- المحامي علي ابوحبله
يجمع قادة الكيان الصهيوني ، في الحكومة والمعارضة على السواء، على وصْف المشهد الأمني الإسرائيلي في أعقاب العمليات الثلاث التي أدّت إلى مقتل 11 إسرائيلياً خلال أسبوع، بأنه الأشدّ قسوة وإيلاماً منذ سنوات، فيما أظهرت الإجراءات والقرارات السياسية والأمنية المُتّخذة عقب تلك العمليات، هشاشة الأمن الإسرائيلي، وهو ما تحدث عنه رؤساء البلديات، سكّان المدن، بإبداء الحذر، في إقرار ضمني بإمكانية تحوّل أيّ مدينة لتصبح هدفا للمقاومة الفلسطينية . وعلى رغم أن الهجوم الأوّل في بئر السبع أثار المخاوف من أن يدفع نجاحه آخرين إلى محاكاته، إلّا أنه بقي لدى الأجهزة المختصّة قدْرٌ من الرهان على إمكانية احتوائه، وفي أسوأ الأحوال تكراره بأدوات ما دون التقليدية (الدهس أو أداة حادّة). إلّا أنه في أعقاب العملية الثانية في الخضيرة، تصاعَد منسوب الخوف لدى المؤسسة الامنيه ، خصوصاً أن المنفّذ استخدم فيها أسلحة نارية، وكان يمكن أن يوقع خسائر أكبر. وممّا ضاعف الخشية الإسرائيلية أيضاً، هو أن المنفّذين من الأراضي المحتلّة عام 1948، بعدما كان هذا السيناريو يكاد مغيب عن ذهن الاجهزه الامنيه ؛ لمجموعة اعتبارات من بينها التحام فلسطينيّي الداخل مع البيئة الإسرائيلية، عملياتياً وأمنياً. وعلى إثر ذلك، قرّر جيش ا الاحتلال الاسرائيلي نشر أربع كتائب من أجل تعزيز القدرة على ضبط الأمن، بل وصل به الأمر إلى حدّ منع السير المنفرد والتدريبات في المناطق العربية، في مؤشّر واضح إلى فقدان الشعور بالأمن، حتى بالنسبة إلى الجنود الذين يُفترض أنهم هم مَن يوفّرون الأمن للمستوطنين. لكن لم تمضِ أيّام قليلة، حتى جاءت عملية " بني براك" ، ليدرك قادة الاجهزه الامنيه في هذه اللحظة أنهم في ذروة موجة من العمليات، وفق ما أقرّ به رئيس وزراء حكومة الاحتلال ، نفتالي بينت، وهناك تخوف من انطلاقه انتفاضه ثالثه ، ومتوقّعين أن يتواصل ذلك المسلسل ويتفاقم، الأمر الذي دفع الجيش إلى اتّخاذ قرار بإسناد الشرطة بمزيد من الكتائب العسكرية.
على اثر ذلك واصلت قوات الاحتلال التصعيد على الأرض، فقتلت 3 فلسطينيين في جنين وبيت لحم ، وأطلقت حملة " كاسر الأمواج" استعداداً لفترة توتر طويلة جداً، مع مواصلة قوات الاحتلال ، المنتشرة بكثافة في معظم المدن، الاعتقالات في صفوف الفلسطينيين الذين يردون بعمليات فردية، فيما يقتحم مستوطنون متطرفون المسجد الأقصى.
وأدانت الرئاسة الفلسطينية التصعيد الخطيرمن قبل قوات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني ، مطالبةً المجتمع الدولي بالتحرك الفوري للجم إسرائيل ومحاسبتها على جرائمها. وحذرت الفصائل الفلسطينية من انفجار، متوعدة بتصعيد المقاومة والمواجهات.
قيادة الأركان في جيش الاحتلال أجرت مداولات برئاسة رئيس الأركان أفيف كوخافي، ومشاركة قادة الألوية، تقرر فيها اتخاذ «سلسلة إجراءات عملية لمجابهة المسلحين الفلسطينيين، قبل أن ينفذوا عملياتهم. تتضمن رفع الجاهزية الميدانية والأعمال لإحباط النشاطات التي يسمونها بالإرهابية لضمان أمن المواطنين الإسرائيليين وإعادة الهدوء». وقال كوخافي لضباطه: «لديكم، قادة الألوية الإقليمية والقيادة الوسطى، دور مركزي ومهم، يتمثل في منع هذه العمليات التخريبية. لديكم قدرة لإحباط الرغبة في محاكاة هذه العمليات ومنع فرص تنفيذ عمليات أخرى. علينا وقف هذه الموجة، وأنا أثق بكم وبقدرتكم. النشاط صباح اليوم (أمس) في جنين هو جزء من هذه العمليات الهجومية التي يجب علينا مواصلتها لإحباط هذه النشاطات الإرهابية. سنواصل تخطيط وتنفيذ مزيد من هذه الحملات وأعمال الاعتقال وفق الحاجة لإحباط ما يسميه الإرهاب، وضمان أمن وسلامة مواطني إسرائيل على الجبهات كافة، وهذا هو دورنا».
وحذر رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية من التداعيات الخطيرة للحملة الإسرائيلية، وقال إنها «جرائم تشكل فصلاً جديداً يضاف إلى فصول الجرائم الإسرائيلية المرتكبة ضد أبناء شعبنا، يشارك فيها المستوطنون بإيعاز مباشر من رئيس الحكومة الإسرائيلية، الذي سمح للمستوطنين باستخدام السلاح لقتل المواطنين، الأمر الذي ينطوي على خطورة كبيرة، تستدعي تدخلاً دولياً عاجلاً لتوفير الحماية لأبناء شعبنا ووقف ماكينة القتل من قبل جنود الاحتلال والمستوطنين».
فيما أطلق اليمين المعارض في إسرائيل حملة استغلال واضحة للعمليات التفجيرية ضد أهداف إسرائيلية، ليحرضوا على العرب وعلى الحكومة. وخرج بنيامين نتنياهو بتصريحات قال فيها إنه لا يثق بأن حكومة بنيت، التي تتحالف مع «الحركة الإسلامية» بقيادة منصور عباس، قادرة على قيادة المعركة ضد الإرهاب. وقال: «حكومة تستند إلى دعم الإسلاميين لن تستطيع مكافحة الإرهاب». واقتحم عضو الكنيست المتطرف إيتمار بن غفير المسجد الأقصى متحدياً الفلسطينيين.
والتقط بن غفير فيديو لنفسه من داخل باحات الأقصى، مستهزئاً بتهديدات الفصائل الفلسطينية وتحذيراتها. ودعا بن غفير الحكومة الإسرائيلية إلى وقف إظهار ضعفها أمام «الإرهابيين» والعمل على السماح لليهود بحرية الوصول إلى الأقصى.
ورداً على بن غفير، دعا مجلس الإفتاء الأعلى الفلسطينيين إلى شدّ الرحال إلى مدينة القدس، بما فيها المسجد الأقصى المبارك، خاصة خلال شهر رمضان المبارك.
الساحة الفلسطينية باتت حبلى بالمفاجآت والعيون ترقب وتترقب حملة تصعيد غير مسبوقة في شهر رمضان يخشى نتيجتها تتدحرج كتلة الثلج لتعم الفوضى المنطقة برمتها بفعل الممارسات الاسرائيليه واستمرار الاحتلال
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت