- سهيله عمر
1.تعريف الإسراء والمعراج:
يُعرّف الإسراء بأنّه انتقال النبي -عليه الصلاة والسلام- مع جبريل -عليه السلام- ليلاً من البيت الحرام في مكّة المُكرمة إلى المسجد الأقصى في بيت المقدس على دابّةِ البُراق. وأمّا المعراج فهو صُعودهما من بيت المقدس إلى السماوات العُلى. وقد ثبت وقوع هذه الحادثة في القُرآن، والسُنّة، وشهادة الصحابة الكرام بذلك، وهي من إكرام الله -تعالى- لنبيّه.
2. سبب رحلة الاسراء والمعراج:
كان لرحلة الإسراء والمعراج العديد من الأسباب. فكانت تخفيفاً لآلامه وأحزانه -صلى الله عليه وسلم- بسبب الأذى الذي تلقّاه من قومه. إعلاءً لشأن النبي صلى الله عليه وسلم، وإكراماً له. وكانت من باب الإيناس للنبي والتسلية له، وتعريفاً له بمنزلته وقدْره عند الله -عزّ وجلّ-، إذ بدأ بعدها مرحلةً جديدةً من دعوته. بالإضافة إلى أنّها كانت فضلاً عظيماً للنبيّ -عليه الصلاة والسلام-. تعويضاً للنبيّ -عليه الصلاة والسلام- عمّا لاقاه من أهل الطائف وتكذيبهم له. قال -تعالى-: (ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيماً). وإعلاما للنبي -عليه الصلاة والسلام- بآيات الله -تعالى- العظيمة، يقول -تعالى- عن رحلة الإسراء: (لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا). وقال -تعالى-عن رحلة المعراج: (لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى)، لمِا في ذلك من القدرة على مواجهة مصاعب الدّعوة التي تعترضُه؟ ومن المشاهد التي رآها الأنبياء والمُرسلين، وبعض مشاهد الجنّة والنّار، وغير ذلك.
3. توقيت رحلة الاسراء والمعراج:
تعدّدت آراءُ عُلماء السِّيَر في زمن رحلة الإسراء والمعراج، وأشهر هذه الأقول ما أرّخه الزُّهريّ، حيث قال إنّها كانت قبل الهجرة إلى المدينة المُنورة بسنة. وكانت بعد معاناة النبي -عليه الصلاة والسلام- من رحلته إلى الطائف. فكانت في ليلة السابع والعشرين من شهر رجب من السنة الثانيّة عشرة للبعثة.
4. التجهيز لرحلة الإسراء والمعراج:
أخرج الإمام البُخاري -رحمه الله- في صحيحه حادثة الإسراء المعراج، حيث كان النبي -عليه الصلاة والسلام- مُستلقياً على ظهره في بيت أُمِّ هانئ. فانفرج سقف البيت، ونزل منه مَلَكان على هيئة البشر، فأخذاه إلى الحطيم عند زمزم. ثُمّ شقّا صدره، وأخرجا قلبه الشريف وغسلاه بماء زمزم، وملآه بالإيمان والحكمة. والحكمة في ذلك تهيئة النبي -صلى الله عليه وسلم- لِما سيُشاهده، وليكون إعدادا له من الناحية اليقينيّة والروحيّة. وعلّق الحافظ ابن حجر على ذلك فقال: "وجميع ما ورد من شق الصدر واستخراج القلب وغير ذلك من الأمور الخارقة للعادة مما يجب التسليم له دون التعرض لصرفه عن حقيقته، لصلاحية القدرة فلا يستحيل شيء من ذلك".
5. ركوب البراق والإسراء إلى المسجد الأقصى:
ثُمّ جاء جبريل -عليه السلام- للنبيّ بدابّة البُراق، وهي دابّةٌ أصغرُ من الفَرَس وأكبر من الحِمار، تضعُ حافرها عند مُنتهى طرفها. أي تضع خطواتها فتصل إلى مدّ بصرها. فلمّا ركبها النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يثْبُت. حتى قال له جبريل -عليه السلام- أن يثبت، فلم يركبها أحدٌ خيرٌ منه. فثبت النبيّ، وتصبّب عرقاً، ثُمّ انطلقت بهما إلى بيت المقدس.
5. العروج إلى السماء:
عُرج بالنبيّ وجبريل إلى السماء الدُنيا، فرأى -عليه الصلاة والسلام- آدمَ -عليه السلام-، ورحّب به، وردّ عليه السّلام، وأراه أرواح الشُهداء عن يمينه، وأرواح الأشقياء عن يساره. ثُمّ صعد إلى السماء الثانيّة، فرأى فيها يحيى وعيسى -عليهما السلام-، فسلّم عليهما. ثُمّ صعد إلى السماء الثالثة ورأى فيها يوسف -عليه السلام-. ثُمّ رأى إدريس -عليه السلام- في السماء الرابعة. وهارون -عليه السلام- في السماء الخامسة. وموسى -عليه السلام- في السماء السادسة. وفي السماء السابعة رأى إبراهيم -عليه السلام-، وجميعُهم يُسلّمون عليه، ويُقرّون بنبوّته. ثُمّ صعد إلى سدْرة المُنتهى، والبيت المعمور، ثُم صعد فوق السماء السابعة، وكلّم الله -تعالى-، ففرض عليه خمسين صلاة، وبقيَ النبيّ يُراجِعه حتى جعلها خمساً. وعُرض عليه اللّبن والخمر، فاختار اللّبن، فقيل له أنّه أصاب الفطرة. ورأى أنهار الجنّة، اثنان ظاهران، واثنان باطنان. ورأى خازن النّار -مالِك-. ورأى أكَلَة الرّبا، وأكَلَة أموالِ اليتامى ظُلماً، وغير ذلك الكثير من المشاهد.
6. دروس مستفادة من رحلة الإسراء والمعراج:
كان لرحلة الإسراء والمِعراج الكثير من الدُروس والعبر المستفادة، منها ما يأتي:
-تعويضُ الله -تعالى- للنبي -عليه الصلاة والسلام- لصدّ النّاس عنه، وخاصّةً أنّ الحادثة كانت بعد أذى أهل الطائف له، ومَنعُه من دُخول المسجد الحرام إلا بجوار مِطعم بن عديّ، فعوّضه الله -تعالى- بفتح أبواب السماء له، وترحيب أهلها به.
- تعزيةٌ ومواساةٌ من الله -تعالى- لنبيّه -عليه الصلاة والسلام- بعد وفاة زوجته خديجة -رضي الله عنها- وعمّه أبي طالب، فأكرمه برؤية آياتٍ من ربّه وأمور أخرى.
-فتنةُ النّاس وامتحانهم؛ من خلال بيان المُصدّق والمُكذّب له، حيث إنّ الذهاب إلى بيت المقدس لا يكون إلا برحلةٍ مقدارُها شهرين ذهاباً وإياباً، وسُمّيّ من حينها أبو بكرٍ -رضي الله عنه- بالصّدّيق؛ لتصديقه للنبي -عليه الصلاة والسلام- في مُعجزة الإسراء والمِعراج.
-بيان صدق النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد وصفه للناس ما يعجز البشر عن وصفه.
-بيان أهمية الصلاة ومكانتها، حيث إنّها فُرضت في السماء.
-الدلالة على أهمية المسجد الحرام والمسجد الأقصى، والربطُ بينهما، وقيامهما على التوحيد والإخلاص.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت