د. خالد معالي
في ذكرى يوم الأرض، والذي تزامن مع قمة النقب التطبيعية، وثلاث عمليات خللت وهزت منظومة الاحتلال الأمنية وتفاجأ بها، وبرغم تباهي الجيش ومخابراته بقوته، والتي ثبت أنها نمر من ورق، فلا هو نجح في الحد من العلميات ولا وقفها، ولا استباقها، وراح جمهور الاحتلال يطالب باقالة وزرائه وحكومته، فلا مكان للفاشل، لكن الفشل سيتواصل قريبا وهو ما تشير إليه كل المعطيات والدراسات، وحتى قراءات الاحتلال.
من يتحمل ما يجري هو الاحتلال، والغرب الذي صنعه، ولو لم يوجد الاحتلال لما وجد حاجة او من يفكر بمقاومة المحتل، والحل فلسطينيا وعربيا، يكون بالاعتماد على الذات والإمكانيات وتفعيل الطاقات الخلاقة، وهي كثيرة أن أجادت القيادات تفعليها وصفيت النوايا، فالتاريخ لا يذكر سوى من قاد السفينة لبر الأمان.
بحلول ذكرى يوم الارض، يلاحظ ان اعتداءات المستوطنين لم تتوقف، ولا الاعتقالات في الضفة الغربية، ولا محاولات جنود الاحتلال، للتمدد والانتشار بالاستيطان، هذا الخليط العجيب الذي ظن انه يمكن ترويض شعب مكون من 15 مليون فلسطيني، لكننا نراه يفشل وفشله يزداد يوما بعد يوم، فمن كان يظن يوما ان الفلسطيني سينجح يوما بدق تل ابيب بالصواريخ.
رغم ظلم الاحتلال، يبقى يوم الأرض الخالد؛ يحييه الفلسطينيون منذ عام 76 وحتى الآن في كافة المناطق؛ تحت شعار "إنا باقون، ما بقي الزعتر والزيتون"؛ وهو ما يتوجب الحفاظ على ما تبقى من الأرض بحمايتها من الاستيطان وجعله مكلفاً وباهظاً؛ وليس رخيصاً ومريحاً كما هو حاصل الآن.
الاستيطان يتوحش ويزداد، ويأكل اليابس والأخضر، ولا مجال للمزيد من الضعف والانقسام؛ ولا مجال للتأني وإطالة الوقت؛ وعلى الجميع – قبل فوات الأوان- سرعة التوحد ضمن برنامج وطني موحد؛ يظل الجميع دون اجتهادات فردية أو حزبية؛ فيد الله مع الجماعة؛ وليس مع المشتتين المنقسمين الذين يهدرون طاقاتهم في خلافات جانبية، وفبركات وتشويه والتصيد والانتقاص من الاخ لاخيه، التي توجع القلب.
في يوم الارض، يتضح أن "نفتالي بينت" يعبّر حقيقة عن مكونات نفسية المحتلين المشتاقة للمزيد؛ من ظلم الشعب الفلسطيني وتهجيره وطرده في منافي الأرض؛ وترك ما تبقى من الفلسطينيين بلا أرض يتشبثون بها، بل مجرد عمال في المستوطنات والداخل المحتل وبلا حقوق سيادية وسياسية.
مع إطلالة كل شمس يوم جديد في الضفة، يتم فرض الوقائع على الأرض بقوة السلاح والإرهاب من قبل المستوطنين؛ وصار للمستوطنين صولات وجولات في مختلف المناطق، والمحبب لهم على الدوام هي الأرض ليسلبوها.
سيذهب "الاحتلال" وتبقى الارض، حيث تحلّ ذكرى يوم الأرض في ذكراها ال46 والاستيطان ينتعش بشكل غير مسبوق ولم يحدث مثله سابقاً، فلم تتوقف ممارسات الاحتلال والمستوطنين، فهدم المنازل ومصادرة الأراضي وتجريفها، في القدس والضفة والنقب والداخل المحتل؛ مستمرـ
في يوم الارض، المستوطنون فرحون بالاستيطان الرخيص؛ وتزداد عربدتهم كل يوم؛ ولا حسيب ولا رقيب عليهم، وصاروا يسرحون ويمرحون ويجرفون المزيد من الأراضي، في مختلف مناطق الضفة الغربية، ويعتدون يومياً على مركبات المواطنين ويغلقون الطرق متى شاءوا، ويعربدون.
من كان يظن ان الاعتماد على الغير وكثرة البكاء والاستجداء، ستمنع عنه المرض وتوقف احتلال فهو واهم، من لم يشمر عن ذراعيه سيبقى تدوسه الاقدام، وفي ذيل الامم والشعوب، ويوم الارض ذكرى، ومناسبة لاعادة التفكير والتقييم، وتعميق الاخوة والمحبة والوحدة، فهل نحن فاعلون!؟
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت