الغول: ما يجري في القدس يندرج في إطار محاولات حسم قضية القدس وتهويدها بالكامل
- دولة الاحتلال تسعى لاستنساخ تجربة الحرم الإبراهيمي وفرض مخططات التقسيم الزماني والمكاني على مدينة القدس
- المطلوب تكامل الأدوار بين ما يجري من مقاومة بالضفة وما هو قائم في قطاع غزة وفق رؤية وطنيّة تدير الصّراع مع الاحتلال
- يجب إحياء فكرة "القيادة الموحّدة للمقاومة الشعبية"، لإدارة المعركة مع الاحتلال في الضفة بالتّكامل مع الفعل من قطاع غزة
قال عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، كايّد الغول، إنّ "ما يجري في القدس وفي المسجد الأقصى من اقتحاماتٍ صهيونيّة متكرّرة، هو استكمالٌ لمشروعٍ تعمَل عليه حكومة الاحتلال منذ احتلال الأراضي الفلسطينيّة عام 1948، وهو حسم قضية القدس وتهويدها بالكامل بما في ذلك المسجد الأقصى."
وأضاف الغول في لقاء صحفي ، يوم الخميس، "العدو الصهيوني يستغل الوضع الرّاهن المنهار فيه النّظام الرسمي العربي، والذي تفاقم مع إقامة بعض أنظمته علاقاتٍ تطبيعيّة كاملة مع دولةِ الكيان، ثم في ضوء انشغال الوضع الدولي في الحرب الروسيّة الأوكرانيّة وعجزِ المنظماتِ الدولية عن إلزام "إسرائيل" بأيٍ من قرارات الشرعية الدوليّة، بما فيها تلك المتعلقة بمدينة القدس."
وأوضح الغول بأنّ دولة الاحتلال تستغل الظروف الرّاهنة من أجل حسم قضيّة القدس إلى أبعد مدى ممكن من حيث التهويد وتكريسها كعاصمة لها، وفي السّياق تسعى لفرض معادلة "حق المستوطنين بدخول الأقصى وإقامة الشّعائر الدينيّة"، كمحاولة لاستنساخ تجربة الحرم الإبراهيمي التي نجح خلالها العدو في فرض مخططات التقسيم الزماني والمكاني.
وخلال حديثه أكّد الغول على أنّ تصريح رئيس وزراء إسرائيل"نفتالي بينيت" الذي أعلن خلاله عن وقف اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى حتى نهاية شهر رمضان، جاء بهدف امتصاص ردود الفعل العربية والدوليّة، دون أن يلزم نفسه بوقف الاقتحامات للمسجد الأقصى بشكّل نهائي، لافتاً إلى أنّ إصرار المستوطنين على تنظيم مسيرة الأعلام الاستفزازيّة في مدينة القدس، استباحةً للحق والوجود الفلسطيني ويؤكّد تمسّك العدو بسياساته في تهويدها واستمرار العمل على فرض سيادته على المسجد الأقصى.
وفي السّياق ذاته، يرى الغول أنّ "ردود الفعل التي تصدر ضد انتهاكات الاحتلال المتصاعدة بحق شعبنا الفلسطيني وحقوقه، هي ردود فعل آنيّة لا يترتب عليها أي إجراءات عمليّة سواء من قبل المجتمع الدولي أو من قبل الدول العربيّة، والأهم ولا من قبل السلطة الفلسطينيّة التي كان عليها الإسراع بتنفيذ قرارات المجلسين الوطني والمركزي بشأن العلاقة مع دولة الكيان من حيث إلغاء الاتفاقيات الموقعة معها وسحب الاعتراف بها ووقف أي التزامات ترتبت عليها."
وشدّد الغول على أنّ "معركة القدس هي جزء من معركة شاملة مع الاحتلال، ويجب رغم أهمية قضية القدس ومركزيّتها، ألّا يتم اختزال المعركة معه فقط حولها"، مؤكّداً على ضرورة ربط اقتحامات الأقصى بسياسة إسرائيل القائمة على استكمال مشروعها الاستعماري في كل الأراضي الفلسطينيّة.
وتابع الغول: "يجب أن تحاط معركة القدس "بخصوصيّة" كما هو قائم، ثم ربطها في إطار المقاومة الشاملة للاحتلال في كل الأراضي الفلسطينيّة، وهذا بحاجة أولاً إلى تكامل أدوار بين ما يجري من مقاومة بالضفة وما هو قائم في القطاع وأن يجري ثانياً التعامل معها وفق رؤية وطنيّة متكاملة في إدارة الصّراع مع الاحتلال".
وأشاد الغول بردود الفعل الشعبيّة في القدس والضفة ومناطق الـ 48 "التي برهنت وجود وحدة موقف ميدانيّة أوجعت العدو"، داعياً لتشكيل لجان موحّدة للدفاع عن المسجد الأقصى، ولحماية كل البلدات والمدن والقرى الفلسطينيّة التي تشهد حالة تغوّل صهيوني على الحقوق الفلسطينيّة.
وطالب بضرورة إحياء فكرة "القيادة الموحدة للمقاومة الشعبية"، لإدارة المعركة مع الاحتلال في الضفة الفلسطينيّة المحتلة، بالتّكامل مع فعل من قطاع غزة وبما يعزّز من وحدة الشعب الفلسطيني وقواه في مقاومته متعدّدة الأشكال.
وشدد الغول على "ضرورة إنهاء الانقسام، الذي أضعف من توحيد المواقف والإمكانيات الفلسطينيّة المتاحة وزجّها في إطار رؤية وخطة مشتركة لمقاومة الاحتلال"، وتابع القول: "المطلوب في ظل هذا الواقع وحدة موقف، ووحدة قرار موقعي، ثم قراراً أوسع على صعيد الضفة بالتكامل مع قطاع غزّة ، وأن أي رد عسكري من القطاع يجب أن يخضع لقرار سياسي وفي ضوء تقدير يؤدي إلى أعلى نتائج ممكنة، بمعنى أنّه لا يجب التعامل مع ما يجري في القدس والضّفة بانفعالات وإنما يجب التعامل معه وفق رؤية نوظّف من خلالها ما يمتلكه الشّعب الفلسطيني من وسائل مقاومة في الدّفاع عن القدس وفي صد اعتداءات الاحتلال وقطعان مستوطنيه على كل مدن وقرى الضفة المحتلّة".
وفيما يتعلّق بالموقف الرّوسي إزاء "إسرائيل" الذي أقرّ بأنّها أقدم احتلال على وجه الأرض وتتجاوز الشرعيّة الدوليّة وقراراتها، يرى الغول أنّ هذا ينسجم مع السياسة الرّوسية العامة التي كانت تؤكد على حق الشعب الفلسطيني وتؤيدها في المحافل الدوليّة، مستدركاً "لكن برأيي تظهير هذا الموقف الآن بالطريقة التي جرت ووصف إسرائيل باعتبارها "أقدم احتلال" يرتبط بالموقف الإسرائيلي الذي عبر عنه وزير الخارجية "لابيد" بالتصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدّة لصالح تجريد روسيا من عضويتها في مجلس حقوق الإنسان، وتابع "من الواضح أنّ الموقف الإسرائيلي شكّل رد فعل عنيف عند روسيّا خاصة وأنّها قد تعاطت لسنوات مع دولة الكيان بشكل إيجابي من خلال اتفاقات عديدة والتنسيق المشترك في العديد من المجالات وبالتالي الموقف الإسرائيلي يشكّل السبب الرئيسي في تنظير الموقف الرّوسي إزاء دولة الاحتلال".
وشدّد الغول على ضرورة الاستفادة من الموقف الرّوسي الأخير -الذي يعزّز من مكانة الدّور الرّوسي التاريخي الدّاعم لنضال شعبنا الفلسطيني- والاستناد له في فضح كل الممارسات الصهيونيةّ القائمة على التوسع الاستيطاني وبناء المزيد من المستعمرات وتعميق الاحتلال والعمل على إنهاء أي حقوق للفلسطينيين.
وأضاف الغول: "للشعب الفلسطيني أصدقاء يمكن الاعتماد عليهم في تعزيز حالة الصمود لشعبنا، وفي مقاومة كل الضغوط التي تمارس عليه الآن من أجل استسلامه للرؤية الإسرائيلية سواء كانت من بعض البلدان العربيّة أو من أطراف دوليّة أخرى وخاصة الإدارة الأمريكيّة.
على صعيدٍ آخر، علّق الغول على خبر استدعاء دولة الإمارات للسفير الإسرائيلي لديها قائلاً: "اقتحام المستوطنين بحماية شرطة الاحتلال للمسجد الأقصى فضح كل الدعايات والادعاءات السابقة للبلدان التي طبّعت مع الكيان الصهيوني بحجة أنّ هدفها من وراء هذا التطبيع هو دعم القضيّة الفلسطينيّة، دولة الاحتلال اليوم صفعتهم جميعاً بما تقوم به من اقتحامات للأقصى وكشفت زيف ذرائعهم أمام الشعوب العربية والإسلاميّة".
وبحسب الغول، عكست إدانة الإمارات لاقتحامات المسجد الأقصى التي جاءت متأخّرة حالةً من التردد في اتخاذ الموقف، كما أنّها إدانة فرضتها الإجراءات الإٍسرائيليّة التي كان من الصعب تحمّلها أمام شعوبهم والشعوب العربية والإسلاميّة كافّة، خاصّة مع تنامي ردود الفعل على تصاعد الاقتحامات الإسرائيلية.