بركة في كلمته في مسيرة العودة الـ 25 يدعو الى نبذ جمعيات التدجين والصهينة التي تتسلل الى بلداتنا العربية، وبين أوساط بعض الشبان، لغرض تدجينهم وتجنيدهم ويقول: المشاركة في مسيرة العودة هي إشهار لهوية وطن تحاول الصهيونية سلبه، وانتحال هويته وتاريخه
قال رئيس لجنة المتابعة العليا محمد بركة، في كلمته في مسيرة العودة الـ 25 التي جرت يوم الخميس على أراضي قرية ميعار، بدعوة من لجنة الدفاع عن حقوق المهجّرين، إن "الحشود الشبابية التي تشارك في هذه المسيرة، تكسر مجددا رهان إسرائيل والحركة الصهيونية، على تشويش ذاكرتها، فها هي تؤكد اليوم على انتمائها وهويتها، لتواصل الطريق. "وحذر في الوقت نفسه من جمعيات "التدجين والصهينة، التي تحاول التسلل الى بلداتنا وبعض أوساط الشباب." وقال، إن المشاركة في مسيرة العودة هي اشهار لهوية الوطن، وكل واحد منكم يحمل ريشة ليستكمل لوحة الوطن الفلسطيني الذي تحاول إسرائيل أن تغتاله، وتغتال تاريخه، وتنتحل هذا التاريخ.
وافتتح بركة كلمته موجها التحية للجنة لجنة الدفاع عن حقوق المهجرين، التي تدأب منذ سنين طويلة على تنظيم هذه المسيرة، فالعودة الى هذه المسيرة بهذه الحشود، بعد فترة الكورونا، تشكل تحديا للخطاب الصهيوني.
وهذا اللقاء الأول الذي يجمعنا، من دون أحد أعمدة لجنة المهجرين، العم والأخ ابن بلدي صفورية، المناضل الملتزم أبو عرب، أمين محمد علي، فغيابه يلقي علينا مسؤوليات جسام، بأن علينا أن نحمل رايته، وأن لا تُنكّس أبدا راية العودة الحتمية، وكما كان يقول دائما، "إذا مش على وقتي على وقت أولادي، وإذا مش على وقتهم، على وقت أحفادي، وإذا مش اليوم بكرا، أو بعد بكرا، فالعودة ستكون والصهيونية ستُهزم".
وقبل ساعات من هذه المسيرة، انتقلت الى رحمة الله، المناضلة صبحية يونس، أم الأسير كريم يونس، التي كانت حاضرة في كل الميادين دائما في الدفاع عن حقوق الأسرى، وبإسم الحاضرين نعزي أهلها وابنها الأسير كريم يونس، عميد الأسرى الفلسطينيين، وعميد الاسرى السياسيين في العالم، إذ أنه في الأول من الشهر المقبل حزيران، ينهي عامه الـ 39 في السجون، ومنه تحية لكل الأسرى القابعين في سجون الاحتلال والظلم.
واليوم صباحا رأينا هذا المشهد الذي تكرر منذ احتلال القدس، وهو يتصاعد، وخاصة في شهر رمضان المبارك، رأينا جنديا وسخا يدفع امرأة في وقت الصلاة، وهذا ليس ظلما فقط، وليس تعديا وحسب، وإنما هذا نقيض كل شيء يمت للإنسانية والحضارة؛ فمن هنا، من مسيرة العودة في ميعار نرسل تحياتنا باسم شعبنا كله، الى القدس إلى المسجد الأقصى، إلى كنيسة القيامة، الى المرابطين والذين يشدون الرحال دفاعا عن القدس والمسجد الأقصى، الذي هو وقفٌ كامل خاص للمسلمين، ولا حق لأحد آخر فيه.
نضع الأمور في نصابها
وقال بركة، نحن في مسيرة العودة نضع الأمور في نصابها، هنالك تاريخ مزيّف، يستخدمونه لاختلاق تاريخ لهم، مثلما يسمون المسجد الأقصى، "جبل الهيكل"، وهم يحاولون أن يسموا الأماكن بغير أسمائها الاصلية، فتصبح صفورية "تسيبوري"، وميعار "ياعد"، وعمقا "هعيمق" والتسميات كثيرة.
يحاولون ليس فقط سرقة المكان، وإنما أيضا سرقة مسميات المكان وانتحال تاريخه، لذلك هذه المسيرة هي اشهار لروايتنا في مواجهة رواية الحركة الصهيونية، وقلناها في العام 1998، حينما تحتفل إسرائيل بما يسمى "استقلالها"، فهو رقص على خراب بيوتنا، ويوم استقلالهم هو يوم نكبتنا، ونحن لا يمكن أن نقبل العيش في وطننا إلا معززين مكرّمين، أبناء أوفيا لهذا البلد، لميعار وأخواتها، لفلسطين الوطن، فلسطين التاريخ، فلسطين الهوية، فلسطين الانتماء.
ونحن جئنا لنقول إن خلافنا مع الصهيونية ليس على متر زفتة ولا على متر كركار، نحن نختلف نواجه ونناضل ضد الحركة الصهيونية على وطن، على تاريخ وهوية، يحاولون انتزاعها واغتيالها.
إسرائيل وضعت قانونا لمنع احياء ذكرى النكبة، والقصد منع مؤسسات تتلقى تمويلا رسميا من تمويل احياء النكبة، فأولا نحن لا نحتاجهم، ولا نريد أي شيئا منهم، لتمويل إحياء النكبة، لأن النكبة لم تنته في العام 1948، بل هي مستمرة حتى يومنا، لكن إسرائيل سنّت قانون النكبة الحقيقي، بمعنى ان كل ما مارسته إسرائيل في العام 1948 من تهجير وقتل وهدم سنّته في قانون القومية اليهودية، لذا فإن هذا القانون الذي يلقي بالفلسطيني خارج التاريخ وخارج الجغرافية والانتماء، وانتهاك لغته العربية، ويقول إن القيمة العليا هي الاستيطان، فهو ليس قانون قومية ولا قانون هوية دولة، وإنما هذا قانون يضع النكبة في قانون رسمي لإسرائيل.
جزء لا يتجزأ من شعبنا
وقال بركة، نحن جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني، وهذه حقيقة غير خاضعة لأي نقاش، صحيح أن هناك خصوصيات نتيجة لأوضاعنا، وهناك أولويات نحددها من خلال هيئاتنا القيادية، سواء من لجنة المتابعة أو اللجنة القطرية للرؤساء، أو اللجان الكفاحية الأخرى.
لكن نحن لنا رأي، ونحن نقبل بأن يكون لأبناء شعبنا رأي فينا، ورأيُنا اليوم الذي نرسله من هذه المسيرة الجبّارة، هي انه قبل أن ندعو إلى انهاء الاحتلال، ندعو الى انهاء الانقسام، الاحتلال هو معركة مع المحتل، لكن الانقسام هو بأيدينا، نحن صنعناه، ونحن علينا ان نُهزمه، لذلك لن تقوم قائمة لفلسطين، ولقضية فلسطين إذا لم ينته هذا الانقسام، على الفور.
إننا نعرف أن هناك محاولات لكيّ الوعي العام لمجتمعنا وشعبنا، هنالك جمعيات، أسميها جمعيات الدجاج الأبيض، دجاج المؤن، جمعيات تسعى لتدجين أجيالنا الشابة، مرّة يسمونها جمعيات تعايش وأخرى عتيدنا وغيرها، وأدعو شبابنا الى بصق ولفظ هذه الجمعيات، لأنه لا مكان لأي جمعية تدجين في مجتمعنا، لا للتدجين ولا للتجنيد.
وحذر من الحملة المسعورة التي تشنها هذه الجمعيات على مجتمعنا، فهناك استكلاب وعلينا أن نكون متنبّهين، ودعا الأحزاب السياسية والسلطات المحلية العربية أن لا يمد أحد يده لمثل هذه الجمعيات، وأدعو بشكل خاص رؤساء سلطات محلية اندست في بلداتهم مثل هذه الجمعيات، لربما من دون ادراك وانتباه، أن يعيدوا حساباتهم، ويُخرجوا هذه الجمعيات من تلك البلدات، كما دعا حركات الشبيبة في الأحزاب بأن تقوم بدورها في محاربة واسقاط هذه الجمعيات.
وقال بركة، في هذه الأيام تمر على شعبنا في النقب سياسات مجرمة، ومن هنا نحن نرى حجم الدمار والاعتقالات، وتدمير المزروعات وتحريش الأراضي للسيطرة عليها، ومن مسيرة العودة نرسل تحية الجسم الواحد لأهلنا في النقب، فأنتم في الخط الأول، مزيدا من الصمود وكل شعبكم معكم.
من هنا من هذه المسيرة، وعشية الذكرى السنوية الأولى لهبّة الكرامة، نرسل تحياتنا الى كل المناضلين الذين سطّروا مأثرة هبة الكرامة في العام الماضي، ولكن نحيي بشكل خاص المدن الفلسطينية التي حاولوا اغتيال فلسطينيتها ودسوا فيها كل الموبقات وحطموا جهاز التعليم فيها من أجل تغييب هويتها، لكن هذه المدن في كل اختبار تنجح بامتياز في امتحان فلسطينيتها، فتحيّة الى يافا واللد والرملة والى حيفا وعكا، هذه المدن لها اسم ولها تاريخ ولها مستقبل أيضا.
وقال بركة، نحن لا ندعو أحدا للخروج من الحكومة الحالية، لأنه لم يكن من الجدير بأحد أن يدخل الى هذا المستنقع الآسن، بالأساس، لكن بعدما كل ما رأيناه في الأسابيع الأخيرة، وانتهاك حرمة المسجد الأقصى، نحن نعتقد بأن هنالك ضرورة للتمسك بالثوابت والوحدة الوطنية، على أساس الثوابت، لأن الوحدة ليست صلحة عشائرية، وإنما أن لا تكون شريكا في حكومة صهيونية يمينية متطرفة، لذلك نحن لسنا في خيار بين بينيت ونتنياهو، نحن خيارنا هو أن نتمسك بشعبنا وقضايا شعبنا في مواجهة بينيت ونتنياهو، وهذا هو المعيار الوحيد.
وختم بركة قائلا، اليوم نحن في ميعار، وفي العام المقبل سنكون في قرية أخرى على موعد مع العودة، فتحيّة للأجيال الشابة المتدفقة على هذه المسيرة، هذه الأجيال التي راهنت إسرائيل على ذاكرتها، وهي تخسر الرهان، فعاشت فلسطين وعاش الشعب الفلسطيني.