- أحمد إبراهيم
تحدثت العديد من وسائل الإعلام العبرية وحتى بعض الصحف العربية عن تحرك جهاز المخابرات المصري بدأ فعليًا من أجل تهدئة الأوضاع المشتعلة ومحاولة التوصل لتهدئة ميدانية، تمنع انتقال شرارتها إلى قطاع غزة، في ظل تهديدات قادة الفصائل هناك بالدخول في المعركة، وسط تساؤلات حول جدية هذه التسريبات وهدفها في ظل نفي فلسطيني قاطع لها.
وأمس كشفت تقارير صحفية غربية عن جهود دولية كبيرة جرت خلال الساعات الأخيرة لمنع تدحرج التصعيد إلى قطاع غزة بسبب أحداث المسجد الأقصى.
وحسب الموقع، أجرى رجال المخابرات المصرية محادثات مع الجانب الإسرائيلي ومع قيادة “حماس” في غزة، ومع إسماعيل هنية الموجود في قطر، كما تحدث مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط مع هنية لإخماد التوتر، فيما وضع هنية عدة شروط لوقف التصعيد تضمنت :
-أن تسمح إسرائيل بحرية العبادة الكاملة للمسلمين الراغبين في زيارة الأقصى خلال رمضان
– أن تطلق إسرائيل سراح جميع المعتقلين صباح اليوم من الأقصى.
– أن توقف إسرائيل عملياتها العسكرية في محافظة جنين والضفة.
– هل نجحت مصر؟
السؤال السابق حاول المحلل والخبير السياسي نادر الصفدي الإجابة عنه في موقع راي اليوم، وكما نقلت وسائل اعلام عربية عن مصادر مصرية وصفتها بـ”المطلعة” على جهود الوساطة التي تقوم بها القاهرة بين حكومة الاحتلال والفصائل الفلسطينية، لمنع التصعيد في الأراضي المحتلة عقب اقتحام قوات الاحتلال المسجد الأقصى صباح الجمعة، أن هناك مؤشرات إيجابية تشير إلى اتجاه الأوضاع نحو الهدوء خلال الساعات القادمة، وذلك في أعقاب سلسلة من الاتصالات التي جرت على مدار اليوم.
وبحسب المصادر، فإن المسئولين في جهاز المخابرات العامة المصري تواصلوا مع قيادة حركة (حماس) ومع المسئولين في حكومة الاحتلال، ما أسفر عن التوصل لاتفاق بشأن المعتقلين الذين اعتقلتهم سلطات الاحتلال خلال المواجهات التي شهدتها القدس الجمعة.
ووفقا للمصادر فإن الوساطة المصرية التي تخللها تنسيق مع المسؤولين في دولة قطر، سيتم بموجبها إطلاق سراح كافة المعتقلين الذين تجاوزت أعدادهم 400 معتقل في الساعات الأولى من صباح اليوم السبت.
وبحسب المصادر، فإن مسؤول ملف الاتصالات مع حكومة الاحتلال محمود السيسي نجل الرئيس المصري، توجه برفقة اثنين آخرين من المسؤولين المصريين، في زيارة خاطفة ظهر الجمعة إلى تل أبيب، بهدف قيادة وساطة مباشرة، مؤكدةً أن تعليمات مصرية صدرت للشركة العاملة في عمليات إعادة الإعمار في غزة بوقف العمل مؤقتا، في ظل استنفار مقاتلي الفصائل في القطاع تحسبا لموجة تصعيد جديدة حال فشل جهود الوساطة التي تقوم بها مصر وأطراف أخرى.
وقالت المصادر: “إن الموقف المصري الرسمي الصادر، المتمثل في بيان الخارجية المصرية، وما تضمنه من تأكيد على أن المسجد الأقصى كاملا يعد وقفا إسلاميا خالصا، مثّل رسالة طمأنة للفصائل التي أكدت على ضرورة إنهاء آلية التقسيم الزماني والمكاني للأقصى”.
وبحسب المصادر، فقد طالبت القاهرة قيادة “حماس” بضبط الأوضاع في قطاع غزة، مؤكدة مخاوفها بشأن حدوث أي خطأ قد يؤدي لعمليات إطلاق صواريخ من القطاع بشكل يدفع الأوضاع إلى نقطة لا يمكن الرجوع عنها.
وشهدت مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك، منذ الساعات الأولى من صباح الجمعة، حالة من التوتر الشديد جراء اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين، باحات المسجد الأقصى، مما أدى إلى اندلاع مواجهات عنيفة مع الشبان الفلسطينيين، أسفرت عن إصابة واعتقال المئات.
وقال الهلال الأحمر الفلسطيني في أحدث إحصائيّة له اليوم الجمعة، إن طواقمه تعاملت مع نحو 224 إصابة في ظل تصاعد حدّة اعتداءات جيش الاحتلال في القدس والضفة الغربية.
وأوضح الهلال الأحمر أن الإصابات التي تعامل معها تراوحت بين الرصاص الحي، والرصاص المعدني المغلف بالمطاط، وقنابل الصوت، والاعتداء بالضرب.
حماس تنفي والجهاد تهدد
القيادي في حركة “حماس” محمود مرداوي، نفى الأنباء التي تتحدث حول وجود تهدئة مع الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدا ان ما يتم تداوله عارٍ عن الصحة.
وأكد مرداوي، في تصريحات لقناة (الأقصى) الفضائية، الليلة، أن ما يتم تداوله يهدف للإضرار بالحالة المعنوية للشعب الفلسطيني الذي يخوض معركة ضارية دفاعاً عن مقدساته ويضحي فيها بأغلى ما يملك.
وطالب، الجميع بعدم تداول هذه الإشاعات، واعتماد الرواية الفلسطينية بعيدا عن الإعلام الإسرائيلي المضلل، مؤكدا في الوقت ذاته أن قيادة حركة “حماس” بالتعاون مع الفصائل، تجري حوارا مع الوسطاء لنزع فتيل الأزمة التي فرضها الاحتلال بانتهاك حرمة المسجد الأقصى.
وقال القيادي في حركة حماس: “إن الوصول إلى المسجد الأقصى والاعتكاف فيه حق لشعبنا ولا مساومة عليه”، مضيفا: “شعبنا ماض في جهاده ونضاله حتى تحرير فلسطين، وسندافع بأجسادنا عن المسجد الأقصى من انتهاكات الاحتلال”.
وأشار مرداوي، إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يريد نزع عامل القوة لدى الشعب الفلسطيني، لافتا إلى أن الحقوق الفلسطينية لا تعود إلا بالقوة، فما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.
ودعا أبناء الشعب الفلسطيني إلى شد الرحال للمسجد الأقصى المبارك، ومقاومة الاحتلال في كل مكان، مؤكدا في الوقت ذاته أن الأهالي في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 أمناء على المسجد الأقصى.
بدوره أكد القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، داود شهاب، أن الفصائل الفلسطينية أبلغت جميع الأطراف المعنية أنه إذا لم يكف العدو الإسرائيلي عن المسجد الأقصى ولم يوقف عدوانه على الضفة الغربية، فإن المواجهة ستكون أقرب وأقصى مما يظن.
وأوضح شهاب في حديث مع قناة “الجزيرة مباشر” أن من حق فصائل المقاومة الفلسطينية الدفاع عن نفسها وأبناء الشعب الفلسطيني، مشددًا أنها لن تسمح بالاعتداء على المصلين داخل باحات المسجد الأقصى ومنع الإعتكافات، ولن تسمح كذلك باستبدال ضبح القرابين في الأقصى بذبح أبناء الشعب الفلسطيني على الحواجز بالضفة الغربية.
وقال: “العدو الإسرائيلي تجاوز كل الخطوط الحمراء وداس عليها بإرهابه وعدوانه، وهناك دعوات لاستعادة الهدوء وضبط النفس، وكأن الفلسطيني هو سبب ما يجري، الشعب الفلسطيني كله ضحية للإرهاب والعدوان الإسرائيلي”.
وشدد القيادي في الجهاد الإسلامي على إصرار المقاومة الفلسطينية في ردع وكبح ودفع العدوان الإسرائيلي عن الأرض الفلسطينية والمقدسات الإسلامية في فلسطين.
وقال شهاب: “رسالتنا واضحة لكل الأطراف، لا تتحدثوا معنا عن ضبط النفس واستعادة الهدوء أمام هذه المشاهد، وليس الفلسطيني وليست المقاومة من تقف مغلولة الأيدي أمام مشاهد القتل والإبادة والتطهير العرقي”.
وأكد أن ساحة المعركة هي ساحة واحدة ولا فرق بين غزة والضفة الغربية، وكل فلسطين هي أرض مقدسة، ومحاولة الاحتلال الاستفراد في بقعة على حساب أخرى لن يتم إطلاقا.
في السياق، يقول الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف إن ما جرى من اتصالات عربية ودولية باتجاه المقاومة وحركة حماس يعكس الخشية من رد المقاومة على الانتهاكات الإسرائيلية الحاصلة في الأقصى وفي الضفة.
ويضيف الصواف أن هناك سلسلة من الشروط التي وضعتها المقاومة على الطاولة أمام الوسطاء وإذا لم يلتزم الاحتلال بها فإن الأمور لن تمر مرور الكرام وستذهب الساحة إلى مزيد من التصعيد بما في ذلك التصعيد العسكري.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي أن ما يجري ليس تفاوضًا تحت النار بين الاحتلال والمقاومة بل هناك خشية من الوسطاء على الاحتلال وواقعه إضافة إلى أن ما يقوم به الاحتلال ربما يشكل أزمة كبيرة وهو ما لا ترغب به جميع الأطراف.
وبحسب الصواف فإن الكرة الآن في ملعب الاحتلال والوسطاء الذين قاموا باتصالات مكثفة على مدار الـ 48 ساعة الأخيرة أملاً في احتواء التصعيد بعد إدراكهم بحقيقة التهديدات التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.
وأمام هذه التطورات الساخنة، يبقى التساؤل الأكبر، هل نجحت مصر حقًا في التهدئة؟، أم أن ما يتم تناقله مجرد تسريبات إسرائيلية “خبيثة” تعكس تخوف الاحتلال من مشاركة غزة في المعركة، ومحاولة منع انتقال الشرارة للقطاع؟
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت