- المحامي علي ابوحبله
قامت الإستراتيجية التفاوضية الإسرائيلية على أساس "إدارة الصراع" وليس على أساس "حل الصراع"، وهي إستراتيجية تسعى إلى إضعاف الخصم بكل الطرق، إلى أن يقنع بالخيار الوحيد المتاح إسرائيليًّا، وهو ما يفسر إطالة عملية التفاوض. ولذلك رفضت "إسرائيل" نهج التسوية الشاملة من خلال مؤتمر دولي، ورفضت كشف أوراقها النهائية، وتبنت سياسة "الخطوة خطوة"، وجزأت التسوية إلى مسارات منفصلة، ثم جزأت المسارات المنفصلة إلى مراحل ومحطات .
تصريحات بينت وضعت السلطة الفلسطينية أمام حقائق دامغة مما يتطلب التوقف عندها ومراجعة وتقييم الاجتماعات مع الاسرائليين والتوقف عن الترويج لتحقيق انتصارات وهميه واختراق في مواقف الإسرائيليين خاصة في ظل التعنت الصهيوني في قول بينت لا دولة فلسطينية ما دمت رئيس وزراء إسرائيل وتعهده بعدم تطبيق اتفاق أوسلو ما دام في رئاسة الوزراء ، وتعهده بعدم التخلي عن موقفه الرافض لإقامة دولة فلسطينية، قائلا "طالما أنا رئيس الحكومة فلن يكون هناك تطبيق لاتفاق أوسلو". مصرحا "أنا من الجناح اليميني، ومواقفي لم تتغير، ما زلت أعارض إقامة دولة فلسطينية وأدافع عن دولتنا، ولن أسمح بمفاوضات سياسية على خط الدولة الفلسطينية، ولست مستعدا للقاء أي من قادة السلطة الفلسطينية".
وهذا يعني ويؤكد أن الاجتماعات التي عقدها غانتس ويائير لابيد مع الفلسطينيين تأتي في سياق نزع الصفة السياسية عن السلطة الفلسطينية وإضفاء الصفة الاداريه وما التسهيلات الممنوحه وتصاريح لم الشمل الداخلي وال V.IP الا ضمن مفهوم التعامل مع السلطة الفلسطينية ضمن مفهوم حكومة بينت وإضفاء الصفه الاداريه عليها هذا في الوقت الذي نفتقد فيه لمؤسسات علميه ومراكز دراسات لإدارة عملية المفاوضات باحترافية ومهنيه واستغلال بواطن القوه فقد استفاد الإسرائيليون من وجود نظام ديمقراطي مؤسسي يخدم حكومة الاحتلال الصهيوني بشكل أساسي، ويستفيد منه المفاوض بشكل أفضل من المؤسسات العلمية ومراكز الدراسات ومن الخبرات الإستراتيجية والسياسية، بحيث يستطيع إدارة العملية التفاوضية باحتراف كبير، مستفيدًا من عناصر القوة التي لديه ومن الفرص المتاحة.
كما استفادت "حكومة الاحتلال " في العملية التفاوضية من مزايا: غياب التكافؤ في ميزان القوى لمصلحة "إسرائيل" التي تسيطر على الأرض وتتحكم في حياة السكان. وتستطيع نظريًّا بحسب رؤية قادتها إلحاق الهزيمة بالجيوش العربية مجتمعة . ومن النفوذ الصهيوني الإسرائيلي الدولي، وقدرته على التأثير وصناعة القرار في الولايات المتحدة وعدد من الدول الكبرى، والدول ذات الأوزان السياسية والاقتصادية في العالم. ومن حالة ضعف وعجز وانقسام فلسطيني وعربي وإسلامي ، ومن إدارة فلسطينية للمفاوضات تعاني من ضعف التنظيم ونقص الخبرة، وفوقية القرارات، وغياب الرؤية السياسية والإستراتيجية، هذا فضلاً عن الانقسام الداخلي وانعكاساته.
وقد حرص الإسرائيليون في إستراتيجيتهم التفاوضية على :
- عدم تقديم مبادرات رسمية تحدد الشكل النهائي للتسوية، وترك تقديم التصورات لتصريحات السياسيين والمفكرين والقادة العسكريين، دونما التزام نهائي بها. ولذلك نجد عشرات المبادرات والأفكار غير الرسمية، وهي في مجملها تحاول حلّ مشكلة "إسرائيل"، وليس حل المشكلة الفلسطينية، ومعظم هذه المبادرات يدور حول تقديم شكل من أشكال الحكم للفلسطينيين على أجزاء من الضفة الغربية وقطاع غزة، بحيث يكون أكثر من حكم ذاتي وأقل من دولة. ومنذ أن ظهر مشروع إيغال ألون بعد حرب 1967 بشهر واحد، والذي اقترح شكلاً من أشكال الحكم الذاتي للفلسطينيين، فإنه أصبح أساسًا لمعظم المشاريع الإسرائيلية التالية.
أما المؤسسة الرسمية الإسرائيلية ففضلت عادة الحديث عما ترفضه، دون أن تلتزم تمامًا بالحديث عما تقبله، ومنذ أمدٍ بعيد وهناك مجموعة من اللاءات الإسرائيلية التي يكررها قادة الأحزاب والحكومة، وهي تشكل جامعًا مشتركًا بين معظم الإسرائيليين تسعى جميع الحكومات الاسرائيليه إلى إبقاء العملية التفاوضية عملية مستمرة ولا نهائية، وتجنب الوصول إلى حالة انسداد تام تؤدي إلى تخلي العرب والفلسطينيين عن خيار التسوية وانتقالهم إلى خيارات أخرى كالمقاومة.
فقد أراد الإسرائيليون ملء الفراغ باستمرار، والوجود الدائم للعبة التفاوضية في الساحة، ومنع وقوع حالة انهيار تام تؤدي لانفجار الوضع، بمعنى استمرار دفع المفاوض الفلسطيني والعربي إلى اللهاث للوصول إلى "الجزرة"، واستمرار الحديث عن السلام والأمن والرفاهة لشعوب المنطقة، في الوقت الذي يتم فيه بناء الحقائق على الأرض. وبعكس المفاوض الإسرائيلي، فقد انشغلت المبادرات الفلسطينية والعربية بتقديم تصورات لـ"إنهاء الصراع" وحلّه، وليس بإدارة الصراع.
وكان الجانبان الفلسطيني والعربي، بسبب حالة الضعف والتشرذم والتخلف، وبسبب الضغوط الخارجية، وتحت شعارات الواقعية وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، يقدمان في كل مرة مبادرات جديدة تتضمن تنازلات جديدة، فيرحب الطرف الإسرائيلي بالعناصر الإيجابية في هذه المبادرة أو تلك ويطالب بالمزيد.
ومن يتابع المفاوضات هذه الأيام يلاحظ أن الإسرائيليين يتعاملون وكأنهم انتهوا من حسم موضوع الحقوق الوطنية وحق وتقرير المصير وإضفاء الصفة الاداريه على السلطة الفلسطينية وهذا ما عكسته تصريحات بينت وتعهده بعدم تطبيق اتفاق أوسلو ما دام في رئاسة الوزراء وتعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت بعدم التخلي عن موقفه الرافض لإقامة دولة فلسطينية، قائلا "طالما أنا رئيس الحكومة فلن يكون هناك تطبيق لاتفاق أوسلو". مصرحا "أنا من الجناح اليميني، ومواقفي لم تتغير، ما زلت أعارض إقامة دولة فلسطينية وأدافع عن دولتنا، ولن أسمح بمفاوضات سياسية على خط الدولة الفلسطينية، ولست مستعدا للقاء أي من قادة السلطة الفلسطينية" وحقيقة القول " أن اتفاق أوسلو لم يكن هناك أي جهة أو مرجعية، تلزم "إسرائيل" بإنهاء المفاوضات ضمن سقف زمني محدد.
وأخرج الاتفاق الأمم المتحدة من كونها مظلة دولية تحكم النزاع بين الطرفين، وظلّت الولايات المتحدة تلعب دور الراعي لعملية التسوية، "ومن استرعى الذئب فقد ظلم"! بينما تركت الأمم المتحدة وأوروبا وروسيا وغيرها عملية المفاوضات لنتائج المباحثات الثنائية بين الفلسطينيين والإسرائيليين ان تجزئة قضايا التفاوض والاستغراق في التفاصيل التفاوضية:
حيث عمد الكيان الإسرائيلي تحويل عملية التسوية إلى متاهة، يصعب التحرك في دهاليزها كما يصعب الخروج منها، فتناقش أدق التفاصيل لعمل اتفاقات وبروتوكولات ومذكرات… ينشغل بها عشرات المتفاوضين، في مئات من الساعات التفاوضية، بأشكال ثنائية ومتعددة ودولية. وبحيث يبدو استرجاع الفلسطينيين لأبسط حقوقهم انتصارًا كبيرًا وتنازلاً إسرائيليًّا مؤلمًا. وهذا ما حصل في قضايا اقتصاديه وليست سياسيه كقضية المقاصة والكهرباء واستيراد العجول والمحروقات وجميعها حققت انتصارات وهميه وزادت من الترابط الاقتصادي مع الكيان الإسرائيلي ، بدلا من عملية الانفكاك الاقتصادي والترابط والتكامل الاقتصادي مع دول الجوار العربي تصريحات بينت نسفت آمال المراهنين على عملية التسوية والسلام خيار استراتيجي ، مما يتطلب الشروع الفوري لضرورة إحياء دوائر منظمة التحرير لأننا نمر في مرحله خطره ومفصليه هدفها تصفية القضية الفلسطينية والحقوق الوطنية وهي تحمل صفه سياسيه بامتياز والمرحلة اخطر من محاولات تمرير صفقة القرن لان حكومة بينت تتبنى سياسة فرض الأمر الواقع ضمن سياسة التغيير الديموغرافي والجغرافي للضفة الغربية وتهويد القدس والضفة الغربية في ظل مرحلة لم تعد فيها القضية الفلسطينية تتصدر الاولويه وفي ظل الهرولة للتطبيع وفي ظل موقف أمريكي داعم لإسرائيل ويتغاضى عن التوسع الاستيطاني المرحلة لا تحتاج لتصريحات بقدر حاجتها لقرارات وقدرات وكفاءات لمواجهة مخاطر المشروع الصهيوني والتنكر للحقوق الفلسطينية حيث قالها بينت "طالما أنا رئيس الوزراء فلن تكون هناك أوسلو"، في إشارة إلى اتفاقية أوسلو بين الإسرائيليين والفلسطينيين عام 1993، التي تتضمن إقرار إسرائيل بحق الفلسطينيين في إقامة حكم ذاتي.
وعن رؤيته بخصوص لقاءات عقدها وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد، ووزير الدفاع بيني غانتس مع مسئولين فلسطينيين مؤخرا، قال بينيت "ليس لديهم سلطة التحرك في الموضوع السياسي". وهذا ترسيخ لمفهوم نزع الصفة السياسية عن السلطة الفلسطينية
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت