- بكر أبوبكر
فكرة اقتراب هدم المسجد الأقصى أصبحت أقرب مما يظن الكثيرون! فالوضع العام في حالة دفع وانحدار متسارع لتنفيذ هذا الهدم، أو التهويد الكامل أو الاقتسام تمهيدًا للاندثار لقضية المسجد الأقصى!
الجدار الوحيد الحامي للمسجد الأقصى كما ترون هو من خلال الهبات العظيمة التي لم تنقطع نصرة للمسجد الأقصى، وهي الهبات التي يقوم بها الفلسطينيون في كل فلسطين سواء بالضفة أو غزة اوالداخل، وبدعم الخارج، وبأيدي أبطال مدينة القدس الأشاوس أساسًا. وبدعم خجول من جماهير الأمة (المشتتة بين الصلاة وراء علي او الأكل على مائدة معاوية) وهي الأمة التي صُفعت بصمت بعض حكامها الذين لن يجدوا عبر التاريخ الا مقعد المتخاذلين الملعونين.
تدرّج الصهاينة بعملية تهويد فلسطين، ثم القدس عامة بضخ السكان اليهود إليها وصولاً لعبرنة الأسماء، ومن التهجير المخطط للمواطنين الفلسطينيين العرب الى هدم البيوت العربية، أو الاستيلاء عليها ببجاحة السارق حين يدخل البيوت الآمنة فيعيث فيها فسادًا والكل من الجيران يرون ويشاهدون ما بين مشجعين أو آسفين أو مجرد متفرجين يقضون وقتًا لاقيمة له! ثم ينقلبون للعبث بجوالاتهم او لمتابعة المسلسلات المختلفة.
حُماة الأقصى وأبطال فلسطين الظاهرين القاهرين من المرابطين الثابتين الصامدين ذكرهم رسول البرية كما روي في مسند الإمام أحمد حين قال بصراحة وبلا لبس-خاصة لأولئك الانعزاليين المشككين بكل شيء-فقال عليه السلام: "لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء (شدة المرض، أو ضيق العيش)، حتى يأتيهم أمر الله. وهم كذلك"، قالوا: يا رسول الله وأين هم؟ قال: "ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس".
الانعزاليون العرب الذين آثروا إسقاط فلسطين ثم المسجد الأقصى من حساباتهم السياسية والدينية، حتى غدوا شجرة بلا أصل وبلا قيم، ولا كأنه القبلة الاولى أو ثالث الحرمين الشريفين! الذي يشد اليه الرحال، فيأتيك شخصٌ صفيق فيهم ليعينهم على التلهي بجوالاتهم ورغد عيشهم الموهومة تحت بوابة الانبهار المقزز بالاجنبي والصهيوني ليخترع أكذوبة أن لا مسجد أقصى بفلسطين! وكأنه يعطي الحجة للحرامي أن يسرق كما يشاء قائلًا له: سلمت يداك! لك ذلك وأثابك الله ماجورًا!
هؤلاء الانعزاليون وفيهم الكتاب والإعلاميون الذين يبررون للاحتلال احتلاهم، ويبررون للقاعدين والمتكاسلين والمتآمرين عن الجهاد والمقاومة هم ممن قال بهم المولى عز وجل "ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار" (ابراهيم 26)
تجتهد الحركة الصهيونية التي لاشيء لها بفلسطين الأرض والوطن والشعب، على تكريس الامر الواقع بالقوة والحراب، وعلى اختراع تاريخ أو أكاذيب لتكرس خرافات 2000 عام أسطورية في فلسطين، لأن التاريخ الحقيقي كذّب كل رواياتهم التاريخية والتلمودية والتناخية، وكذّبهم علم الآثار فلا ذرة رمل واحدة في فلسطين والقدس تشير لشيء من خرافاتهم فلا هيكل ولا يحزنون ولا خروج ولا معارك ولا إمارات/مشيخات "عظيمة" للقوم المندثرين ممن يتسمون باسمهم، هنا في فلسطين.
إن هؤلاء الغزاة المستعمرين لفلسطين ما هم الا أقوام شتى قدمت من أوربا لاستعمار فلسطين خدمة للاستعمار الغربي الذي أزاح عبء اليهود عن كاهله بعد اضطهاده لهم قرونًا فضرب عصفورين بحجر واحد.
الاستعمار الغربي ودرة تاجه بريطانيا وأمريكا هو المتنمر بالكيان الصهيوني حتى اليوم على الأمة العربية والاسلامية حتى حوّلها بزعاماتها لأمة خانعة مستكينة استهلاكية تسير على بطونها! بلا علم ولا صناعة ولا تقانة ولا وعي ولاقيم ولا دين تضعها في مقدمة الأمم فتحقق اللهدف المرجو، بل والى ذلك ها هي الزعامات الانعزالية العربية تحتضن الصهيوني الأمريكي على حساب ثقافة وفكر ودين الأمة سواء الاسلامي أو المسيحي.
صمتت الأقلام الانعزالية العربية عن مشاهد الأقصى كما صمتت عن مهمة الدفاع عن فلسطين منذ خدعة ومخطط ما يسمى "اتفاقات ابراهام" البائسة، وحبيبهم الصهيوني- الانجيلي "ترامب" فتخلوا وحدانًا عن فلسطين ماليًا وسياسيًا بل وثقافيًا، وفتحواعقولهم القاصرة للعبث الروائي الصهيوني الخرافي.
ألقى الانعزاليون العرب بأنفسهم بأحضان من سيجردونهم من ملابسهم وهم يضحكون، ولجأوا للحفاظ على عروشهم ومقاعد أقفيتهم بأبخس الأثمان أي ببيع دينهم وتعزيز ثقافة العِناق مع المحتل، وهم أيضا المعوّقون ممن يصدق فيهم القول القرآني (قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا ۖ وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا (18الأحزاب)
وفي المعنى الجميل للآية يورد الإمام الطبري في تفسيره أنه: يوم الأحزاب (معركة الخندق)، انصرف رجل من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجد أخاه بين يديه شواء ورغيف ونبيذ، فقال له: أنت هاهنا في الشواء والرغيف والنبيذ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين الرماح والسيوف؟ فقال: هلمّ إلى هذا، فقد بلغ بك وبصاحبك، والذي يحلف به لا يستقبلها محمد أبدا، فقال: كذبت والذي يحلف به؛ قال -وكان أخاه من أبيه وأمِّه-: أما والله لأخبرنّ النّبي صلى الله عليه وسلم أمرك؛ قال: وذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبره؛ قال: فوجده قد نـزل جبرائيل عليه السلام بخبره ( قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لإخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلا قَلِيلا ) .
ذكر الكاتب اليهودي الأمريكي ألون بن مائير في 19/4/2022م بمقاله تحت عنوان: "إسرائيل" بحاجة للفلسطينيين كعدو دائم لتبرير الإحتلال[1]:"إن معاملة "إسرائيل" القاسية للفلسطينيين تهدف إلى تعميق الاستياء الفلسطيني والتحريض على العنف "الخاضع للسيطرة"، والذي يسمح بدوره للحكومات الإسرائيلية بتبرير استمرار الاحتلال لأسباب تتعلق بالأمن القومي. حان الوقت لجميع الإسرائيليين أن يتخلصوا من فكرة أن الاحتلال مركزي لأمنهم القومي ، في حين أن العكس هو الصحيح في الواقع".
أنظر الى ما قاله هذا الكاتب اليهودي والمناصر "لإسرائيل" ما يمثل أقل القول أو أضعف الإيمان مما كان على ولاة أمر الأمة البائسون أن يقولوه وليتغطوا بكلام اليهود أنفسهم! ويا للعجب!
الى ذلك تستمر الصراعات العربية، ويتعملق الانعزاليون فيهم، وتستمر الصراعات الداخلية الفلسطينية بينما لغة التحريض الدموية لدى رئيس الحكومة الإسرائيلية الإرهابي المتطرف "نفتالي بينيت"، ووزير حربه "بني غانتس"، وأوامرهما إلى جيش الاحتلال وعناصر شرطته مستمرة، وتطالب علنًا بالتغول أكثر فأكثر في ارتكاب الجرائم اليومية ضد أبناء شعبنا الأبطال المرابطين والمصلين في المسجد الأقصى المبارك، وفي أنحاء مدينة القدس والضفة الفلسطينية، ودعوتهما عصابات المستوطنين لمواصلة اقتحام الأقصى وتدنيسه.
تذكرت ما قاله د.مصطفى السباعي في كتابه: هكذا علمتني الحياة ص 89 في بند حالة المسلمين "لو هدمت الكعبة لما ضجَّ المسلمون اليوم أكثر من ثلاثة أيام"!؟
فما بالك بالقدس والأقصى؟ قد يكفيهم يومان فقط ونزيدها مع وسائل التواصل الاجتماعي الى اكثر قليلًا!
وهو أي السباعي القائل بذات الكتاب ص 28 أن "الحياة بلا إيمان لغز لا يفهم معناه"، ونحن بالله مؤمنون وبالنصر واثقون. وقال أيضًا ص "161إنما يضيع الحق بين 3 شهوات: شهوة الجاه والشهرة (ومنها الرياسة والحكم والطغيان)، و وشهوة المال والمنفعة (الاستهلاكية)، وشهوة اللذة والمتعة".[2]
لنكن من أتباع القول الحق فيما ورد من رب العزة، ورسوله الكريم وما لنا لا نعي كأمة عربية وإسلامية ما قاله المفكر العظيم خالد الحسن حين قال: "تكون القيادة (جماعة القيادة) محافظة على وحدة الجماهير، وعلى حيوية واستمرارية عطائهـا النضالي، من خلال كونها قدوة، في القول والسلوك والعطاء، فضلا عن كونها قدوة في الممارسة التي تقود العمل الى تحقيق انتصارات متوالية، باتجاه الهدف المطلوب تحقيقه، الذي ترى فيه الجماهير تحقيقا لمصالحها".[3]
ومضيفًا أي خالد الحسن أن: "القيـادة هي القدرة على توحيد الجماهير، حول هدف أو قضية، ومن ثم، فهي القدرة على تنظيم وتحريك هذه الجماهير، بما يحرك طاقاتها النضاليـة لتحقيق الأهداف، التي تجسد مصالح الجماهير وأمالها المستقبلية".
سقطت قيادات الأمة في بحر إغواء مصالحها وعبث نزقها وتخليها عن شعوبها وقيم أمتها، وتهاوت في الأمة شيئًا فشيًا ثقافة النضال والجهاد، وثقافة التضامن وثقافة الوحدوية وثقافة إغاثة الملهوف ونصرة الآخر، وهي أشد ما ميز الأمة في تاريخها الحافل، وسقطت ثقافة الحب والتآزر، وسقطت القيم الدينية والحضارية العظيمة كلها خاصة عند هؤلاء الانعزالين فانكشفت الأمة وبدت عارية كعري آدم في الجنة فسقط منها.
الحواشي:
[1] ألون بن مائيرالكاتب اليهودي الامريكي المناصر ل"إسرائيل" في مقاله: "إسرائيل" بحاجة للفلسطينيين كعدو دائم لتبرير الإحتلال، يضيف بالمقال قائلًا أيضًا أن: ما هو مقلق إلى حدّ بعيد هو أن ثلاثة أجيال من الإسرائيليين والفلسطينيين (80٪ من الإسرائيليين و 92٪ من الفلسطينيين) قد ولدوا منذ بدء الاحتلال في نهاية حرب عام 1967. رئيس الوزراء بينيت (الذي ولد عام 1972 بعد خمس سنوات من بدء الاحتلال) وملايين الإسرائيليين الآخرين نشأوا أثناء الاحتلال واعتبروا الضفة الغربية ، أو يهودا والسامرة كما تسمي الحكومة الإسرائيلية الأراضي المحتلة ، أرضًا طبيعية امتدادا ً ل"إسرائيل" ما قبل الحرب. المحزن أنه بدلاً من تطوير علاقة أوثق على مر السنين بين اليهود الإسرائيليين والفلسطينيين والتعاطف مع مخاوف وتطلعات كل منهما، استخدمت "إسرائيل" عن عمد إجراءات قمعية لم تؤد إلا إلى توسيع الهوة بينهما وزادت من كراهية وانعدام الثقة المتبادلة بينهما.
2 مصطفى السباعي، هكذا علمتني الحياة،(القسم 1 و2) المكتب الاسلامي، بيروت، ط4 عام 1997م.
3 خالد الحسن، لكي لا تكون القيادة استبدادًا، ص6
[1] ألون بن مائيرالكاتب اليهودي الامريكي المناصر ل"إسرائيل" في مقاله: "إسرائيل" بحاجة للفلسطينيين كعدو دائم لتبرير الإحتلال، يضيف بالمقال قائلًا أيضًا أن: ما هو مقلق إلى حدّ بعيد هو أن ثلاثة أجيال من الإسرائيليين والفلسطينيين (80٪ من الإسرائيليين و 92٪ من الفلسطينيين) قد ولدوا منذ بدء الاحتلال في نهاية حرب عام 1967. رئيس الوزراء بينيت (الذي ولد عام 1972 بعد خمس سنوات من بدء الاحتلال) وملايين الإسرائيليين الآخرين نشأوا أثناء الاحتلال واعتبروا الضفة الغربية ، أو يهودا والسامرة كما تسمي الحكومة الإسرائيلية الأراضي المحتلة ، أرضًا طبيعية امتدادا ً ل"إسرائيل" ما قبل الحرب. المحزن أنه بدلاً من تطوير علاقة أوثق على مر السنين بين اليهود الإسرائيليين والفلسطينيين والتعاطف مع مخاوف وتطلعات كل منهما ، استخدمت "إسرائيل" عن عمد إجراءات قمعية لم تؤد إلا إلى توسيع الهوة بينهما وزادت من كراهية وانعدام الثقة المتبادلة بينهما.
[2] مصطفى السباعي، هكذا علمتني الحياة،(القسم 1 و2) المكتب الاسلامي، بيروت، ط4 عام 1997م.
خالد الحسن، لكي لا تكون القيادة استبدادًا، ص6[3
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت