انقضى عام 2021 مسجلا زيادة سكانية كبيرة في قطاع غزة في ظل واقع معيشي صعب يعيشه السكان الذين هم بحاجة عاجلة لتلبية احتياجاتهم حتى لا يسوء الحال أكثر من ذلك.
وأظهرت إحصائية سنوية صادرة عن الإدارة العامة للأحوال المدنية بوزارة الداخلية التي تديرها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قبل أيام، أن عدد سكان القطاع بلغ مليونين و313 ألفا و747 نسمة حتى نهاية 2021.
وقالت الإحصائية، إن عدد الذكور بلغ مليونا و173 ألفا و814 نسمة بنسبة 50.8 في المائة، فيما بلغ عدد الإناث مليونا و139 ألفا و933 نسمة بنسبة 49.2 في المائة.
ويرى مراقبون فلسطينيون أن سكان القطاع الساحلي يعيشون بالحد الأدنى أو أقل من الخدمات الأساسية في وقت تنذر فيه تفاقم الأزمات الإنسانية بتداعيات أكثر خطورة.
وسبق أن حذرت الأمم المتحدة مرارا من التدهور الحاد في قطاع غزة ونبهت في تقرير نشر في أغسطس عام 2012، إلى أن القطاع لن يكون منطقة صالحة للعيش حال استمر الحصار الإسرائيلي المفروض منذ صيف عام 2007.
ويطالب المسؤولون والمراقبون الفلسطينيون بتدخل دولي فعلي لرفع الحصار وإدخال تسهيلات شاملة تقوم بشكل رئيسي على التنمية الاقتصادية لضمان إحداث تحسين جدي على حياة السكان.
ويقول أمجد الشوا مدير شبكة المنظمات الأهلية في غزة لوكالة "شينخوا" الصينية، إن قطاع غزة يعيش "أسوأ ظروفه" الإنسانية في ظل استمرار الحصار والانقسام الداخلي.
ويضيف الشوا أن عجز التمويل الدولي الكبير لمختلف القطاعات لتغطية الاحتياجات المتزايدة بسبب ارتفاع عدد سكان القطاع، أثر بشكل كبير على الواقع.
ومع بدء العام الجديد يزداد الأمر صعوبة ولا يبشر بتحسن قريب في ظل أرقام تشير إلى ارتفاع نسب البطالة والفقر وانعدام فرص العمل وتردي الأوضاع الاقتصادية.
ويقول الخبير الاقتصادي من غزة حامد جاد إن القطاع بحاجة إلى ضخ أكثر من 60 ألف فرصة عمل في السوق المحلية في المقابل نجد الآلاف ينضمون سنويا للعاطلين عن العمل.
ويضيف جاد لـ "شينخوا"، أن الحصار الإسرائيلي المتواصل على القطاع منذ 15 سنة خلف "كوارث" متعددة ولا حصر لها على حياة السكان والذين يفيقون يوميا على أمل أن يتغير الحال نحو الأفضل.
ويشير جاد إلى أن فئة الشباب خاصة الخريجين هم أكثر الفئات تضررا حيث بلغت نسبة البطالة في صفوفهم نحو 70 في المائة، داعيا إلى ضرورة اتخاذ إجراءات حكومية تراعي تلك الزيادة وخلق فرص عمل لاستيعاب أكبر قدر منهم.
وتفرض إسرائيل حصارا مشددا على غزة منذ سيطرة حماس عليه بالقوة في عام 2007، وبجانب ذلك شنت إسرائيل عدة عمليات عسكرية واسعة النطاق ضد القطاع كان آخرها في مايو الماضي استمرت 11 يوما وأدت لاستشهاد أكثر من 250 فلسطينيا و مقتل 13 شخصا في إسرائيل.
وفي هذا الصدد، يقول ماهر الطباع مدير العلاقات العامة في غرفة تجارة وصناعة غزة إن الهجمات العسكرية الإسرائيلية "عمقت من الأزمة الاقتصادية نتيجة الدمار الهائل التي خلفته في البنية التحتية ومختلف القطاعات".
ويضيف الطباع لـ "شينخوا"، أن موجة التوتر الأخيرة كبدت القطاع خسائر وصلت إلى نصف مليار دولار في كافة القطاعات، في وقت لم تبدأ فيه بعد عملية إعادة الاعمار، مشيرا إلى أن كل ما تم تنفيذه هو إزالة الركام الخاص بالأبراج والمنازل التي تم استهدافها.
ولفت إلى أن ذلك جاء متزامنا مع حالة ركود تجاري لم يسبق لها مثيل نتيجة لاستمرار الحصار وفرض قيود على الاستيراد والتصدير أدت إلى انخفاض الواردات لعام 2021 بنسبة كبيرة مقارنة مع الأعوام السابقة.
وأشار إلى أن العام الماضي شهد استمرارا في ارتفاع معدلات البطالة وبالتالي نسب الفقر وانعدام الأمن الغذائي لدى الأسر الفلسطينية.
وأوضح أنه نتيجة لذلك برز العديد من الظواهر السلبية مثل "حالات التسول في الأماكن العامة، وتزايد حالات الطلاق والتعثر المالي للتجار ورجال الأعمال والافلاس والحبس على الذمم المالية".
وتابع أن قطاع غزة أشبه بكونه يدخل في مرحلة "الموت السريري" ونموذج "لأكبر سجن بالعالم" من غير إعادة إعمار ولا عمل ولا حياة ولا تنمية، مشيرا إلى أن الخناق يضيق بالقطاع مما ينذر بانفجار الوضع.
ودعا الطباع المجتمع الدولي إلى ممارسة الضغط الفعلي والحقيقي لإنهاء الحصار وفتح كافة المعابر التجارية وإدخال كافة احتياجات قطاع غزة من السلع والبضائع وعلى رأسها مواد البناء دون قيود أو شروط.
وتوقع الطباع استمرار حالة التراجع خلال العام الجاري في ظل المؤشرات السابقة فضلا عن غياب أي حلول سياسية تلوح في الأفق على صعيد المصالحة الفلسطينية أو على صعيد تحسن العلاقة مع إسرائيل بالإضافة إلى استمرار أزمة فيروس كورونا وإجراءات الوقاية المتبعة والتي ستنعكس سلبا على الواقع.
وفي هذا الإطار، أعلن عضو المكتب السياسي لحركة حماس حسام بدران، عن اتصالات تجري مع مصر وعدد من الدول والوسطاء لتخفيف وانهاء الحصار على غزة.
وقال بدران في بيان صحفي إن الفصائل الفلسطينية "لن تقبل باستمرار الحصار" على قطاع غزة، وان الأيام القادمة ستثبت للجميع أن الفصائل "لن تصمت طويلًا على هذا الوضع".
وذكر بدران في بيانه أن كافة المحاولات الإسرائيلية للتنصل من استحقاقات تفاهمات وقف إطلاق النار عقب موجة التوتر الأخيرة في مايو "لن تجدي نفعا"، معربا عن رفض حركته لأي اشتراطات إسرائيلية لحل الأزمة الإنسانية في غزة.