- د. ماهر تيسير الطباع
- القائم بأعمال مدير غرفة تجارة وصناعة محافظة غزة
بعد صدور قرار مجلس الوزراء رقم 4 لسنة 2021 بخصوص تطبيق الحد الأدني للأجور في فلسطين والبالغ قدرة 1880 شيكل ، على أن يعمل به من بداية العام القادم 2022 ، روادني تسائل حول كيفية تطبيق الحد الأدني للأجور في قطاع غزة ؟؟؟؟ ، حيث أن الحد الأدني للأجور القديم والبالغ قدرة 1450 شيكل غير مطبق في قطاع غزة حتى من قبل مؤسسات تابعة للحكومة ولوزارة العمل ، نحن مع تطبيق الحد الأدني للأجور حيث يهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية ، و الحد من معاناة العمال و تأمين متطلبات عيش كريم لهم وتحسين أوضاعهم المعيشية بما يتناسب مع مستويات المعيشة واحتياجاتها الأساسية ، و كافة الأطراف ذات العلاقة و الممثلة بالحكومة وأصحاب العمل و ممثلي العمال على قناعة تامة بأهمية تطبيق نظام الحد الأدنى للأجور.
لكن الوقت غير مناسب لتطبيقة خصوصا في ظل إرتفاع معدلات البطالة في قطاع غزة والتي تجاوزت 50% بأكثر من ربع مليون عاطل عن العمل ، وإرتفاع معدلات البطالة بين فئة الخريجين والشباب لتصل إلى 78%.
وهنا لا بد التسائل هل الحد الأدني للأجور بقيمتة القديمة مطبق حتى يتم رفعة بنسبة 33%؟
وهذا على الرغم من عدم تناسب الحد الأدني للأجور القديم و الجديد لا يتناسبا مع مستوى المعيشة المرتفع في فلسطين ، وهو أقل من خط الفقر الوطني في فلسطين الذي يبلغ تقريبا 2470 شيكل شهريا ، و يجب أن نقر بأن الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها كلا من الضفة الغربية و قطاع غزة صعبة و مأساوية في ظل القيود المفروضة من الجانب الإسرائيلي على حرية حركة البضائع و الأفراد وتكاليف النقل المرتفعة ، و الحصار المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من خمسة عشر عام و الحروب التي تعرض لها وماخلفته من دمار هائل في المنشآت الإقتصادية ، بالإضافة إلى ما يعانية الإقتصاد الفلسطيني بسبب جائحة كورونا والقيود التي فرضت على كافة الأنشطة الإقتصادية وأدت إلى إنخفاض إنتاجيتها.
وهنا لابد من التساؤل هل الحديث مُجدي عن رفع قيمة الحد الأدنى للأجور في ظل ما يعانيه الإقتصاد الفلسطيني من أزمات وتراجع حاد؟ ، في اعتقادي أنه من الأجدر الحديث عن حلول و وضع خطط لخفض معدلات البطالة المرتفعة من خلال مشاريع مستدامة وفتح الأسواق العربية أمام العمالة الفلسطينية ، وبعد ذلك يتم الحديث عن تطبيق الحد الأدنى للأجور.
إن تطبيق الحد الأدنى للأجور في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة ، سوف يؤثر بالسلب على المنشآت الصغيرة و المتوسطة و التي تشكل ما يزيد عن 90% من القطاع الخاص الفلسطيني ، حيث أن هذه المنشات لا يوجد لديها القدرة الفعلية لتطبيق مثل هذه السياسات في ظل الأوضاع الإقتصادية الحالية.
هذا بالإضافة إلى أن تطبيق الحد الأدنى للأجور سوف يؤدي إلى زيادة نسبة البطالة و الفقر نتيجة استغناء أصحاب العمل عن بعض العاملين الغير مهرة أو الذين لا يشكلون أهمية في العملية الإنتاجية ، كما سوف يؤثر بالسلب على توظيف الخريجين الجدد و فئة الشباب التي تعاني من نسبة بطالة مرتفعة ولن يكونوا قادرين على الحصول على فرص عمل بسهولة.
كما أن تطبيق الحد الأدنى للأجور سوف يؤدي إلى زيادة في تكاليف الإنتاج والخدمات و التي تشكل أجور العاملين فيها ما نسبته من 20% إلى 30% من التكلفة الكلية للإنتاج ، مما سوف يساهم في انخفاض القدرة التنافسية للمنتجات الفلسطينية التي تعاني كثيرا من القيود و الإجراءات الإسرائيلية.
ونستخلص من ذلك بأن تطبيق الحد الأدنى للأجور يتطلب عقد العديد من ورش العمل واللقاءات بين كافة الأطراف ذات العلاقة و الممثلة بالحكومة وأصحاب العمل و ممثلي العمال لدراسة كافة النواحي الايجابية و السلبية والتوافق على الآليات المتعلقة بذلك لضمان تطبيق عادل واستقرار علاقات العمل وتحقيق الشراكة الاجتماعية والتزام تام من كافة أطراف العلاقة بالتطبيق على أرض الواقع , كما يجب مراعاة التباين في مستوى المعيشة حسب المناطق الجغرافية ، و التباين في نمو القطاعات الاقتصادية المختلفة ، مع دراسة إمكانية تطبيق الحد الأدنى للأجور على مراحل أو بشكل جزئي بحيث يبدأ تطبيقه على حسب مهارة وخبرة وسنوات الخدمة الخاصة بالعامل ، مع التأكيد على أن فرض حد أدنى للأجور بشكل متوازن و معقول سوف يساهم في تطبيقه بالشكل المطلوب.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت