- بقلم: د. أحمد محمد بحر
- رئيس المجلس التشريعي بالإنابة
أولاً: الرقم الصعب محلياً وإقليمياً ودولياً
في ذكرى انطلاقتها الـ 34 أضحت حركة حماس قوة بالغة الأثر والتأثير في المعادلة الفلسطينية والإقليمية والدولية، وتجاوزت كونها رقماً صعباً تنحصر دوائر تأثيره في النطاقين الفلسطيني والإقليمي، إلى حالة سياسية قادرة على التأثير في المعادلات الدولية.
لقد شكّلت حماس إضافة نوعية للعمل الفلسطيني المقاوم ورافعة للحالة الوطنية الفلسطينية، ورفعت راية الوطن والقضية عاليا في وقت تكالب فيه الاحتلال وأعداء شعبنا لتصفية القضية وشطب وجودنا الوطني على أرضنا الفلسطينية.
وعلى مدار 34 عاما من تاريخها المجيد أدت حماس دوراً سياسياً وعسكرياً واجتماعياً وتربوياً ودعوياً على الساحة الفلسطينية، واستطاعت الجمع بين الحكم والمقاومة، ودفعت ثمناً باهظاً لتكريس الحقوق والثوابت الوطنية الفلسطينية حيث تضمّخت مسيرة عطائها وتضحياتها بدماء قادتها، فضلاً عن دورها في تعزيز وتصليب إرادة وعزم الأمة العربية والإسلامية وشحذ همم أبنائها.
ثانياً: لن يغمد سيف القدس إلا بالتحرير
لقد شكّلت حماس درعاً حامياً للقدس وسيفاً ضارباً لأهلها ومقدساتها الإسلامية والمسيحية في وجه الاحتلال واجراءاته الاجرامية بحق القدس وأهلها، ومثّلت رأس الحربة في إفشال مخططات اسقاط حق العودة وأبرزها صفقة القرن، وترجمت صدقية نهجها تجاه قضية الأسرى حيث أثبتت أن قضيتهم على رأس أجندتها الوطنية من خلال صفقة وفاء الأحرار "1" والعمل على إنجاز صفقة وفاء أحرار جديدة تكتحل فيها عيون الأسرى بشمس الحرية عن قريب بإذن الله.
وفي إثر الفشل الصهيوني والإقليمي والدولي في تطويع وتدجين الحركة وإخضاعها للإرادة والمشيئة الصهيونية والغربية، وخاصة بعد سيف القدس، تحرك الصهاينة والأمريكان عبر حلفائهم في محاولة جديدة وعبثية لمحاصرة الحركة، فكان قرار الحكومة البريطانية بتصنيف الحركة منظمة إرهابية، وفرض عقوبات بالغة الشدة والقسوة على كل من يؤيدها أو يقدم لها يد الدعم والإسناد على مختلف الأصعدة والمجالات.
لكن ذلك لم يفتّ في عضد الحركة قيد أنملة، بل إن القرار البريطاني أسهم في فضح الديمقراطية البريطانية والغربية المزيفة التي تتغذى على شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية الشعوب، ومدى استهتارها وتعدّيها على القرارات والقوانين الدولية والإنسانية التي تكفل حق الشعوب في مقاومة محتليها، وهو ما من شأنه تعرية الكيانات الغربية المعادية لحقوقنا الوطنية وقضيتنا العادلة أمام شعوبها، وجلب تضامن ومساندة الكثير من الشعوب في العالم لصالح قضيتنا خلال المرحلة القادمة.
ثالثاً: المحافظة على الوحدة الوطنية
وعلى الصعيد الداخلي فقد قدمت الحركة الكثير من المبادرات لإنجاح مسيرة المصالحة والتوافق الوطني طوال السنوات الماضية، وأبدت الكثير من المرونة والتنازلات من أجل الوطن بهدف طيّ صفحة الانقسام والتأسيس لمرحلة جديدة من الشراكة الوطنية بما يقود إلى بلورة استراتيجية وطنية موحدة تفضي إلى صياغة برنامج كفاحي مشترك وإدارة سليمة لملف الصراع مع الاحتلال، فضلا عن إعادة بناء منظمة التحرير من جديد وتفعيلها بما يتناسب مع دورها المفترض كإطار جامع للكل الوطني الفلسطيني، وإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني وتوحيد الحالة الوطنية، عبر انتخابات شاملة، رئاسية وتشريعية ومجلس وطني، وذلك بهدف ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي وإنجاز مسيرة التحرر والاستقلال الوطني بأسرع وقت ممكن.
ولا زالت يد حماس ممدودة لإحلال التوافق الوطني وتطبيق أسس ومبادئ الشراكة والوحدة الداخلية بما يقوّي الصف الوطني الفلسطيني في مواجهة الاحتلال ومخططاته العنصرية وإجراءاته القمعية.
رابعاً: العلاقات الخارجية ومحاربة التطبيع
وعلى الصعيد الخارجي تحرص الحركة على مد جسور التواصل مع العديد من الدول والحكومات، إقليميا ودوليا، بهدف إضعاف جبهة العداء لشعبنا ومقاومتنا، وخلق حالة توازن سياسي جديدة تجاه القضية الفلسطينية وكسب أنصار جدد لدعم الحق الفلسطيني في مواجهة الانحياز الأمريكي الأعمى للاحتلال الصهيوني.
بموازاة ذلك، فإن الحركة تواصل جهدها لمحاربة التطبيع مع الاحتلال، والعمل على استنهاض كل القوى الخيّرة في أمتنا لتحريم وتجريم التطبيع كونه يشكل جريمة العصر وتناقضاً مع عقيدة وثوابت وإجماع الأمة.
خامساً: مواساة الشهداء والأسرى والجرحى والمعوزين
لقد قررت حماس إلغاء مهرجانها المركزي في الذكرى 34 لانطلاقتها، وخصصت موازنته لتعزيز صمود شعبنا ومواساة أسر الشهداء والجرحى والأسرى وأصحاب البيوت المهدمة، والقيام بمشاريع إغاثية للمعوزين وتنفيذ حملات تطوعية خدمة لأبناء شعبنا وتخفيفاً من معاناته.
وختاماً.. فإن حماس تجدد عهدها مع الله تعالى ثم مع أبناء شعبها وأمتها وأحرار العالم على أن تكون الوفية لدماء الشهداء والجرحى وأنات الأسرى وعذابات المكلومين، وأن تبقى متجذرة في مواقفها وسياساتها الوطنية المتمسكة بالحقوق والثوابت الوطنية، حتى يأذن الله بالنصر والتحرير وعودة اللاجئين وتطهير الأرض والمقدسات.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت