العالم يفرض تحديات صريحة على المقاومة

بقلم: أحمد إبراهيم

القدس
  • أحمد إبراهيم

بات من الواضح أن تركيا لا ترحب ولن ترحب خلال الفترة المقبلة بقيادات حركة حماس ، ولعل ما كشفته بعض التقارير الصحفية اليوم من تواصل بعض من قيادات حركة حماس مع بعض من الفلسطينيين في الأراضي المحتلة من أجل القيام بعمليات من تركيا هو أكبر دليل على ذلك.
وفي هذا الصدد قالت تقارير وبعض من منصات التواصل الاجتماعي أن قائد حركة حماس في غزة صالح العاروري تجاهل أخيرا مطالبة رئيس حركة حماس في الخارج خالد مشعل بالابتعاد عن الأضواء ، ويعود السبب في ذلك إلى البيانات التي تطرق إليها السنوار قائلا أن هناك أزمة في التعاطي السياسي التركي مع الحركة.
فضلا عما يتردد من وجود خلافات واضحة بين حزب الله وحماس ، وتحديدا بين مشعل وحسن نصر الله ، وهو ما اعترف به موقع المدن اللبناني صراحة
ولا يخفي على أحد إن حركة حماس تعتبر الدولة التركية حليفا استراتيجيا لها، ويقيم في تركيا منذ عقد عدد من قادة حماس أبرزهم نائب رئيس الحركة صالح العاروري. ويتردّد رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية ورئيسها في الخارج خالد مشعل بانتظام الى اسطنبول.
كما تتفاخر الحركة بمواقف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الذي يقدّم نفسه على أنه مناصر بقوة للقضية الفلسطينية.
عموما وفي هذا الصدد يجب الاعتراف بأن أردوغان سياسي بامتياز ولا يتحرك بالعواطف الا من أجل خدمة مصالحه السياسية والاقتصادية: لقد وظف أردوغان حماس توظيفا سياسيا في الفترة التوتر وجمود العلاقات بينه وبين دول الخليج ومصر من جهة وإسرائيل من جهة أخرى، ولم يكن يؤمن بفكرة المقاومة بقدر ما كان يؤمن بفكرة المقايضة، حيث جعل من جناح حماس العسكري الناشط في تركيا ''جوكر'' يستعمله متى ما شاء تماما مثل ما فعل مع كوادر الإخوان ليبتز بهم مصر: يتغير الموقف السياسي في تركيا بتغير المصالح وما يحصل اليوم من تقارب في العلاقات مع إسرائيل يؤكد القرار الذي اتخذه تركيا بالطلاق مع حماس وزواج المصلحة مع إسرائيل الذي سيسمح لتركيا بتجاوز أزمتها الاقتصادية وسقوط عملة الليرة كما سيوفر حصة معتبرة من الأموال بعبور انابيب النفط الإسرائيلية عبر الاراضي التركية إلى اليونان ثم إلى أوروبا.
تركيا حريصة على ان لا تقع في إحراج يضعها أمام التبرير وتقديم موقف جديد من الحركة لهذا فإن تحركها يجري في تكتم شديد قد يفهم منه عدم رغبتها في اعادة تصنيف الحركة رسميا والذي من المحتمل أن يزعج حلفاء حماس في المنطقة ويزرع الشكوك لدى الإخوان المسلمين في مصر عن احتمالية مقايضتهم في صفقة جديدة مع مصر، ومن غير المستبعد ان تكون تركيا قد اعطت لقيادات حماس الوقت الكافي لإيجاد البديل أو لمغادرة الأراضي التركية بدون أي قلق.
مرة أخرى يؤكد أردوغان ان المصالح تتصالح على حساب المواقف والمبادئ ويضع حماس في موقف صعب خصوصا وان المواقف الدولية المتزايدة ضدها تزيد من الضغط عليها ولا يستبعد أيضا ان تدير ايران ظهرها لحماس خاصة بعد تلقيها اشارات من الإدارة الأميركية حول امكانية إزالة الحرس الثوري الإيراني من القائمة السوداء للإرهاب والتي تحدثت عنها مصادر لموقع اكسيوس الأميركي: قد تذعن إيران ايضا لشروط أميركا وتغري إسرائيل بالتخلي عن حماس من أجل السماح لها بدخول السوق الأوروبية للنفط والغاز لتعويض ما يمكن تعويضه من الحصص الروسية.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت