- المحامي علي ابوحبله
أياً كانت المقاربة الإسرائيلية من الحرب الروسية على أوكرانيا فإن التقدير السائد في تل أبيب أنها ستضطر في النهاية إلى اختيار موقف واضح فاعل وجلي في الحرب الدائرة، أخذاً بعين الاعتبار أنها تنظر إلى الولايات المتحدة باعتبارها أقوى حليف لها، لكن يوجد أيضاً تحسُّب كبير لموقف روسيا ، وتخشى مما يسمونه سيناريوهات التصعيد بالمنافسة بين القوى العظمى، وأين ستكون مواقفهم، وكيف سيصيغون سياساتهم الخارجية تجاهها، على اعتبار أنه يمكن إنشاء وضع قائم جديد وغير مريح لإسرائيل قريباً بفعل تغير موازين القوى وتعدد الأقطاب والتحالفات وانعكاس ذلك على علاقات إسرائيل بالقوى العالمية بالعلاقات بين هذه القوى العالمية، وأي موقف إسرائيلي واضح من الحرب الأوكرانية يعني احتمالية تآكل الثقة بين إسرائيل وحلفائها، بخاصة ونحن نشهد ما تصفه المحافل الإسرائيلية بـ"عصر المنافسة الشرسة بين القوى". وهذا لا يخفي أن إسرائيل عاشت في هذه الحرب ما يمكن أن توصف بأنها "معضلة" لم تكن تتمنى أن تشهدها، بين كونها حليفاً أساسياً للولايات المتحدة، وفي الوقت ذاته صعوبة التعبير عن إدانة روسيا، ولا حتى بالتلميح، كونها تمسك في قبضتها بالساحة السورية، ولذلك ظهرت إسرائيل كأنها "تتلعثم"، وهي تراوح بين الموقفين، بخاصة أن ما يتسرب من تقديرات إسرائيلية تتحدث أن بوتين، صحيح أنه غض الطرف عن الضربات الإسرائيلية ضد القواعد الإيرانية في سوريا، لكنه في الوقت ذاته أظهر دعماً لتحالف الأسد وإيران في مواجهة المعارضة السورية المسلحة، وصحيح أنه أبعد الإيرانيين عن الحدود مع فلسطين المحتلة بخاصة في الجولان السوري المحتل، لكنه حرص على إبقائهم على نار هادئة، وفق التوصيف الإسرائيلي.
هذا بالضرورة سيترك تبعاته السلبية على ما "أنجزته" إسرائيل في السنوات الأخيرة من صياغة مسار لافت في سياستها الخارجية، بخاصة أن الغرب عموماً وواشنطن خصوصاً يُظهرون تفهماً نسبياً لحاجة إسرائيل إلى التحدث مع الكرملين، لا سيما في ضوء علاقات الجوار بين إسرائيل وروسيا داخل جارتها الشمالية في سوريا، فضلاً عن وجود مليون ناطق بالروسية في إسرائيل يمثلون جسراً ثقافياً بين موسكو وتل أبيب، وعلاقات تجارية مزدهرة تبلغ قيمتها ثلاثة مليارات دولار في السنة.
في الوقت ذاته يوجد تضارب مصالح بينهما وهما يحاولان ترسيمها، ولكن في حال تصاعدت الحرب الروسية-الأوكرانية فسوف تجبر إسرائيل على إعادة النظر في سياستها الحالية، وقد تطلب منها إدارة بايدن بشكل أكثر صرامة مما كانت عليه في الماضي الانحياز إليها والانضمام علناً إلى المعسكر الغربي في إدانة روسيا، وربما قطع العلاقات معها، وبالتالي فإن رفض إسرائيل ذلك سيزيد سلسلة الخلافات مع واشنطن حول الملف النووي الإيراني والقضية الفلسطينية والصادرات السيبرانية الهجومية وغير ذلك.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت