما ننتجه متشابها نحن وهم، وما يذهبون له هو ما سنذهب إليه، فهذا حالهم وهو حالنا، ولكننا نعاكس الثقافة الواحدة والطبائع الواحدة وهي ثقافة المجموع، ونحن ندعي بأننا نختلف عنهم وأننا أفضل منهم وأننا أذكى منهم، كما بعضهم يفكر كذلك .. وحين نصحو نكتشف بأننا قفزنا في الهواء وليتنا  سرنا معهم رغم ضعفهم لأن الصراع صراع المجموع .. وما يرضاه غالبيتهم سترضاه أقليتهم مهما ابتعدت عن طريق القطيع ولا مناص، فتلك محصلة إمكانيات المجموع علت أم هبطت تلك الإمكانيات، ولم ينتج كلانا سياسة بالمعنى الحقيقي.

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت