وكانت يبوس (أغنية جديدة للعاصمة)

بقلم: المتوكل طه

المتوكل طه
  • المتوكل طه

 

***

بها ابتدأَ اللهُ هذي الحياةَ

وجَمَّعَ شمسَ الضياءِ فكانت قِباباً،

ولَملمَ ماسَ الجواهِرِ من بَحرِها والجهاتِ،

فكانت بيوتاً وسوراً وباباً.

وجاء بِنُورِ المَجرّاتِ،

صَبَّ الأزِقَّةَ والطرقاتِ،

وأعلى القناطرَ والشُرفاتِ،

وأبدى مدينتَه في السماءِ،

فأضحى المكانُ،

وصار الزمانُ،

وبات الغِناءُ،

فَكانت يَبوس...!

 

***

 

ومن فضّةِ البَدرِ شَقَّ محاريبَها للصلاه،

فقامت بيوتٌ هي الفجرُ والشَّهْدُ والغصنُ

مِلءَ الشِفاهِ،

وأفشى الفَراشَ ونَحْلَ الشروقِ على

نبعةٍ من سَماه،

فَدارَت على مَرمرِ السّورِ سَبعُ شموسْ.

 

***

 

يرنُّ بها جرسُ الكونِ حتى يكون،

وصوتُ المؤذِّنِ في هَدْأَةٍ مِنْ سكونْ،

وتَرقى بها الحلقاتُ إلى أنْ يتمَّ لها الكشفُ

من دمعةٍ في الكؤوسْ.

 

***

 

هي الفَرَسُ البِكْرُ والياسمينْ،

وقنديلُ زيتٍ وطُهْرُ العجينْ،

وأُغنيةُ الدّربِ للعائدينْ،

وليلةُ عُرْسٍ وتاجُ العَروسْ.

 

***

 

على بابها الوردُ والأُغنياتْ،

وزفّةُ أقمارها للبناتْ،

وألحانُ زيتونِها في البَياتْ،

وأطيافُ قوسٍ بألفِ لَبوسْ.

 

***

 

وتفتح أذْرُعَها للطيورْ؛

لِعشِّ السنونو

ودَفِّ النُسورْ،

لعصفورِ نارٍ،

ومَوجِ الزهورْ،

لِشُبّاكِ داليةٍ في المساءِ،

لِطَقسِ القيامِ وَنَومِ الطقوس.

 

***

 

بها خَتمَ اللهُ كلَّ جَمالٍ؛

بِمئذنةٍ من كمالٍ،

وشمعٍ جليلٍ بهيٍّ خَفوتٍ،

هي الملكوتُ،

ومملكةٌ لا تموتُ،

وماءُ الحريرِ على هالةٍ للرؤوسْ.

 

***

 

هي السِّرُ والشَغفُ المُشْتَهى،

هي الرّوحُ والنبضُ والمُبتدا،

رآها كما شاء أنْ تُحتذى!

فقال لها؛ أنتِ منّي أنا...

فَحَطَّ الحَمامُ

وجاءَ السلامُ

فكانت يبوسُ

وكانت يَبوسْ.

 

 

 

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت